يواصل الكاتب الصحفي عبد القادر شهيب كشف «أسرار 500 يوم في حكم الجنرالات»، وفي حلقته الرابعة يجيب عن السؤال الذي شغلنا، وهو «هل تمت صفقة سياسية بين المجلس العسكري والإخوان؟» يقول «شهيب»: «في هذا الكتاب وعبر جمع معلومات مهمة وسليمة نحاول أن نتقصى هذا الأمر أو نجيب عن السؤال الذي شغلنا طوال 500 يوم من حكم الجنرالات وحتى الآن، وهو هل تمت صفقة سياسية بين المجلس العسكري والإخوان؟»
ثم يضيف «لكي نعثر على إجابة عن هذا السؤال كان يتعين أن نعثر على إجابات لعدد كبير من الأسئلة الأخرى من أهمها: كيف استعد المجلس العسكري مبكرًا لذلك اليوم الذي تسلم فيه السلطة عندما تدربت قواته على خطة الانتشار في ربوع البلاد التي نفذت مساء يوم 28 يناير؟.. ولماذا اختار الرئيس الأسبق حسني مبارك تسليم السلطة للمجلس العسكري وليس لنائبه عمر سليمان؟.. ولماذا أيضًا يقبل المجلس العسكري بدور لعمر سليمان بعد تنحي مبارك ثم قبل بإبعاد شفيق بعدها بأسابيع؟»
ويواصل «شهيب» طرح تساؤلاته، قائلا: «لماذا صار المجلس العسكري في ذات الطريق الذي حدده عمر سليمان لنقل السلطة وشرع في إجراء تعديلات دستورية تتلوها انتخابات برلمانية ورئاسية؟.. وهل كان لأمريكا دور في ذلك؟.. ومن هم الذين دعوا المجلس العسكري لاختيار المستشار طارق البشرى لرئاسة لجنة التعديلات الدستورية وصبحى صالح الإخوانى عضو فيها؟.. ولماذا أيضا حرص المجلس على مجاملة الإخوان وطلب ودهم في بداية المرحلة الانتقالية ثم اختلف معهم في نهاية المرحلة؟ وهل خذلت القوى المدنية المجلس العسكري حينما أراد أن يصحح مسار المرحلة الانتقالية؟»
وأضاف: «لماذا ضحى المجلس العسكري بالفريق شفيق؟.. وما الخلافات التي نشبت بينه وهو رئيس للوزراء والمشير طنطاوى؟.. ولماذا رفض المشير استقالة شفيق وقبلها في المرة الثالثة بعد أن ذكره برغبته في الاستقالة؟.. ومن الذي رشح عصام شرف للمجلس العسكري؟.. ولماذا تحمس الإخوان لتولى عصام شرف رئاسة الحكومة بعد شفيق ثم انقلبوا عليه؟.. ولماذا فعلوا نفس الشيء مع الجنزورى؟.. ولماذا اعترض الإخوان على تولى البرادعى أو عمر سليمان رئاسة الحكومة بعد شرف؟.. ولماذا لم يرحب المشير بترشيح عنان للبرادعى لتشكيل الحكومة بعد شرف ولم يصر على ترشيح عمرو موسى بعد اعتراض الإخوان؟.. ولماذا أيضا رفض المجلس العسكري تشكيل الإخوان للحكومة رغم نصيحة هيكل للمشير؟.. ولماذا لم يساند المجلس العسكري بقوة حكومة الجنزورى في مواجهة هجوم الإخوان عليها؟»
كذلك «هل كان المجلس العسكري ينوى محاكمة مبارك أم اضطر إلى ذلك تحت الضغوط؟.. ولماذا رفض مبارك مغادرة مصر واقترح مغادرة وَلَدَيْه؟.. ولماذا رفض مبارك تقديم ضمانات قانونية تحميه من الملاحقة القانونية؟.. وهل عجل حديث مبارك للفضائية العربية بقرار حبسه؟.. وكيف تعامل المجلس العسكري مع انتقادات من القادة العرب لحبس مبارك؟.. وأيضا كيف تعامل المجلس العسكري مع رفض مبارك حضور أول جلسة لمحاكمته؟.. وهل كان لتوقيت صدور الحكم الأول ضد مبارك دور في مساندة مرسي في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية؟»
وتستمر الأسئلة: «لماذا أخطأ المجلس العسكري في تقدير القوة الانتخابية للإخوان وتوقع عدم فوزها بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية التي جرت في خريف 2011؟.. وهل كان الأمريكان وراء هذه التقديرات الخاطئة؟.. ولماذا لم يستفد المجلس العسكري من ملفات جهاز المخابرات في هذا الصدد؟.. وهل كانت التقديرات الخاطئة حول قوة الإخوان الانتخابية هي سبب سكوت المجلس العسكري على التجاوزات الانتخابية للإخوان؟.. ولماذا تراجع المجلس أمام الضغوط السياسية وقبل بقانون انتخابات برلمانية حذره أعضاء في المحكمة الدستورية أنه غير دستورى؟.. ولماذا رفض المشير طنطاوى القبول بنصيحة هيكل الخاصة بتكليف الإخوان تشكيل الحكومة قبل الانتخابات الرئاسية؟»
أيضًا «لماذا تلكأ المجلس العسكري في الاستجابة لطلب المجلس الاستشارى بإعادة تشكيل تأسيسية الدستور بعد إصدار إعلان دستورى جديد؟.. ولماذا تخلى المجلس العسكري عن على السلمى ووثيقته بعد أن تعرض لهجوم الإخوان؟.. وهل كان تردد المجلس العسكري تجاه إعادة تشكيل التأسيسية سببه ميل عدد من أعضائه للإخوان؟.. وهل خذلت الأحزاب المدنية طنطاوى عندما قبلت الدخول في مساومات مع الإخوان حول تشكيل التأسيسية؟»
بالإضافة إلى «ما الضغوط الأمريكية التي تعرض لها المجلس العسكري خلال 500 يوم أدار فيها المرحلة الانتقالية؟.. ومتى وصلت هذه الضغوط إلى ذروتها؟.. وهل كان هناك تنسيق بين الإخوان والأمريكان في ممارسة الضغوط على المجلس العسكري؟.. ولماذا قررت واشنطن المراهنة على الإخوان في مصر؟.. وما دور المجلس العسكري والإخوان في إلغاء حظر سفر الأمريكيين المتهمين في قضية التمويل الأجنبى؟.. وهل تعرض المجلس العسكري لضغوط أمريكية أثناء الانتخابات الرئاسية؟.. وما دور الأمريكان في إحالة طنطاوى وعنان للتقاعد؟»
ثم الأسئلة: ما الكمائن السياسية التي تعرض لها المجلس العسكري خلال المرحلة الانتقالية؟ ومن هو الطرف الثالث الذي اتهمه المجلس العسكري بأنه المدبر للعنف في أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وبورسعيد؟ هل هم الإخوان؟ وهل هذا هو سبب هجوم الإخوان على المخابرات؟ وهل نجح الإخوان في تضليل القوى المدنية بتحريضها ضد المجلس العسكري؟
ثم لماذا لم يلقَ كل من المرشحين المحتملين للرئاسة بمن فيهم عمر سليمان وأحمد شفيق قبولا لدى المجلس العسكري؟ وهل فكر المشير طنطاوى والفريق عنان في الترشح للرئاسة؟ ولماذا بحث المجلس العسكري في وقت ما عن مرشح توافقى؟ ولماذا انسحب سريعًا من معركة انتخابات الرئاسة منصور حسن؟ ولماذا كانت مشاركة الإخوان في انتخابات الرئاسة مفاجأة للمجلس العسكري؟ ولماذا سربت المخابرات العسكرية لشفيق تقريرًا عن الموقف الأمريكى المساند لمرسي في الانتخابات الرئاسية؟ ولماذا أدار الفريق السيسى مناقشات مع شخصيات عامة حول النتائج المعينة التي قد تترتب على فوز الفريق شفيق؟ ولماذا لم يستجب المجلس العسكري لطلب المخابرات العامة باستبعاد فاروق سلطان وبجاتو من لجنة الانتخابات الرئاسية؟ وكيف تصرف المجلس العسكري خلال الانتخابات الرئاسية والأيام التي تلتها انتظارا للنتيجة؟ وكيف انقسم أعضاء لجنة الانتخابات الرئاسية حول النتيجة؟ ولماذا توقفت التحقيقات في بطاقات المطبعة الأميرية المزورة؟
أخيرًا، لماذا طلب مرسي من المشير طنطاوى في أول يوليو البقاء حتى الانتهاء من صياغة الدستور ثم فاجأه بقرار التقاعد هو وعنان في أول أغسطس؟ وهل كان للأمريكان دور في تغيير قيادة المؤسسة العسكرية المصرية؟ وماذا قال طنطاوى وعنان لمرسي بعد أن أبلغهما بقرار إحالتهما للتقاعد؟ وكيف قَبِلَ السيسى المنصب دون التشاور مع المشير أو الرجوع إليه أولا؟ ولماذا تم الإبقاء على اللواء العصار، مساعد وزير الدفاع، بقرار من رئيس الجمهورية؟
إن الإجابة عن كل هذه الأسئلة تساهم في صياغة الإجابة عن السؤال الأساسى وهو "هل كانت هناك صفقة سياسية مخططة بين الإخوان والمجلس العسكري؟ أم أن الإخوان استثمروا بدهاء أخطاء المجلس العسكري لكى يحققوا هدفهم الأساسى وهو الوصول إلى حكم مصر، واستفادوا من مساندة أمريكية قوية وغفلة سياسية لقوى مدنية؟" وهكذا مد الإخوان أيديهم للمجلس العسكري عندما رأوا أن ذلك يحقق مصالحهم وأعطوا ظهورهم له حينما لم يعد مناسبا مد اليد أو صاروا لا يحتاجون لذلك لتحقيق هذه المصالح، وإن ظلوا طوال الوقت يمارسون الضغوط على المجلس العسكري، وتحريض القوى الشبابية والمدنية ضده ونصب الكمائن السياسية له؟
هذا الكتاب يحاول من خلال ما تم جمعه من معلومات الإجابة عن هذا السؤال الأساسى، والإجابة عن كل الأسئلة التفصيلية التي تحتاج الإجابة عنها أولا.
والبداية، نعرف كيف وصل الجنرالات إلى الحكم بعد تنحى مبارك، وهل استعدوا قبلها لمثل هذا اليوم لتحمل مسئولية الحكم؟