ما حدث في أزمة النائب العام يطرح تساؤلات متعددة: هل نحن في دولة مؤسسات تحترم القانون والفصل بين السلطات واحكام القضاء؟ وهل تريد مؤسسة الرئاسة أن تكون صاحبة السلطة المطلقة وتظل تنفرد باتخاذ القرار؟ وهل هناك إصرار علي التدخل في السلطة القضائية وربما التغول علي بقية السلطات.. مستقبلا؟ تساؤلات مشروعة، وخاصة ان قانون السلطة القضائية لا تمنح لرئيس الدولة سلطة عزل النائب العام، واذا اعطي الرئيس لنفسه هذه السلطة فان دور النائب العام سيقتصر علي تنفيذ توجيهات الرئيس. ومؤسسة الرئاسة تعرف كل شيء عن قانون السلطة القضائية، ومع ذلك.. فانها لم تكن السابقة الاولي التي تتعدي فيها هذه المؤسسة علي القضاء المصري، فقد سبق ان قررت إعادة مجلس الشعب رغم حكم المحكمة الدستورية العليا باعتباره معدوما. واغرب الاشياء.. انه بعد 48 ساعة من تفجير الازمة، يصرح المسئولون بأن كل ما حدث هو »سوء فهم«! وانه ليس صحيحا ان الرئاسة أقالت النائب العام (!) بل ان الامر كله تحول الي مهزلة عندما اعلن المستشار مكي، نائب الرئيس، ان الاعلام هو المسئول عن افتعال الازمة، لانه جعل الشعب يسيء فهم القرار (!) وهكذا يصبح الإعلام.. هو كبش الفداء في كل الاحوال! والحقيقة أن مدير مكتب رئيس الجمهورية كان واضحا وقاطعا في إعلان الخبر امام وسائل الاعلام، واستخدام عبارة »إقالة النائب العام«. وفيما يشبه الهرولة، سارعت قيادات الجماعة الحاكمة الي تقديم التبريرات لقرار »الاقالة« مع تجاهل تام لحقيقة ان النائب العام لم يقدم استقالته، ومع تجاهل تام لحقيقة ان النائب العام لم يقدم استقالته، ومع تجاهل تام لحقيقة ان المنصب محصن وان من يشغله غير قابل للعزل، ومع تجاهل كامل لحقيقة انه اذا رشحت الرئاسة سفيرا في دولة ما، فانه لا يصح تعيينه إلا بعد قبول الدولة المعنية وموافقتها علي هذا الترشيح. كيف يكون كل ما حدث هو مجرد »سوء فهم« اذا كان المستشار القانوني لرئيس الجمهورية يصرح بأن وزير العدل هو الذي يتحمل مسئولية ما حدث؟ بل ان هذا المستشار القانوني نفسه سبق أن اكد لنا أن النائب العام وافق علي الاستقالة - وهو ما لم يحدث - وان الرئيس اتخذ القرار من أجل »تجديد الدماء في مؤسسات الدولة«! وفي نهاية المطاف نسمع من نائب الرئيس ان النائب العام لم يستقل ولم تتم إقالته!! ما حدث يجب ألا يمر مرور الكرام، وانما يحتاج الي ايضاح حاسم وقاطع حول موقف الرئاسة من السلطة القضائية، وهل ستفكر الان في اجراء تعديلات في قانون هذه السلطة لكي تطلق يدها - يد الرئاسة -، كما يحتاج الي إعادة نظر في الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها الرئاسة الان، والتي تدفع الي إصدار قرارات غير مدروسة تحدث اضطرابات في كيان ومؤسسات الدولة بين وقت وآخر. كلمة السر: إنهاء تغول السلطة علي بقية السلطات.