ما هو المخرج من المأزق الراهن في الأراضي الفلسطينية؟! لا شك ان الاجابة علي مثل هذا السؤال او التساؤل بالغة الصعوبة لان الشروط الموضوعية لحل وسط مشرف غير قائمة، ومن ثم فان البدائل والسيناريوهات الممكنة هي: السيناريو الاول: استمرار حالة الجمود علي الساحة الفلسطينية ويعزز ذلك وجود حكومة منتخبة ولها اغلبية في المجلس النيابي وترفض اي تنازل، هي مثل اي حركة ايديولوجية تتصور التنازل تغييرا في المفاهيم وخيانة للامانة، فالنظرة لديها ايديولوجية قائمة علي القيم والمبادئ. ولكنها كأي حركة ايديولوجية تعاني من العيش في الوهم، فهي حكومة بلا حكم ولا صلاحيات، وهي تتمسك بالكراسي السياسية الواهية التي يمكن ان تنهار من تحتها في اية لحظة، وهي جاءت للسلطة الفلسطينية قابلة بها، وهذه السلطة جاءت بناء علي اتفاقات دولية ترفضها حركة حماس، وهنا نجد التناقض الكامل فاذا كانت حركة حماس ترفض الاتفاقات الدولية التي علي اساسها قامت السلطة الفلسطينية فلماذا قبلت الدخول في الانتخابات التي هي نتاج فرعي لتلك السلطة واتفاقاتها، والمفارقة الثانية انها سلطة تطلب من الاخرين ان يساعدوها وبشروطها هي، وهي اضعف الاطراف واذا لم يساعدوها تتهمهم بالتقصير، والمفارقة الثالثة انها لم تقدم اي عمل عبر ثمانية شهور او اكثر منذ وصولها للحكم بل حدث تراجع في الوفاء باحتياجات الشعب الفلسطيني الذي انتخبها لخدمته، ومع ذلك تتمسك بالبلقاء في السلطة والحكم شأنها في ذلك شأن معظم الانظمة العربية التي تعيش متوهمة النصر ورضاء الشعوب عنها وحقيقة الامر انها في واد وشعوبها في واد اخر. السيناريو الثاني حدوث انقلاب فكري وسياسي في السياسة الامريكية وهذا امر غير متوقع في ظل الرئيس بوش وحكومته من المحافظين الجدد ومن المسيحيين الصهيونيين وقصاري ما يمكن توقعه تحركات جزئية اقرب للمناورة السياسية لارضاء بعض العرب، منها الي حدوث ارادة حقيقيية للمساهمة في تقديم حل من خلال الضغط الحقيقي علي إسرائيل لتقديم تنازلت هي ذاتها ما سبق الاتفاق عليه مع الحكومات الفلسطينية السابقة. السيناريو الثالث حدوث يقظة عربية تعبر عن تضامن عربي مع فلسطين ايا كانت حكومتها من فتح او حماس. وهذا ايضا بدوره سيناريو غير واقعي فالحصار الذي فرض علي عرفات لقي نفس التجاهل من العرب، ما عدا الشعارات والبلاغة الانشائية، بنفس ما يلقي الحصار علي حكومة حماس وشعب فلسطين. كل ما يفعله العرب النشيطون من اجل قضية فلسطين هو محاولة تخفيف المعاناة بعبارة اخري في الجانب الانساني او في جانب الحد من التوتر حتي لا يصل الامر الي مرحلة الانفجار. السيناريو الرابع حدوث تغير في السياسة الاسرائيلية بان تدرك ان مواقفها خاطئة وانها لا تستطيع ان تحصل علي كل شيء وتحرم الطرف الاخر من كل شيء، وهذا ايضا غير متوقع في المستقل القريب، فحركة السلام الاسرائيلية في حالة تراجع وكمون، وحركة التشدد في صعود ويغذيها التشدد الفلسطيني ايضا، والقوي الدولية والاقليمية في حالة تبلد سياسي، والشعب الإسرائيلي الان اكثر امنا وسلاما من اي وقت مضي، ومن ثم فلا دوافع حقيقية للتغيير نحو الاعتدال. السيناريو الخامس اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة فالانتفاضة الاولي ادت الي واقعية فلسطينية واسرائيلية والي حد ما دولية وساعدتها ما ادت اليه حرب العراق والكويت من تحالف دولي وعربي، اما الانتفاضة الثانية فأدت الي تشدد اسرائيلي من ناحية وتشدد فلسطيني من ناحية اخري، وعزوف او انصراف دولي واقليمي عن القضية الي حد كبير وترك الاطراف يحلونها بأنفسهم، الانتفاضة الثالثة المحتملة او المتوقعة هي انهيار السلطة الفلسطينية بشقيها الرئاسي والحكومي وعودة فلسطينيي السلطة للخارج، او للاختباء تحت الارض والعمل السري سواء بعقلانية مثل عمل مقاومة سلمية علي غرار ما فعله المهاتما غاندي في الهند او عمل مقاومة عنيفة في شكل حرب عصابات حقيقية، وليس عملا ارهابيا ضد المدنيين الاسرائيليين في المطاعم والفنادق ومواقف الحافلات، وهذا السيناريو متوقع ولكن مردوده ونتائجه لن تتحقق قريبا ولو تمت ادراته بحكمة فهو يحتاج الي الاقل عدة سنوات ليحدث اثره ويؤدي دوره لبروز ارادة حقيقية لتسوية او حل وسط للصراع اي للعودة الي المربع الاول الذي رفضه الرئيس السابق عرفات في كامب ديفيد الثانية. السيناريو السادس هو اتجاه الفلسطينيين للعمل الانتحاري او الاستشهادي او العمل المقاوم العنيف وهذا يدفع إسرائيل لاعادة احتلال الاراضي والسيطرة المباشرة علي اراضي فلسطين وربما تحويلهامن جديد الي بؤر استيطانية، ومن ثم العودة لما قبل المربع الاول، وهذا ربما ما ترغب فيه قوي اليمين المتشدد الإسرائيلي لاستكمال مشروعها اليهودي الاستيطاني علي كامل التراب الإسرائيلي او اراضي إسرائيل من وجهة نظرهم مع الضغط علي الفلسطينيين للهجرة للخارج نحو الاردن او مصر او الجولان او الدول الاخري العربية والاوروبية، وهذا يعني مزيدا من القلاقل وعدم الاستقرار لدول الجوار وللمنطقة العربية وتأجيل اي امل لدولة فلسطينية لمدة خمسين عاما قادمة وربما لما هو اكثر من ذلك. وفي تقديرنا ان السيناريو الخامس والسادس هما اكثر السيناريوهات احتمالا في ظل الاوضاع القائمة، طبعا لقد تجاهلنا عمدا سيناريو سابعا وهو حل الحكومة الفلسطينية وعودة السلطة كاملة الي الرئيس الفلسطيني محمود عباس فهو سيناريو اكثر خطورة لما يحتمل ان ينبثق عنه من حرب اهلية في ظل حركة حماس ذات العقيدة الايديولوجية الجامدة، والتي تتمسك بالسلطة الوهمية التي حصلت عليها، وهذا اخطر ما تواجهه حركة ايديولوجية ان تعيش في وهم ان السلطة جاءت لها من الله او من الشعب وتتمسك بها بغض النظر عن نتائج هذا التمسك وعن حقيقة السلطة ومناصبها ومثل هذا السيناريو المشئوم سيكون لصالح إسرائيل ويظهر اخفاق فلسطيني كامل لاندلاع حرب اهلية فلسطينية حول مكاسب وهمية لا وجود لها.