87.2%.. إجمالي تعاملات المصريين بالبورصة في نهاية تداولات الأسبوع    موجة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية لبيروت| قصف محيط مستشفى السانت تيريز .. وهجمات غير مسبوقة بالبوارج البحرية الإسرائيلية..وإعلام عبري يؤكد أن هاشم صفي الدين هو المستهدف من هجوم الليلة    كوستا: جوميز مُعجب بأدائي..ولا أحد يستطيع رفض الانضمام للزمالك    رئيس دار الأوبرا: 114 فعالية فنية بمهرجان الموسيقى العربية و54 حفلا غنائيا    "وما النصر إِلا من عِندِ الله".. موضوع خطبة الجمعة اليوم    عدوان إسرائيلي يستهدف الطريق الدولي بين دمشق وبيروت    مفاجأة.. «القندوسي» يكشف سبب فشل صفقتا «بن رمضان» و«بلعيد» في الأهلى    تحسن طفيف في درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    هل يجوز الدعاء للزواج بشخص معين؟ أمين الفتوى يجيب    مدير الأكاديمية العسكرية: بناء القوة والحفاظ على الهيبة يحتم بيئة تعليمية حديثة    التعليم تكشف آخر موعد للتقديم في المدارس المصرية اليابانية    ليتوانيا تصدق على اتفاق لنشر 5 آلاف جندي ألماني    «أنا قدامك خد اللي إنت عايزه».. حكاية صعيدي أراد التبرع ب«كليته» ل أحمد زكي (فيديو)    هالة صدقي تصور مسلسل إش إش مع مي عمر في رمضان 2025    توتنهام يواصل عروضه القوية.. والكعبي يتألق    بسبب فشل صفقة «بن رمضان».. القندوسي يكشف كواليس مثيرة بشأن محادثته مع مدرب الأهلي    ملف يلا كورة.. برونزية مونديالية للأهلي.. وانتهاء أزمة ملعب قمة السيدات    بايدن: أعتقد أننا سوف نتجنب اندلاع حرب شاملة    قيادي بحركة فتح: نتنياهو يُحضر لحرب دينية كبرى في المنطقة    برج الأسد حظك اليوم الجمعة 4 أكتوبر 2024: تلتقى بشخص مٌميز ومكالمة مٌهمة    مايكروسوفت تضيف مزايا ذكية ل Windows 11    مصررع طفلة رضيعة في الدقهلية.. اعرف السبب    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    عيار 21 يرتفع لأعلى مستوياته.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة (بداية التعاملات)    صندوق النقد الدولي يكشف موعد المراجعة الرابعة لقرض مصر    بعد قليل، قطع المياه عن 10 مناطق حيوية بالقاهرة لمدة 5 ساعات    "قمة سيدات الأهلي والزمالك".. مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة    لاتسيو يسحق نيس ويتصدر الدوري الأوروبي    المقاولون العرب يضم لاعب الزمالك السابق    سعر كيلو اللحمة.. أسعار اللحوم اليوم الجمعة 4 أكتوبر 2024 في الأسواق    قرار عاجل من "التنمية المحلية" بشأن عمال التراحيل    خبير اقتصادي يكشف تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية على البورصة    رئيس هيئة المعارض يفتتح «كايرو فاشون آند تكس» بمشاركة 550 شركة مصرية وأجنبية    حريق يلتهم سيارة ملاكي أعلى كوبري المحلة بالغربية    خروج عربة ترام عن القضبان في الإسكندرية.. وشهود عيان يكشفون مفاجأة (فيديو وصور)    قتلوا صديقهم وقطعوا جثته لمساومة أهله لدفع فدية بالقاهرة    مصرع شخص نتيجة حادث مروري مروع في أكتوبر    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: نجحنا في إعداد مقاتل بحري على أعلى مستوى    أهالي قرية السلطان حسن بالمنيا يعانون من عدم وجود صرف صحي    رسمياً.. فتح باب تسجيل تقليل الاغتراب جامعة الأزهر 2024 "الرابط الرسمي والخطوات"    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: الخريجون ذو فكر متطور وقادرون على الدفاع عن الأمن القومي    وليد فواز عن حبسه في مسلسل «برغم القانون»: إن شاء الله أخرج الحلقة الجاية    المخرج محمد عبد العزيز: ل "الفجر "تراجعنا في مناخنا الفني وانفصلنا عن الاستعانة بالأدب.. وتفاجئت بدور أبني كريم في الحشاشين    تعرف على تفاصيل أغنية الموقف ل ساندي ودياب    مدير الكلية العسكرية التكنولوجية: الخريجون على دراية كاملة بأحدث الوسائل التكنولوجية    محافظ الدقهلية يستقبل وفد اتحاد القبائل لتنفيذ مبادرة تشجير    تعرف على نصوص صلاة القديس فرنسيس الأسيزي في ذكراه    دعاء يوم الجمعة.. تضرعوا إلى الله بالدعاء والصلاة على النبي    صحة دمياط: إجراء 284 عملية جراحية متنوعة منذ انطلاق المبادرة الرئاسية بداية    صحة دمياط: الكشف على 943 مواطنًا ضمن مبادرة «حياة كريمة»    تعزز الصحة الجنسية .. لن تتوقعها فوائد مذهلة للرجال بعد تناول البرتقال    أبرزها «الملعقة» و«الزيت».. حيل ذكية لتقطيع البصل بدون دموع    طريقة عمل الكريب، أكلة المطاعم اصنعيها بنفسك في البيت    حرب غزة في يومها ال363 | الاحتلال يزعم اغتيال 3 قادة في حماس للمرة الرابعة !!    حزب الله يعلن مقتل 17 ضابطا وجنديا إسرائيليا بمعارك الخميس    فتح المتاحف والمسارح القومية مجانا احتفالا بنصر أكتوبر    متحدثة "يونيسيف": 300 ألف طفل لبناني دون مأوى بسبب الحرب    حكم صلة الرحم إذا كانت أخلاقهم سيئة.. «الإفتاء» توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى الزمان الروحانى
نشر في أخبار مصر يوم 16 - 09 - 2009

كتبت هذا فى واشنطن وفى رمضان 2007، ورمضان فى واشنطن ليس رمضان القاهرة، رمضان رائحة وزمان تشتمها فى الحسين فى قلب القاهرة، أو فى الأقصر حول ضريح سيدى أبوالحجاج، رمضان هنا يدخل فى زمان آخر، وتلك اللخبطة فى الزمان تضفى على الشخصية تركيباً أحيانا وتشوهات أحيانا أخرى، مما دفعنى للتفكير فيما كانت مشكلتنا زمانية أو مكانية، فمن نحن؟ وما هو زماننا؟ أدرت المحطة على قناة الجزيرة فسمعت المذيعة تقول إنها فى تمام الساعة الثانية بتوقيت مكة المكرمة؟ زمان مكة.
وسمعت من قبل تليفزيون حزب الله يقول بتوقيت القدس المحتلة؟ توقيت القدس؟ زمان القدس وزمان مكة، وشهر رمضان، وشهور أخرى، ترى ماذا يعنى الزمان الذى نتبناه فى رسم الهوية إيجابا أو سلبا، أم أن تلك فلسفة للهروب لا طائل منها. تجربتى تنظر إلى صغائر الأشياء وتحاول فهم النفس وأروح من خلالها، فمن الصغير تتكون الأمور الكبيرة.
نظرت إلى صفحة جريدة «الأهرام» وما عليها من أزمنة وتواريخ، وإذا نظرنا معا نرى تاريخا يحدد يوم رمضان مثلا، وهذا ما يمكن تسميته بالزمن الروحانى للأمة، زمن له خصوصيته وعلاماته، يفتح مجال الحديث عن علاقات التاريخ القمرى بالتاريخ الشمسى، وعلاقة الوقت الحديث الذى نراه فى ساعات يدنا بالظواهر الطبيعية، مثل شروق الشمس وغروبها، والتى كانت مفاهيم حاكمة لتحديد علامات الوقت قبل ظهور الساعات الحديثة.
الزمن الروحانى هو زمن داخلى وخارجى فى آن، تجد فى رمضان زمن النفس الداخلية متداخلا مع زمن العلامات الحديثة المحددة للوقت. وقت تدخل فيه دائرتك الإسلامية.
ثم تجد فى الجريدة ذاتها إلى جانب التقويم الروحانى المتمثل فى التاريخ الهجرى. التاريخ الجرجورى الشمسى، وهو المعتمد فى الغرب، (يسمى هذا التقويم فى أغلب الدول العربية بالتقويم الميلادى). وهو زمن حداثى مرتبط بالحالة الرسمية المحلية وكذلك الحالة العالمية. من حالات وصول مرتب الموظف إلى تاريخ إقلاع الطائرات ووصول الوزراء وسماع نشرات الأخبار.
أما التاريخ الثالث المصاحب فهو تقويم المجتمع الزراعى، وهو تاريخ مرتبط بحياة النبات والفلاحين، ربما بنفس الدرجة التى يرتبط فيها التقويم الهجرى بالروحانيات. وكنا نعرف منذ الصغر كأبناء للفلاحين أهمية هذا التقويم المحلى (الفرعونى والقبطى) وكان جزءا من حياتنا وحياة الزرع، فنقول إن شهر أبيب فيه البلح الرطيب. أى أن موعد جنى التمر من النخيل يكون فى هذا الشهر، وكنا نعرف أيضا أن شهر برموده هو شهر الحصاد،
إذ يقول الفلاح المصرى إن برموده لا يبقى فى الغيط ولا عودة، أى (نهاية أعواد نبات القمح وحصادها)، أما شهر مسرى، الذى ينطقه الفلاح ميسره. فتكون فيه المياه العكرة أو فيضان النيل بما يحمل معه من طمى. النقطة هنا، هى أن زمان التقويم القبطى بالنسبة للفلاح لا يقل أهمية عن زمان التقويم الجرجورى بالنسبة لموظفى الحكومة أو المتعاملين مع حالة العولمة والعالم الخارجى الذى نراه فى صورة شهور نوفمبر وأكتوبر وديسمبر إلخ.
إذن نحن نتحرك فى زمان روحانى دينى (رمضان 1428) وزمان زراعى (هاتور 1720) وزمان جرجورى معولم (أكتوبر2007). تعدد الزمان يضفى على المكان صفات وكذلك على شخصية البلاد وهويتها صفات وطبقات ثقافية تكون مكونات الأنا الوطنية، ومن خلال هذه الدوائر الثلاث فى الزمان تبدو شخصية مصر أصيلة فرعونية وقبطية بالمعنى الواسع، حيث إن كلمة قبطى تعنى «مصرى»، ولا تعنى الاختزال الحادث الآن الذى التصق فيه هذا المعنى بالإخوة المسيحيين فقط‏.
فمصر قبطية بحركتها فى التاريخ القبطى‏ (‏هاتور 1720)، كذلك تكون مصر إسلامية وهى تتحرك فى التاريخ الاسلامى أو الزمان الروحانى (‏رمضان‏)‏، وهى أيضا عالمية فى حركتها فى التاريخ الجرجورى الشمسى.
‏ إذن لا تثريب على من يرون أن مصر فرعونية من منظور الحركة فى دائرة الزمانى الزراعى‏،‏ أو من يرونها متوسطية من المتحركين فى الزمن الجرجورى الشمسى أو من يراها إسلامية من المتحركين فى الزمان الهجرى الإسلامى.
ما معنى هذا الكلام وما علاقته بأسئلة طرحتها فى هذا المكان عن علاقة الدينى بالدنيوى، عن علاقة قبة الشيخ بقبة مجلس الشعب وعن رؤيتنا للحكم فى مصر؟ كيف يمكن الإفلات من تصور عمرانى وممارسات يتداخل فيها الدنيوى والمقدس والانتقال إلى ذهنية المواطنة وعلاقات الحقوق والواجبات؟‏!‏ أسئلة سأحاول الإجابة عليها فى مقالات قادمة، مقالات تتناول ملاحظات عن المجتمع المصرى شغلتنى بشكل متقطع خلال السنوات العشر الأخيرة.
ملاحظات تبدو بسيطة على السطح‏، لكنها مسكونة فى الوقت ذاته بجوهر الإجابة عن مثل هذا السؤال المركب‏،‏ سؤال ملبوس بمجموعة العلاقات التى قدمت لها فى حديث العمران وتخطيط المدن والبلدان،‏ وعلاقته بالممارسات الديمقراطية وبكل من عنصرى الزمان والمكان‏.‏ وكل عام وأنتم بخير.
*المصري اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.