محمد بركات في قضية الصراع المحتدم والخلاف المشتعل بين القوي والفاعليات السياسية المتواجدة علي الساحة، والتي تؤثر بالسلب علي المناخ السياسي العام والسائد الآن، بما تشيعه من قلق وتوتر لدي عموم المواطنين لا بد أن نقول، ان هناك عدة أطراف مسئولة ومشاركة بالفعل ورد الفعل في تصاعد هذا الصراع، وارتفاع حدته، بل وتفجره. وفي هذا الإطار، بات مؤكدا أن السبب الرئيسي وراء شيوع حالة القلق والتوتر وتصاعدها، يعود في أساسه الي حالة الانقسام والاستقطاب الواضحة والقائمة حاليا بين القوي السياسية، حيث جماعة الإخوان المسلمين والمتآلفون معها من السلفيين والأحزاب ذات المرجعية الدينية في جانب، والإحزاب والقوي الليبرالية واليسارية ودعاة الدولة المدنية في جانب آخر. وفي هذا الصراع يتبادل الطرفان الاتهامات، ويلقي كل طرف التبعة علي الآخر في ارتفاع حدة القلق والتوتر في المجتمع، في الوقت الذي كان يتوقع فيه الجميع انخفاض هذه الحدة، بل وزوالها بالكامل، والجنوح الي الاستقرار فور انتهاء الانتخابات الرئاسية، وتولي الرئيس مسئوليته ومهامه نهاية الشهر الماضي. وفي ذلك يتهم فصيل الإخوان ومن معهم، الفصيل الآخر بإثارة المشاكل والعقبات، وزيادة القلق والتوتر العام، لمحاولة إعاقة عمل الرئيس وهز مكانته، وعدم تمكينه من النجاح وتحقيق أهدافه،..، بينما يتهم دعاة الدولة المدنية، فريق الإخوان ومؤيديهم بالسعي لأخونة الدولة، وإعادة هيكلة كل مؤسساتها وسلطاتها وفقا لمنهجهم ورؤيتهم، وانهم يستغلون سلطة الرئيس في ذلك، ويدفعونه في هذا الاتجاه. وإذا ما توخينا الموضوعية، وهو ضروري، فلابد ان نقرر مسئولية الطرفين عما نحن فيه الآن، من توتر وقلق وغيبة للاستقرار، وذلك نظرا لاصرار كلا الطرفين علي الاستمرار في الخلاف وحالة الصدام القائمة بينهما، وسعيهما الدائم لرفع حدة المواجهة والصدام، وعدم ادراكهما للحقيقة المؤكدة التي تشير الي عبثية ذلك، وعدم جدواه، وذلك نظرا لاستحالة انتصار أي منهما فيه، وعدم وعيهما بأن الخاسر المؤكد هو الدولة والوطن. وفي اطار الموضوعية ايضا، لابد ان نقرر أن مسئولية فصيل الاخوان ومن معهم هي الأكبر والأعظم في هذه القضية، نظرا لعدم إدراكهم الواعي بضرورة وأهمية السعي الجاد للم الشمل وتوحيد الصف، ونزع كافة أسباب الخلاف والانقسام والاستقطاب بين القوي، بالعمل المكثف والسريع والصادق لإزالة عوامل الشك، وأسباب عدم الثقة التي تولدت لدي الآخرين تجاههم. وفي ذلك، لابد أن يسلك الاخوان وحزب الحرية والعدالة ومن معهم مسلك السعي الي مشاركة حقيقية وواضحة ومعلنة مع كافة القوي والأحزاب الأخري في كافة الأمور وذلك لإزالة شكوك الجميع في رغبتهم للتكويش والسيطرة والانفراد بكل مقاليد السلطة. ويتطلب ذلك أيضا وقف كافة مظاهر استعراض القوة وعمليات الضغط المستمرة بالحشد في الميادين، وحول المحاكم، في كل مناسبة يتصورونها متاحة لرفض قرار أو حكم قضائي، أو محاولة الحصول علي مكسب أو مغنم، دون النظر لقانونية ومشروعية ذلك، وبالتجاهل وعدم الوعي التام بأن هذه التصرفات وذلك الحشد قد تحول الي ظاهرة مثيرة للاستياء ومدعاة للقلق لدي عموم الناس، فضلا عما تثيره من سخط لدي الجميع، وما تسببه من ردود أفعال عكسية لدي القوي الأخري، بالإضافة الي ما تشير إليه من جنوح لتغييب الشرعية والقانون.