شهدت البورصة المصرية تباينا واضحا فى أدائها خلال عام 2013 الذى شارف على نهايته بالمقارنة مع عام 2012 الذى كان عاما إيجابيا إلى حد بعيد، لاسيما وأن مؤشر السوق الرئيسى شهد خلاله ارتفاعات قوية وإن لم تخرج عن كونها حركة تصحيحية لأعلى لتعويض جانب من خسائره الكبيرة التى تعرض لها فى عام 2011 أحد أسوأ أعوام البورصة المصرية على مدار تاريخها، وهو ما بدا جليا فى ارتفاعه من مستوى ال3622 نقطة حتى مستوى ال6024 نقطة، محققا نسبة ارتفاع قاربت على ال66% وهى التى اعتبرت فى حينها الأعلى بين بورصات العالم أجمع. أما عام 2013، فقد شهدت البورصة خلاله حركة هبوطية مع النصف الأول منه تأثرا بالضغوط الاقتصادية وحالة التخبط التى كانت قد شهدتها حكومة الدكتور هشام قنديل فى تلك الفترة ومحاولاتها المستميتة فى إرضاء صندوق النقد الدولى للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار، وقد أسفرت تلك المحاولات عن تعديلات ضريبية لاقت رفضا شعبيا على المستوى العام، ونذكر منها على سبيل المثال رفع الضرائب على 50 سلعة أبرزها كان الحديد والسجائر، وكذلك ضريبة الدمغة والتى كان لها أثر غاية فى السلبية على أداء السوق، الأمر الذى دفعها للتحرك كما سبق وأشرنا بشكل هبوطى، فبعد أن بدأ مؤشر السوق الرئيسى EGX30 عام 2013 عند مستوى ال5462 نقطة، وصل مع نهاية يونيو إلى مستوى ال4479 نقطة قبل أن يغلق مع نهايته قرب مستوى ال4750 نقطة محققا نسبة تراجع قاربت على ال13%، وأما بعد ثورة الثلاثين من يونيو فقد اختلف الوضع تماما، ونجح المؤشر فى الارتفاع من مستوى ال4750 نقطة الذى أغلق مع نهاية يونيو بالقرب منه، إلى أن اقترب من أعلى مستوياته السعرية منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير عند ال6870 نقطة محققا نسبة ارتفاع قاربت على ال44%. ويقول إيهاب سعيد، رئيس قسم التحليل الفني بشركة "أصول" لتداول الأوراق المالية، إن السبب الرئيسى خلف تلك الارتفاعات يعود إلى حالة التفاؤل القوية التى انتابت غالبية المستثمرين، لاسيما المصريين، بعد سقوط نظام الإخوان المسلمين، بالإضافة أيضا للدعم الخليجى غير المسبوق الذى تلا ثورة 30 يونيو، على اعتبار أنه ليس من المتصور بأى حال من الأحوال أن تملك حكومة الدكتور حازم الببلاوى العصا السحرية لتحويل دفة الاقتصاد بهذا الشكل وبهذه السرعة، لاسيما وأن بعض وزراء المجموعة الاقتصادية فى حكومة الدكتور هشام قنديل تم الإبقاء عليهم فى أماكنهم بعد ثورة الثلاثين من يونيو، أى السياسة ذاتها لم تتغير كثيرا. وأضاف سعيد أن ما يعزز رؤيته من تلك الرؤية هو كم الأحداث السلبية والاضطرابات التى شهدها العام، لاسيما مع نصفه الثانى، بداية من فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، والتظاهرات المستمرة لجماعة الإخوان المسلمين وأتباعها، ومحاكمة الدكتور محمد مرسى، والعمليات الإرهابية التى شهدتها بعض المحافظات، حتى التظاهرات الطلابية التى انتشرت فى العديد من الجامعات، ومع ذلك لم تتأثر البورصة كثيرا بكل هذه الأحداث، بل العكس، فقد كانت تمتصها سريعا لتعاود صعودها بشكل أقوى، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على مدى حالة التفاؤل التى كانت مسيطرة على المتعاملين، وحتى مع تراجع تلك الحالة قبيل نهاية العام، فقد شكل الإعلان على موعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية التى أقرتها لجنة الخمسين من قبل رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور بمثابة التأكيد على المضى قدما فى خارطة الطريق واستعادة جزء كبير من الثقة التى كادت أن تفقد من قبل العديد المستثمرين. أما فيما يتعلق بمؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة "EGX70"، فلم يختلف حاله كثيرا عن نظيره السابق فى تباين أدائه بين النصف الأول والنصف الثانى من عام 2013، فقد شهد النصف الأول من العام تراجعا قويا للمؤشر فى اتجاه أدنى مستوى سعرى له منذ الإدراج عند ال346 نقطة قبل أن يغلق مع نهاية شهر يونيو قرب مستوى ال360 نقطة، أما الاختلاف بين مؤشر EGX70 ونظيره EGX30 فقد تجلى فى تحقيق الأول أدنى مستوياته السعرية له منذ الإدراج، فيما اكتفى الثانى بالاقتراب من مستوى ال5462 نقطة، وهو ما يشير إلى التفوق النسبى للأسهم القيادية على نظيرتها الصغيرة والمتوسطة خلال النصف الأول من العام، وأما فيما يتعلق بالنصف الثانى وتحديدا بعد ثورة الثلاثين من يونيو مباشرة، فقد نجح المؤشر فى معاودة صعوده من مستوى ال360 نقطة حتى مستوى ال547 نقطة محققا نسبة ارتفاع قاربت على ال52%، وهو ما يعنى تفوقا لمؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة EGX70 على نظيره السابق مؤشر السوق الرئيسى EGX30 الذى اكتفى فقط بنسبة ارتفاع قاربت على ال44% فقط خلال النصف الثانى من العام وتحديدا بعد ثورة الثلاثين من يونيو المجيده مباشرة، بحسب سعيد. أما فيما يتعلق بقيم وأحجام التعاملات عام 2013، فقد شهدت أيضا تباينا واضحا بين النصف الأول من العام والنصف الثانى شأنها فى هذا شأن مؤشرات السوق، لتحقق متوسط قيم تعاملات يومية مع النصف الأول من العام حول ال330 مليون جنيه، فيما ارتفعت تلك النسبة بعد ثورة الثلاثين من يونيو خلال النصف الثانى من العام لتتراوح حول ال420 مليون جنيه متوسط تعاملات يومية. وأما فيما يتعلق بفئات المستثمرين خلال عام 2013، فقد واصل المستثمرون الأجانب سلوكهم البيعى طيلة العام تقريبا وتراجعت نسبتهم من التعاملات الكلية بشكل ملحوظ لتصل فى بعض الجلسات إلى أقل من 3% من حجم التعاملات اليومية، وفيما يتعلق بالمستثمرين العرب فقد استمر التباين فى تعاملاتهم بين البيع والشراء سواء مع النصف الأول من العام أو حتى مع النصف الثانى منه مع ثبات نسبى فى أحجام تعاملاتهم بالمقارنة مع أحجام التعاملات اليومية، وأما عن المستثمريين المصريين، فنرى أنه يرجع إليهم الفضل الأول فى دعم مؤشرات السوق، لا سيما مع النصف الثانى من العام 2013، وذلك بتوجههم الشرائى المستمر والذى يمكن تفسيره بحالة التفاؤل التى انتابت أغلبهم فى أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو. ويتوقع سعيد أن عام 2014 ستكون به حركة قوية فى قطاعى البنوك والعقارات، فقطاع البنوك نجح على مدار العامين الماضيين فى تخطى الأزمة الاقتصادية التى تعرضت لها البلاد، وذلك عندما لجأ بعضها للاستثمار فى الأذون والسندات لارتفاع العائد عليها (قرب ال17%) فى حين أنها كانت تقترض بفائدة تقارب ال11-12% مما يعنى تحقيق صافى ربح يقارب ال3% بعد سداد الضرائب دون وجود أى مخاطر، أما الآن وبعد السياسات الأخيرة للبنك المركزى المصرى وخفضه أسعار الفائدة قصيرة الأجل لثلاث مرات متتالية، فهو بذلك إنما يعلن عن انتهاج سياسة توسعية بغرض إنعاش الاقتصاد، ومن ثم نتوقع أن تقبل البنوك على عملية الإقراض ودعم المشروعات، وهى وظيفتها الأساسية بعد أن كانت قد انحرفت عنها مؤقتا نظرا للأوضاع السياسية المضطربة على مدار العامين الماضيين. والجدير بالذكر أن خفض أسعار الفائدة دائما ما يصب فى مصلحة قطاع البنوك على اعتبار تراجع تكلفة الائتمان مما يزيد من الإقبال على عملية الاقتراض، مما يصب فى النهاية على زيادة أرباحها ومن ثم ارتفاع أسعار أسهمها المدرجة بالبورصة. وتوقع سعيد أن يواصل مؤشر السوق الرئيسى EGX30 صعوده قصير ومتوسط الأجل لاستهداف مستوى ال7700 نقطة، وهو المستوى الذى إن نجح فى اختراقه فسيؤكد بذلك انعكاس اتجاهه طويل الأجل إلى اتجاه صاعد ليستهدف بعدها مستوى ال8500 - 8600 نقطة، وأما فيما يتعلق بمؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة EGX70، فقال سعيد: "نتصور أن مستوى ال580 نقطة سيشكل عائقا غاية فى الأهمية، فى حال نجاح المؤشر على تجاوزه لأعلى فنتوقع معه أن يواصل صعوده فى اتجاه مستوى ال750 - 780 نقطة". ويتوقع رئيس الجمعية العربية للمحللين الفنيين سامح أبوعرايس، أداءً إيجابيا قويا في العام المقبل 2014، مشيرا إلى أن المؤشر الرئيسي سيتجاوز حاجز ال7200 نقطة فى الأجل القصير وصولا إلى مستوى 10 آلاف نقطة فى العام المقبل. ويعزي أبو عرايس رؤيته تلك إلى عدة عوامل من أهمها الارتفاعات الكبيرة التي حققتها البورصات العالمية في السنوات الماضية، وفي الفترة الأخيرة، بينما لم تشهد بورصة مصر ارتفاعات مماثلة نتيجة الاضطرابات السياسية التي مرت بها مصر والمنطقة. وقال إن المؤشر يتحرك فى اتجاه صاعد طويل ومتوسط وقصير الأجل مع إمكانية حدوث حركات تصحيحية في المدى القصير.