بعد أن كشفت الدراسات الميدانية وإحصائيات للمجلس القومي للمرأة عن ارتفاع حالات حرمان المرأة المصرية من حقها في الميراث من قبل الذكور خاصة في المناطق النائية من قري وصعيد مصر وذلك علي الرغم من أحكام الميراث التي جاءت محددة تحديدا دقيقا بالنص القرآني القطعي الثبوت والدلالة في الكتاب والسنة الامر الذي دفع المجلس القومي للمرأة لإعداد مشروع قانون حول تعديل بعض أحكام قانون المواريث عن طرق إضافة مادة جديدة تنص علي عقوبة من يمتنع أو يحرم أحدا من الورثة الشرعيين من نصيبه الشرعي سواء كان ذكرا أو أنثي وتم إحالة نص تعديل مواد القانون لعلماء مجمع البحوث الإسلامية لإبداء الرأي الشرعي حوله. الراية الاسبوعية ناقشت هذه الظاهرة مع عدد من العلماء والمتخصصين قبل احالة مشروع القانون إلي البرلمان المصري تمهيدا لاقراره في دورته القادمة. في البداية أوضحت الدكتورة فرخندة حسن الأمين العام للمجلس القومي للمرأة الاسباب التي دفعت أعضاء المجلس إلي تبني هذه القضية التي تأتي في صدارتها الدراسات والإحصائيات الخطيرة التي كشف عنها المجلس القومي للمرأة التي تفيد أن هناك اكثر من 30% من النساء في مصر محرومات من الحصول علي حقوقهن من الميراث الشرعي نتيجة التقاليد وإتباع الأهواء الشخصية من الذكور رغم أنهم يعلمون جيدا عواقب تلك الجريمة الشرعية التي تتمثل في معاقبة من يقوم بالاعتداء علي حدود الله تعالي بالعذاب في الدنيا والآخرة ومع ذلك فإن هذه الظاهرة في تزايد مستمر ولم يكن أمامنا تضيف الدكتورة فرخندة إلا البحث عن وضعية تتمكن المرأة من خلالها من الحصول علي حقوقها الشرعية في الميراث وتوصلنا في هذا السياق إلي إعداد مشروع قانون يجرم حرمان الإناث من حقهنفي الميراث وذلك عن طريق تعديل القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث التي لم تكن تنص علي أي عقوبة لمن يحرم الإناث أو حتي الذكور من الميراث الشرعي وإضافة مادة جديدة تجرم هذا الفعل بعقوبة مغلظة تصل في بعض الأحيان إلي الأشغال الشاقة وبغرامة مالية كبيرة ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تم توقيع اتفاقية مع الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف لوضع تلك الظاهرة علي قائمة خطب الأئمة والدعاة في المساجد للتصدي لحرمان المرأة من حقوقها الشرعية فضلا عن عقد دورات تدريبية مستمرة في كل المواقع لتوعية المرأة بكيفية الحصول علي حقها من ميراثها الشرعي وتحديد أرقام ساخنة لتخصيص محامين من لمساندة المرأة المصرية في الحصول علي حقوقها ولأن للأزهر له دوراً في مراجعة نص القانون الجديد من الناحية الشرعية فقد قرر المجلس إحالته إلي مجمع البحوث الاسلامية التابع له وذلك قبل احالته البرلمان. ووفقا لرؤية الدكتورة فوزية عبدالستار الرئيس السابق اللجنة التشريعية بمجلس الشعب وعضو المجلس القومي للمرأة فإن اعداد مشروع القانون لمعالجة هذه الظاهرة تأخر كثيرا فدفعت المرأة المصرية ثمن هذا التأخير الذي يتمثل في اتساع دائرة حرمانها من ميراثها الشرعي خضوعا لبعض العادات خاصة في قري مصر وصعيدها خشية أن تقع الأرض الموروثة تحت سطوة الزوج الذي ينظر اليه باعتباره شخصاً أجنبياً عن الأسرة وبالرغم من أن قواعد الميراث واضحة في القرآن الكريم بصورة مثالية وليس فيها أي تأويل ولا توجد أي حدود للاجتهاد فيها ومع هذا يتعمد البعض مخالفتها بحجج واهية وبدع ما أنزل الله بها من سلطان. واللافت أنه مع تزايد حالات الحرمان المخالفة للشرع - الكلام للدكتورة فوزية -لا توجد نصوص قانونية تعاقب المتسببين فيه مع أنه يقع تحت بند خيانة الأمانة وحتي العقوبة المحدودة التي نص عليها القانون السابق التي تتضمن الحبس المطلق لمدة تبدأ من 24 ساعة كحد أدني إلي 3 سنوات فانها لم تدخل حيز التطبيق ومن ثم فإن تغليظ العقوبات في المشروع المقدم من المجلس القومي للمرأة يمكن أن يعطي للمرأة حقها الشرعي والخطير في الامر ان تصاعد هذه الظاهرة قد يوفر الذرائع لأعداء الإسلام للطعن في الدين الإسلامي من جراء تلك الأفعال المحرمة شرعا وان كنت أخشي تتابع أن يتعرض للاجهاض من قبل علماء الأزهر بعدم الموافقة عليه. ويري الدكتور محمد رأفت عثمان العميد السابق لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهروعضو مجمع البحوث الإسلامية أن هذا مشروع القانون الذي تقدم به المجلس القومي للمرأة لمجمع البحوث الإسلامية إذا كان من شأنه الحفاظ علي كل ما جاء به الشرع في أحكام المواريث فإنه سيحظي بالتأييد من علماء الأزهر خاصة انه مؤيد بالنصوص القرآنية وإجماع الأمة وذلك لأن نظام المواريث قد وضعه الله تعالي علي الصورة التي تتصف بالحكمة والعدل ولم يترك الشرع الحكيم توزيع الأنصبة للأهواء ولكن ألزمنا بهذا النظام الحق الذي تضمنه القرآن الكرين وما عداه يكون بعيدا عن العدل لذلك قال تعالي (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعدي حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين) فتلك الآية الكريمة توضح عقوبة من يقدم علي تلك الجريمة الشرعية التي تعد من الكبائر وعلماء الأزهر يساندون تلك القوانين بكل شدة التي من شأنها مساندة الحق وتطبيق شرع الله تعالي. ويحذر الدكتور مصباح حماد وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر من المخاطر التي يمكن ان تنجم عن هذه الظاهرة مشيرا إلي أنه كان ينبغي منذ زمن بعيد وضع عقوبة تعزيزية ملائمة للتصدي لهؤلاء الذين يعتدون علي حدود الله تعالي في الميراث ومن حق الحاكم أو ولي الأمر أن يحدد هذه العقوبة باجتهاده تحقيقا للمصلحة العامة ودفعا للضرر لأن القاعدة الفقهية تقول (الضرر يزال) والحديث الشريف ينص علي (لا ضرر ولا ضرار) كما يجب أن نكون علي يقين أن نظام الميراث لا ضرر فيه ولكن الضرر يأتي من الممارسات الجاهلة عند بعض المسلمين وعلي ولي الأمر أن يتخذ من القوانين التي تتناسب مع مواجهة تلك الظاهرة الخطيرة علي المجتمعات الإسلامية.