محمد الشماع طبقا لما ذكره عاطف المغاوري عضو مجلس الشعب المنحل انه وهو في طريقه إلي قناة الجزيرة مباشر شاهد زحاما في ميدان التحرير، وأثناء مروره بجوار هذا الحشد صاح احدهم مشيرا إليه هذا هو عاطف المغاوري فاندفع إليه حشد من الناس يفوق المائة محاولين الفتك به، وبالفعل مزقوا ثيابه، وهرع بعض أولاد الحلال من أصحاب العقارات لإنقاذه وأدخلوه إحدي العمارات وأغلقوا الباب الحديدي وظل قرابة الساعة محبوسا، بينما الحشد الغاضب يسيل الانفعال من اشداقهم يتحينون الفرصة للانقضاض عليه للفتك به. وفي ظل هتاف مدوي يتهم المغاوري بأنه من الفلول ومن الكفرة، ولم يستطع المغاوري مغادرة مكمنه إلا وسط حلقة بشرية تطوعت للإحاطة بالرجل وإخراجه مشكلة قوقعة لحماية روح الرجل، وحينما أوقفوا له سيارة تاكسي اندفع البعض لإخراج المغاوري من السيارة التاكسي لقتله! لقد تكرر هذا المشهد مع اختلاف طفيف في التفاصيل مع أبوالعز الحريري والمهندس حمدي الفخراني، وكل تلك المشاهد تعيد إلي الذاكرة أحداث مقتل جان دارك أو أحداث مقتل الساحرات أو المهرطقين التي كانت تتم في العصور الوسطي، حيث كان يتم حشد وتهييج الغوغاء باسم الدين من أجل قتل من يتهمه رجال الدين بالهرطقة، وذلك واقع مؤلم وموجع علينا ان نتشفع به ليل نهار، تهاجم الرموز الوطنية تهدر دماؤها وها هو حشد الغوغائية يساق مرة أخري باسم الدين من أجل قتل النفس التي حرم الله قتلها. فهل انتهت ثورتنا العظيمة هذه النهاية المفجعة، وهل نستطيع أن نبريء أنفسنا من خطيئة الانحدار إلي هذا المستوي، وأين هي الأحزاب التي ترفع شعار النور والحرية والعدالة، فأي حرية وأي عدالة تلك ولماذا صمتت القيادات التي تقود تلك الأحزاب عن الاعتداء الغاشم الذي أصاب المغاوري والحريري والفخراني.. ألم يدافع الثلاثة عن حقوق الشعب المصري فخاض المهندس حمدي الفخراني أمام القضاء معركة قانونية أثبت فيها بطلان عقد مدينتي وفضح فيها أوجه فساد النظام السابق؟! ألم يقض المغاوري والحريري سنوات من عمرهما اسيرين في سجون النظام السابق، كانوا رموزا للمعارضة الوطنية الشريفة، بعد كل هذا يتهمون هذه الاتهامات التي تفارق العقل والمنطق وأن يهاجموا بهذه الطريقة التي تعكس أسوأ وأفسد أشكال البلطجة وقلة الحياء وانعدام الوعي الوطني، هل هان علينا وطننا وهانت علينا ثورتنا حتي ننحدر إلي هذا المستوي من قمع المخالفين في الرأي؟! أليس السيناريو الذي رواه عاطف المغاوري يعكس حالة من الخلل المرضي ومن التوحش الذي يشبه إلي حد بعيد تلك الوحشية التي اتسمت بها العصور الوسطي التي اتخذت من الدين سيفا تقطع به رقاب العباد عند كل شك أو شبهة؟! إن ما حدث في ميدان التحرير ليس مجرد حادثة عابرة، ولكنه ينذر بالسوء، ويدشن عهدا من البلطجة السياسة ويصادر - لوسكتنا له - سوف يصادر وإلي الأبد أي انجاز لثورة 52 يناير التي انفجرت في وجه الاستبداد مطالبة بالحرية كي تنتهي إلي أسوأ اشكال الاستبداد والقمع في ظل تواطؤ من القيادات السياسية التي يبدو أنها لا تشعر بخطورة هذا الذي تم في ميدان التحرير، الأمر لا يمكن السكوت عليه بأي حال من الأحوال لأن الخلاف السياسي لم يكن أبدا دافعا للضرب أو تمزيق الملابس أو الفتك بالأرواح! ومن عجب ان هذا الاعتداء يحدث من فئة محسوبة علي تيارات نجحت في الانتخابات وتتأهب لتشكيل الحكومة أي انها لم يقع عليها اضطهاد ومع ذلك فإن مجرد استشعارها بالقوة دفعها لهذا السلوك الهمجي الذي أخشي أن يكون مقدمة لوقائع مشابهة أو أن يكون بداية لعصر تسقط فيه بالفاشية التي ترفع رداء الدين البرقع عن وجهها كاشفة مدي التناقض بين القول والفعل بين الحرية والعدالة وبين تصفية الخصوم السياسيين وإهدار دمهم! أما نحن الكتاب فإن مصيبتنا أعظم فنحن لا نملك من مهارات الدنيا إلا كتابة رأي أو التعليق علي حدث، فكيف نستطيع أن نعبر عن رأينا في ظل هذا الإرهاب الفاشي الذي يمزق الملابس ويحطم العظام ويسحق الروح! إنني أطالب القائمين علي حزب الحرية والعدالة وحزب النور السلفي باعتبارهما الآباء الشرعيين للجماعة المحتشدة في ميدان التحرير وأطالبهم بتحقيق عاجل مع هذه العناصر التي فهمت ان الدعوة للاحتجاج السلمي هي أمر بالقتل ضد الآخر الذي لم يسارع بإبداء الولاء أو تقديم البيعة! سلمت يا عاطف المغاوري وسلمت يا أبوالعز الحريري وسلمت يا فخراني، وسلم كل نبت طيب انبته هذا الوطن واللعنة علي القتلة وتبت ايديهم التي ضربوا بها عاطف وأبوالعز والفخراني.