استطاع القس الامريكي الذي يقدم مواعظه في كنيسة لا يبلغ اتباعها خمسين شخصا ان يجذب انظار العالم كله بدعوته الحمقاء الي حرق المصحف الشريف في ذكري الحادي عشر من سبتمبر مدعيا ان الذين قاموا بهذا العمل انما يتبعون تعاليم القرآن التي تحض علي الارهاب، وتشجعهم عليه. والملاحظ ان ردة الفعل في العالم المسيحي نددت علي نحو واسع بهذا العمل الأخرق، وان كانت الولاياتالمتحدةالامريكية قد ربطته بالخوف علي جنودها المتواجدين في بلاد إسلامية مثل باكستان وأفغانستان والعراق!! لكن الفاتيكان رفض بشدة واستنكر، وكذلك بعض قادة الدول الاوروبية، أما ردة الفعل الاسلامي الاقوي فقد جاءت من اندونيسيا الذي طالب رئيسها الرئيس الامريكي بايقاف هذا القس الطائش عند حده، ولست أدري لماذا سكتت ايران تماما، وكذلك الحال بالنسبة لمعظم البلاد العربية التي صدمتها المفاجأة فيما يبدو، وكنت أتوقع من المملكة العربية السعودية رد فعل قويا وكذلك من مؤسسة الأزهر الشريف عندنا. علي اية حال ان هذا الاعلان الطائش والمتهور عن إحراق المصحف قد ترك لدي كل مسلم في العالم، والعدد يتجاوز المليار وثلاثمائة نسمة مرارة وحزنا وأسفا.. وهو يدل علي ان العدواة السياسية مهما بلغت بالغرب ضد المسلمين فينبغي ان تلتزم باحترام العقائد والمقدسات، والا اصبح الامر فوضي، واصبح من المسموح به ان يتبادل الطرفان نفس الاسلحة ويهبطان معا الي نفس المستوي. لكن الاسلام يمنع المسلمين من احراق كتب العقائد المخالفة له، ويدعوهم الي ان يتعايشوا معهم بالحسني، وألا يردوا علي السفهاء بنفس افعالهم. لكن ماذا ينبغي علي المسلمين ان يفعلوه؟ أولا ان يدركوا جيدا ان الله تعالي الذي انزل القرآن الكريم قد تكفل بحفظه الي يوم الدين وثانيا: ان ينتبهوا دائما لكل محاولات تشويه الاسلام بسبب تصرفات بعض أفراد منهم لا يفهمون جيدا روح الاسلام ولا اهدافه الحقيقية، وثالثا: ان يستمروا في بيان الوجه الصحيح والمفهوم المتكامل للاسلام بالصورة العصرية التي تدخل قلوب الناس وعقولهم، ورابعا: ان يقدموا القدوة من خلال أفعالهم للمسلمين الحقيقيين الذين يعملون لخير الدنيا والاخرة.. واخيرا ان يتعاملوا مع امثال هذا القس الاخرق بالحكمة والموعظة الحسنة وان يطالبوه بحوار حضاري ومفتوح امام العالم كله لكي يدرك انه أخطأ أو يظهر انه حاقد متعصب.