أثناء المناظرة الثانية بين المرشحين للرئاسة الأمريكية أوباما وماكين, ركز أوباما علي أن السنوات الثماني من حكم بوش شهدت زيادة كبيرة جدا في حجم الإنفاق يعد الأكبر في تاريخ الولاياتالمتحدة. وأشار بعض الخبراء الأمريكيين الذين تابعوا الخطاب إلي أن ما ذكره أوباما يتضمن في جانب كبير منه الإنفاق العسكري المبالغ فيه في عهد بوش وحروبه المفتوحة في أفغانستان والعراق, مما حمل الميزانية ما لا تطيقه. ووصف هؤلاء الخبراء ما كان ينفق علي النواحي العسكرية بأنه يتجاوز الإستثمارات المعقولة في النواحي العسكرية. ويقول الكاتب الأمريكي جيمس كارول أنه ليس بالضرورة أن يكون المرء اقتصاديا حتي يعرف أن إنفاق الأموال علي الطائرات الحربية والصواريخ وأنظمة الأسلحة التدميرية يقلل من رأس المال المطلوب إنفاقه علي التعليم وإنشاء الجسور والمواصلات العامة وتجديد الطاقة والفنون. وفي دراسة للكاتب نيلسون شوارتز بعنوان' الجيش الخاص للبنتاجون' قال إن تفويض وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد سلطات واسعة في التصرف في الميزانية العسكرية قد دفع أعضاء ديمقراطيين لهم وزنهم في الكونجرس أن يقدموا شكوي إلي رئيس الكونجرس في عام2004, من أن هذه السلطات لرامسفيلد تزيد من مستوي الفقد في الأموال وسوء استخدامها نتيجة تقليص الرقابة والمحاسبة علي وزارة الدفاع. ويقول كارول إن مبلغ700 مليار دولار الذي خصصته الحكومة لإنقاذ المؤسسات المالية والاقتصاد العالمي قد أثار تساؤلات حول تصرفات وزارة الدفاع, لأن الولاياتالمتحدة وضعت مبدأ التدخل العسكري في قلب مشروعها السياسي. وكان الانفاق العسكري في حرب العراق يمثل بالوعة تتدفق فيها الأموال الأمريكية وتكلف دافع الضرائب الأمريكي ما قدره الخبراء بنحو2 تريليون دولار, تتضمن500 مليار دولار تكاليف الحرب والاحتلال و300 مليار دولار حجم ما ينفق علي النواحي الصحية وعلاج الجنود. وقد أدي الحديث عن تداخل عنصر الإنفاق العسكري في زيادة هذه الأزمة الاقتصادية إلي فتح ملفات التجاوزات التي حدثت في الإنفاق العسكري, وعلي رأسها ظاهرة شركات الأمن الخاصة التي أوجدتها وزارة الدفاع في عهد رامسفيلد, بتعاقدات تدفع فيها مبالغ باهظة لهذه الشركات مقابل قيامها بخدمة الجهد العسكري الأمريكي في العراق. وطبقا لتقارير محاسبية للحكومة الأمريكية نشرت مؤخرا, أن إجمالي ما دفعته وزارة الدفاع لشركات الأمن الخاصة قد بلغ في السنة المالية2006 ما يزيد علي151 مليار دولار. وكانت مجلة'FORTUNEMAGAZINE' قد نشرت دراسة كتبها نيلسون شوارتز قال فيها أن8% من ميزانية البنتاجون البالغة30 مليار دولار لعام2003 قد ذهبت إلي الشركات الخاصة. وقد إكتشف فيما بعد من خلال تحقيقات أجرتها وزارة الدفاع أدلة علي إساءة إستخدام المليارات في عمليات التعاقدات مع شركات مقاولات لإعادة التعمير في العراق, وقد منحت هذه التعاقدات للشركة التي كان يمتلكها ديك تشيني نائب الرئيس, والتي دخلت في تعاملات واسعة النطاق مع وزارة الدفاع. ولقد كشفت هذه الملفات جانبا من الأموال التي تنفق ببذخ وبالمليارات لدعم وحماية أنظمة حكم ترتبط ارتباطا وثيقا بالسياسة الأمريكية. وقد كشفت تقارير أمريكية عن أن شركة داين كورب قد وقعت عقدا مع الحكومة الأمريكية لحماية حامد كرازاي رئيس أفغانستان وتضم فرقة الحماية ضباطا وجنودا من فرقة دلتا العسكرية بالإضافة إلي وحدات عسكرية خاصة أخري. دفعت الأزمة المالية الأمريكية إلي فتح ملفات الإنفاق العسكري بكافة جوانبه خاصة وأن وزارة الدفاع في عهد بوش قد ضاعفت من الإنفاق العسكري الهائل الحجم للولايات المتحدة ووصلت به إلي افاق عالية نتيجة حربا دخلتها الولاياتالمتحدة وصفت بأنها حرب بلا نهاية, ومن الممكن أن تستنزف المزيد من القدرة الاقتصادية للولايات المتحدة. خاصة بعد أن كان بوش قد وضع مبدأ رئيسيا لاستراتيجيته في العالم يعطي للحرب أولوية علي الدبلوماسية في حل المشاكل وفي إدارة العلاقات الدولية.