لابد أن نعترف بالخطأ الفادح الذي وقعنا فيه كمجتمع ودولة بكل ما يضمه المجتمع والدولة من مثقفين ومفكرين وسياسيين ومسئولين، والذي اكتشفناه وفوجئنا به خلال الأحداث المفجعة والمأساوية التي وقعت خلال الأيام القليلة الماضية في المنطقة المحيطة بمجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشوري، والشوارع المؤدية إليها، وبعدما كنا شهودا عليه من جرائم عنف واعتداء علي الممتلكات العامة والخاصة، وما روعنا جميعاً من عمليات حرق متعمد ومقصود لقلب القاهرة، ومراكز ومباني التراث الحضاري لمصر وللبشرية، ممثلة في المجمع العلمي المصري. بل الأكثر من ذلك، لابد أن نعترف جميعاً بأننا ارتكبنا جريمة فادحة في حق هذا الوطن، بصمتنا المخزي وتجاهلنا المعيب لقضية أو كارثة أطفال الشوارع، التي تركناها تنمو وتتصاعد بين جنبات المجتمع دون إدراك منا بالخطر القادم، الذي تقوم به، ودون وعي بأن تلك جريمة في حق هذا الوطن، بالإضافة لكونها مأساة إنسانية، كان لابد من علاجها قبل أن تتحول الي مرض عضال ينهش في قلب المجتمع ويؤدي الي هلاكه. الآن، وبعد أن حدث ما حدث، ورأينا أطفال الشوارع هؤلاء الذين أهملناهم طوال السنوات الماضية، وتركناهم بلا رعاية، وبلا أسرة، وبلا تعليم، وبلا سكن، وبلا إحساس بالشفقة والرحمة، وحرمناهم من جميع الأسباب والدواعي لحب الوطن أو الإحساس بالامتنان والحب للناس والمجتمع، أو الانتماء لشيء،..، الآن ندرك مدي الخطأ الذي وقعنا فيه جميعاً، وفداحة الجرم الذي ارتكبناه. أقول ذلك بعد أن تحول أطفال الشوارع الذين أصبحوا الآن صبية وشبابا الي قنابل موقوتة وقابلة للانفجار في كل وقت، وأصبح هناك من يستغلها لإحراق مصر، وإثارة الفتنة والفوضي في كل مكان. وأقول داعيا الدولة والمجتمع بكل المسئولين فيه، وكل المؤسسات، والنخب، والهيئات الثقافية والسياسية والفكرية، وجميع المؤسسات العلمية والجامعية، وكل خبراء الاجتماع، لبحث هذه الظاهرة الخطيرة، ووضع خطة عاجلة، وأخري طويلة المدي للتعامل مع هذه الكارثة، وذلك الخطر، وأعتقد أيضا أن المؤسسة الدينية لها دور أساسي في هذه القضية، في إطار روح التكافل الاجتماعي والإنساني الذي تدعو له كل الأديان. اللهم إني قد أبلغت، اللهم فاشهد. ونواصل غداً إن شاء الله.