أثار ارتفاع أسعار السلع الأساسية جدلاً كبيراً في الأوساط الإيرانية، وقالت زاري المتقاعدة من قطاع التعليم في أحد الأحياء الشعبية شرق طهران «إن أسعار كل السلع تزداد يوميا. الفئات الشعبية الأكثر عوزاً هي الأكثر تضرراً. لقد زادت أسعار كل السلع بين أربعين وخمسين بالمئة مقارنة مع العام الماضي». وفي غضون عام، تضاعفت أسعار المباني شراء وإيجاراً على حد سواء، في حين أن عدداً كبيراً من الإيرانيين هم من المستأجرين. وأدى إقرار التقنين في مادة البنزين منذ يونيو الذي رافقه ظهور سوق سوداء في معظم القطاعات المهمة إلى زيادة أسعار الخضر والفواكه. وقال مزارع البقول حاتم (38 عاماً) «انخفضت مبيعاتي بنسبة 50% لأن الناس لم تعد تملك وسائل الشراء». ومع هذا الارتفاع الكبير في الأسعار، لم ترتفع الرواتب على الرغم من وعود الحكومة. والموظفون الذين يفوق عددهم الثلاثة ملايين كما الطبقات الشعبية هم الأكثر تضرراً من هذا الوضع. وأصبح التضخم المرتفع في إيران يشكل نقطة ضعف مع اقتراب الانتخابات التشريعية في مارس 2008. وأعلن رئيس البنك المركزي الإيراني تحمسب مظاهري الأربعاء أن «التضخم بلغ 1. 19% في نهاية شهر نوفمبر الماضي». وكان الرئيس الإيراني أحمدي نجاد قد حاول في وقت سابق طمأنة الإيرانيين بإعلانه عن «خطة كبيرة» لمكافحة ارتفاع الأسعار «سيطلع عليها الناس قريباً». وقال المتقاعد من الشرطة محمد عباسي البالغ من العمر 68 عاما والذي اضطر للعمل كحارس مبنى ليتمكن من تغطية نفقاته الشهرية «منذ شهر كنت اشتري البيضة ب800 ريال أما اليوم فيجب أن ادفع ثمنها 1300 ريال. الأمر نفسه ينطبق على اللحوم أو الزيت إذ لا يمكن شراء لحوم بأقل من سبعين ألف ريال للكيلوغرام الواحد مقابل 55 ألفاً قبل ثلاثة أشهر». ويأخذ الاقتصاديون على الحكومة ضخ مبالغ ضخمة في الحركة الاقتصادية بفضل العائدات القياسية الناجمة عن مبيعات النفط. وأدت هذه الزيادة في السيولة والتي تضاعف حجمها بحسب البنك المركزي الإيراني منذ وصول احمدي نجاد إلى السلطة، إلى تسريع وتيرة زيادة الأسعار. وقال علي رضا زكاني النائب المحافظ الذي ينتمي إلى ائتلاف الأحزاب المحافظة في الانتخابات التشريعية في مارس 2008 إن «زيادة السيولة تشبه تيارا يجرف كل ما في طريقه». وأضاف «لا يمكن لأحد أن ينفي وجود التضخم»، داعياً إلى «مضاعفة الجهد» للسيطرة عليه. وتشكل مشكلة المحروقات إحدى الأزمات السوقية الكبرى، وتقول الحكومة إنها تسعى لإنهاء تقنين البنزين بحلول مارس 2009 من خلال التوسع في الإنتاج المحلي للوقود وتشجيع استخدام مركبات تعمل بالغاز الطبيعي. وبدأت إيران رابع أكبر منتج للنفط في العالم تقنين البنزين في يونيو للحد من الاستهلاك الذي تجاوز بكثير الإنتاج المحلي فضلا عن خفض الواردات باهظة التكاليف. وفضلا عن زيادة طاقة التكرير الإيرانية فان الحكومة تسعى إلى زيادة عدد السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي وإنشاء مزيد من محطات التزويد به. وقال مسؤول كبير انه تم توفير نحو 24 مليون لتر من البنزين يوميا خلال الشهور الستة الماضية. وقبل بدء العمل بنظام التقنين كان الاستهلاك يبلغ نحو 75 مليون لتر يوميا أو أكثر. وتابع أن الاستهلاك قد يرتفع قليلا العام القادم لكن الحكومة تسعى لمواجهة ذلك من خلال تعزيز الإنتاج. ولم يقدم سببا لأي زيادة في الاستهلاك لكن وزير النفط غلام حسين نوذري قال إن الحكومة تضع اللمسات النهائية على خطة لزيادة حصة الوقود الشهرية للسيارات الخاصة إلى 120 لترا في وقت لاحق من الشهر الجاري من 100 لتر شهرياً. ويباع البنزين المحلي أو المستورد في إيران بسعر مدعوم بنسبة كبيرة يبلغ 1000 ريال «11 سنتا أميركيا» للتر. ويمثل ذلك عبئاً هائلاً على كاهل الدولة. كما أن استيراد البنزين قضية حساسة في وقت تواجه فيه طهران دعوات من الولاياتالمتحدة لتشديد العقوبات بالأمم المتحدة على الجمهورية الإسلامية بخصوص برنامجها النووي.