جلال دويدار من حق قطاعات كبيرة من جماهير الشعب المصري التي اصبحت فريسة للمعاناة في حياتها وأمنها ان تساورها الشكوك فيما يدور حولها. كل الظواهر والملابسات والتطورات تجعلها تؤمن بأن هناك مخططا متعمدا كي لا تستعيد مصر انفاسها خاصة ان كل التحركات علي الساحة السياسية تتجه نحو تكريس حالة الفوضي وعدم الاستقرار. في هذا المجال فإن اصابع الاتهام لابد وان توجه الي تلك الجهة او الجهات التي تقود الامور الي هذا الوضع المقلق والذي تؤكد الدلائل ارتباطها بنزعة الجشع والنهم المتطلع الي التكويش علي كل السلطات تحت حجج ومبررات تخضع للنقاش والمراجعة. ان نجاحهم في الوصول الي هذا الهدف يعني اغلاق الباب تماما امام تحقيق الديمقراطية التي يتمناها الشعب ويتطلع اليها. هذا الهدف قامت من أجله ثورة 52 يناير قبل اختطافها ووقوعها ضحية لاكبر عملية تواطؤ لصالح تيار بعينه. السير في هذا الطريق يشير إلي اننا نتجه بالفعل نحو استنساخ حزب وطني جديد وهو ما يعني طي صفحة مبادئ واهداف الثورة. ان أسوأ مظاهر هذا المخطط يبدو واضحا وجليا في اعادة فرض الوصاية علي الشعب التي اعتقدنا انها سقطت بنجاح ثورة 52 يناير.. هذا الانحراف تمثل ايضا في عملية تخليق القوانين الاستثنائية التي تضرب عرض الحائط بالعدالة وحقوق الانسان وحتمية الالتزام بمعايير المحاسبة القضائية قبل توجيه الاتهامات وتوقيع العقوبات غير المشروعة. هذا السلوك يفضح الرغبة في خدمة مصالح واهداف مريبة بما يكشف عدم الثقة في وعي الشعب ومصادرة حقه في اختيار ما يريده. ومن اجل استكمال مخطط الاستيلاء علي مقدرات مصر تواصل جماعة الاخوان المسلمين ومن خلال أغلبيتها في مجلس الشعب وغياب المسئولية الوطنية خطواتها لتعظيم مناخ الفوضي وعدم الاستقرار. في هذا الاطار تسعي هذه الجماعة بكل السبل الي اسقاط حكومة الدكتور الجنزوري رغم ادراكها بأن وجود هذه الحكومة مرهون باتمام عملية انتخاب رئيس الجمهورية بعد اسابيع قليلة الا اذا كانت الجماعة متورطة في مؤامرة لتأجيل هذا الانتخاب. انها في نفس الوقت تتجاهل عدم أحقية مجلس الشعب في تعيين الحكومة أو اقالتها وفقا للاعلان الدستوري وان هذا الحق منوط فقط بالمجلس الاعلي للقوات المسلحة. التفسير الوحيد لهذه المحاولات اذا اسقطنا فكرة التآمر علي الانتخابات الرئاسية يدور حول توجهات محددة يمكن تلخيصها فيما يلي: 1- استكمال دائرة الاستيلاء علي السلطة التنفيذية مدفوعة بنجاحها في الهيمنة والسيطرة علي السلطة التشريعية. 2- عدم اعطاء فرصة للحكومة في تحقيق اي نجاح لاصلاح اوضاع مصر الاقتصادية خاصة بعد ما حققت من نجاح. 3- السعي لاستمرار الجدل الذي يقود الي فراغ السلطة في البلاد مما يؤدي الي تواصل مسلسل الفوضي وعدم الاستقرار الذي تجد نفسها فيه. 4- التغطية علي ازمة اللجنة التأسيسية للدستور خاصة بعد الحكم القضائي بابطال سوء استخدام المادة 06 من الاعلان الدستوري في اختيار اعضاء هذه اللجنة. 5- غموض موقف الجماعة والاستناد إلي مبررات واهية فيما يتعلق بتغيير رأيها الذي كان مؤيدا وداعما لحكومة الجنزوري وتحول الي مهاجمتها. 6- التورط في تمثيلية اسقاط الحكومة علي الرغم من علمها اليقين بأن مجلس الشعب الذي يتحرك بأوامرها لا يملك هذا الحق وفقا للاعلان الدستوري.. ان ما تشهده الساحة هو تكريس لتيار التخبط وعدم المصداقية الذي تقوده جماعة الإخوان في كل مواقفها. ان اخشي ما اخشاه ان يكون كل ما يحدث يستهدف تصفية الحساب مع مصر واستقرارها وليس مع النظام السابق الذي سقط بلعنة الفساد والتوريث.