يحتفل العالم اليوم بعيد الحب يتبادل الناس الورود والهدايا ويرسمون علي الكروت القلوب الحمراء ويهدي كل حبيب حبيبه دبدوبا ويتمنون جميعا أنه يدوم يوم الحب يعم السنة كلها. ولكن يجيئ عيد الحب علينا هذا العام ونحن نتبادل فيه التراشق بالحجارة وزجاجات المولوتوف الحارقة وتتحول الشوارع والميادين الي مهرجانات لسفك الدماء وإشعال الحرائق واقتحام المباني والمنشآت الأمنية والحكومية وبدلا من إهداء الدباديب والقلوب والورود نهدي العنف والقتل والجروح بعضنا لبعض وتتحول فرحتنا بعيد الحب الي مأتم كبير وأحزان ودموع ونحن نشيع جنازات شبابنا الذين سقطوا ضحايا تحول مسيرات الثورة السلمية التي تحولت بفعل فاعل وبنفس السيناريو المنظم والمخطط والمتكرر دائما بنفس المشاهد وبنفس الأسلوب وبنفس القلة المندسة والميليشيات المسلحة التي تنجح دائما في إحداث الوقيعة بين الثوار وقوات الأمن الذين يقعون أيضا دائما في نفس الفخ فيقذفون المسيرات بخراطيم المياه ثم القنابل المسيلة للدموع ويتحول كالعادة أيضا المشهد الحزين والمؤسف الي حرب عصابات وشوارع وإرهاب يتقهقر أمامها كل مشاعر الحب والإخوة والوطنية بين المصريين سواء كانوا من المتظاهرين أو قوات الأمن أو حتي البلطجية أنفسهم لأنهم جميعا من أبناء مصر رغم أن الخلاف في الرأي بينهم تعملق وكبر وتحول إلي اختلاف عدائي جعلهم أشبه بالشياطين الذين نسوا أنفسهم ونسوا ذكر الله وكفروا بمصريتهم وأهم ما نسوه أن مصر تحترق أمامهم والشعب يقتل ويجرح بأيديهم يوميا حتي أننا جميعا أصبحنا نكره المسيرات والمليونيات لكثرة هذه الأحداث الدامية التي تظهرنا أمام العالم كله أننا شعب همجي بلا إرادة وبلا إدارة وبلا أمل في الاصلاح وأن مطالب الثورة المجيدة رغم مرور عامين عليها مازالت تبحث عن مستجيب لها أو من يستطيع تحقيقها. إننا نتمني في يوم الحب أن نعود جميعا الي رشدنا وأن نحاول جاهدين أن نري ماذا حدث في مصر ويحدث فيها الآن و أن نجيب عن سؤال واحد محدد كيف تركنا مصر لهذا المصير الأسود لماذا رضينا أن تتوقف عجلة الانتاج في معظم مصانعنا وأصبحنا عاطلين بلا عمل ولماذا نوافق علي أن نستجدي ونمد أيدينا للخارج طلبا للمساعدة لنجد ما نستطيع ان نأكله من يقول إن مصر بمساحتها هذه ومواردها الطبيعية العظيمة ترضي أن نستورد 80٪ من غذائها من الخارج وننسي أن من لا ينتج غذاءه لا يملك كرامته ولا حريته لقد ضاع بيننا الأمن بكل معانيه والاستقرار بعد أن بدأ الانهيار الملحوظ يصيب اقتصادنا ويلاحق لقمة العيش مما أدي الي وقف الحال في التجارة والزراعة وحتي السياحة التي كنا نراها بل العالم كله يؤكد أيضا أننا كنا نتربع علي قمتها لما نمتلكه من آثار ومقاصد سياحية ومناخ طبيعي علي مدار العام وشواطئ خلابة تأسر قلوب وعقول السياح ولكنها أين هي الآن أصبحت كالرجل المريض بلا حراك باحثا عن شفاء سريع ليقوم من كبوته ويا ليت الأمر وقف عند هذا الحد بل أصبحنا علي أرض النيل ولأول مرة في حياتنا نعيش حالة الأناسام والتخوين والصراع السياسي الأعمي علي المناصب والمقاعد القيادية وأصبح من العسير علينا أن يعود لواقعنا السياسي الوفاق أو الاجتماع علي كلمة واحدة بل أصبح العناد والكراهية والاتهامات المتبادلة والهجوم الشخصي بين جميع القوي السياسية في صفوف المعارضة أو السلطة الحاكمة هي محور الحديث الأطرش الذي لا يسمعه أحد ورغم أن الجميع في مصر يعلم أننا وصلنا لنهاية النفق الأسود المظلم المسدود وأن الحل الأمثل للخروج منه هو الحوار والجلوس علي مائدة المفاوضات شريطة أن تكون النوايا حسنة وأن يعلم الجميع أن لا وقت للاختلاف أو الفرقة وإلا فعلينا السلام .