محمد بركات الأمانة تقتضي الاعتراف بأن القول بتوقع قبول ورضي جميع الفرقاء من القوي السياسية والحزبية الفاعلة علي الساحة الآن، لأي قرار تتخذه محكمة القضاء الإداري بشأن حل أو بقاء الجمعية التأسيسية المكلفة بإعداد الدستور، والمطعون في صحة تشكيلها أمام المحكمة، هو قول في غير محله، وتوقع في غير أوانه. وبعد الذي جري من مشادات ساخنة في قاعة المحكمة أول أمس، خلال نظر القضية، بات واضحا، أن هذا القول وذلك التوقع يحمل في طياته الكثير من حسن الظن، الذي لا يتفق للأسف مع الواقع المر الذي نعيشه الآن، في ظل الصراع المحتدم بين الفرقاء السياسيين، وحالة الاستقطاب القائمة علي الساحة حاليا، ومنذ فترة ليست بالقليلة. واحسب اننا جميعا نشهد الآن، التداعيات الناجمة عن حالة الاستقطاب هذه، والتي بدت واضحة في الانقسام القائم حاليا بين القوي والأحزاب إلي كتلتين متصارعتين، احداهما لتيارات الإسلام السياسي من الإخوان ومؤيديهم، والأخري للتيارات الليبرالية واليسارية ومؤيديهم،...، وهذا واقع لا يبشر بالخير، ولا يدعو للتفاؤل. ولعل ما حدث في ميدان التحرير من صدام عنيف بين أفراد ومجموعات من الجانبين، خرج عن نطاق الحوار وتبادل الآراء، إلي التشابك، والاعتداء بين الفصيلين، هو المثال السيئ لما يمكن أن تتطور إليه الأمور، وتتداعي إليه الأحداث في ظل غياب الحكمة، وغيبة الوعي بالأخطار الناجمة عن استمرار حالة الاستقطاب والانقسام هذه، وتصاعدها، بما يهدد بنشر الفوضي وتقويض محاولات النهوض وبناء الدولة. وما يجب أن يكون واضحا لجميع القوي والفاعليات السياسية والحزبية، المتواجدة علي الساحة، سواء كانت من الإخوان أو السلفيين أو الليبراليين أو اليسارين أو غيرهم، ان مصر الآن تحتاج إلي جهد الكل، وعمل الكل، وأفكار واجتهادات الكل، من أجل الخروج من الحالة التي هي عليها الآن اقتصاديا وسياسيا، والتي بالقطع لا تسر أحدا علي الإطلاق. والسؤال الآن: هل يحدث ذلك أم تستمر حالة الإنقسام والاستقطاب؟!