الاهرام 21/2/2009 هناك من يحاول تحصيل ثمن صعود اليمين في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة من مصر.. يقولون إن علي مصر تعديل مواقفها وتغيير منهجها السلمي, وأن تتبع دول وحركات الرفض لأن إسرائيل ترفض السلام. هذه مقولة خاطئة ومحاولة فاشلة, فلا ثمن مصري للانتخابات الإسرائيلية, الثمن ينبغي أن تدفعه باستمرار دولة الاحتلال.. الانتخابات شأن داخلي إسرائيلي أيا كان الاتجاه الفائز ولاتلغي أبدا الاسئلة المطروحة علي إسرائيل بشأن السلام وإزالة الاحتلال وتحرير الفلسطينيين وإقامة دولتهم المستقلة. لا هذه أول مرة يحكم فيها اليمين إسرائيل ولا أول مرة ترفض فيها إسرائيل إزالة الاحتلال.. والحقيقة الواضحة إن إسرائيل تجبر علي الجلاء إما سلما أو حربا.. هذه نتيجة حرب أكتوبر المجيدة, كما هي نتيجة السلام المصري الذي حقق جلاء الاحتلال عن كامل سيناء. نيتانياهو أو ليبرمان, ليسا أقوي من بيجين واليمين الإسرائيلي اليوم أضعف وأقل شأنا من أبائه المؤسسين, والسلام المصري هزم الآباء وقادر علي هزيمة الأبناء.. أما تبرير الرفض العربي, بالرفض الإسرائيلي للسلام, فلم يثبت يوما أنه حرر أرضا أو أجبر الاحتلال علي الانحسار فعلي العكس جاءت نتيجته الواقعية دائما في ترسيخ قواعد اللا سلم واللا حرب وتثبيت الاحتلال وتمكينه.. في كل الاحوال لايمكن تجاهل نتائج السلم ونتائج اللا سلم واللا حرب, الذي يسمي كوديا الآن بالممانعة. السلم أنجز تحرير الأرض المصرية وأسس أول سلطة وطنية في التاريخ علي الأرض الفلسطينية, وجاء بالعالم مساندا للحقوق العربية.. بفضل السلم أيضا جاءت حماس شريكا في السلطة من خلال انتخابات أوسلو أما اللا سلم واللا حرب فعاد بالتاريخ إلي الوراء فأهدر المكتسبات الوطنية بإضعاف سلطة الكيان الفلسطيني الواحد وفرض وقائع الانفصال والانقسام داخله والاخطر أنه فرض قاعدة الانسحاب الإسرائيلي من طرف واحد كآلية استراتيجية لتنمية قواعد اللا سلم واللا حرب وتكريس التفتيت والتقسيم داخل المنطقة العربية وداخل البلد الواحد كما في الحالتين اللبنانية والفلسطينية فضلا عن إتاحة الفرصة لاسرائيل في خوض تمارين حربية داخل مناطق الانسحاب الاحادي الجانب في لبنان وغزة بهدف فرض ترتيبات أمنية إقليمية ودولية, تكرس الهيمنة علي المنطقة. الشاهد بوضوح أن مصر تملك استراتيجية ثابتة قادرة علي النجاح بغض النظر عن متغيرات هذا الطرف أو ذاك.. استراتيجية تعاملت بدون أن تغير نفسها مع متغير حماس في الواقع الفلسطيني, كما تعاملت مع متغيرات إسرائيل الدائمة, ومتغيرات بقية الأطراف. لقد أكدت حوادث الايام الاخيرة في العدوان علي غزة أن مصر لاتغير نفسها وانها أكبر من أي متغير, وأن من لايتعامل بهذه الحقيقة هو الخاسر.