خلال هذه الفترة من كل عام وبالتحديد شهري يونيو ويوليو غالبا ما تشهد أسعار السلع الغذائية الأساسية وحتي أسعار الخدمات سواء كانت عامة أو خاصة مثل النقل والمواصلات وحتي التعليم، ارتفاعات كبيرة قد تعادل ما حدث لها من ارتفاع في أسعارها علي مدار عام كامل، وعلي مدي عقدين من الزمن اعتاد المصريون حدوث ارتفاعات في أسعار جميع السلع والخدمات خلال الفترة من العام، السبب في ذلك أن الحكومة كما التجار والقطاع الخاص تستعد للعمل بالموازنة العامة الجديدة وما تتضمنه من بند خاص يتعلق بالعلاوة الاجتماعية الجديدة اعتبارا من أول يوليو. في الوقت الذي تملك الحكومة فيه تحديد نسبة العلاوة وآليات تنفيذها، إلا أن المشكلة تكمن في المقابل أنها - أي الحكومة - لا تملك آليات تحديد الأسعار وهو المصطلح الذي تكرهه الحكومة، ولكن ضبط الأسواق العامة، في المقابل نجد أن التجار والقطاع الخاص لا يملكون آليات تحديد الأسعار وزيادتها وفرضها علي المواطنين والأسواق العامة والخاصة كما أن الحكومة ذاتها تصدر قرارات عديدة برفع أسعار سلع أساسية أهمها البنزين والسولار. يبدو أنه من يونيو إلي يونيو غالبا ما يظل جمهور المستهلكين في مصر في حالة انتظار لما سيعلنه القطاع الخاص والتجار من قواعد تنفيذية جديدة لأسعار السلع والخدمات وفي الوقت الذي شهد فيه شهر يونيو محاولات الزيادة الجديدة للأسعار إلا أن تلك المحاولات غالبا ما تنتهي بموجة لا حد لها من ارتفاع أسعار السلع والخدمات. وفي الحقيقة فإن المؤشرات الأولية تؤكد ذلك.. المدارس الخاصة أعلنت وقبل ثلاثة أشهر تقريبا من بدء الموسم الدراسي الجديد عن زيادة أسعار الرسوم للعام الجديد. كما أن الزيادة الجديدة في أسعار السجائر مثلا التي أقرها مجلس الشعب علي أن يبدأ العمل بها اعتبارا من العام المالي القادم طبقها القطاع الخاص والتجار بما يملكونه من آليات دون انتظار للحكومة. خلال الفترة الماضية شهدت أسعار بعض السلع الغذائية الأساسية ارتفاعات شديدة في قطاعاً اللحوم والدواجن والبيض وكذلك السكر والأرز.. حيث وصل سعر كيلو اللحوم إلي أكثر من 60 جنيها في المناطق التي يسكنها الأسر المتوسطة وزادت علي أكثر من 50 جنيها في مناطق محدودي الدخل والفقر، ونتيجة لعدم وجود آليات حكومية لضبط الأسعار.. وفي الوقت الذي تنبه فيه جمهور المستهلكين كالعادة للتحول إلي البروتين البديل مثل البيض والدواجن والأسماك كان التجار والقطاع الخاص أسرع منهم في التحول.. فارتفعت أسعار الدواجن والبيض وحتي الأسماك.. حيث وصل سعر كيلو البلطي إلي 18 جنيها والبوري إلي 27 جنيها بدلا من 22 جنيها كما عاودت أسعار البيض ارتفاعها حيث وصل سعر كرتونة البيض (30 بيضة) إلي 21 جنيها بعد أن كانت تباع بسعر 18جنيها. لكن علي الجانب الآخر نجد أن هناك تشوهات في أسواق السلع الغذائية الأساسية.. وهي ظواهر حيرت خبراء الاقتصاد في مصر فمثلا ليست هناك مبررات لارتفاع اسعار اللحوم بمعدلات وصلت إلي 100% ففي الوقت الذي يصل فيه معدل الانتاج إلي 1ر1 مليون طن سنويا من اللحوم ومعدل الاستهلاك الي 1ر2 مليون طن أي أن نسبة الفجوة بين الانتاج والاستهلاك التي لا تتعدي 150 ألف طن. ليست مبررا لحدوث مثل هذا الارتفاع، وما ينطبق علي اللحوم من حيث الانتاج والاستهلاك ربما سينطبق علي السكر، ففي دولة مثل مصر منتجة للسكر سواء من القصب أو البنجر والفجوة لا تتعدي نصف مليون طن إلا أنها ايضا ليست مبررا لزيادة سعر السكر خلال عام من 350 قرشا إلي ست جنيهات للكيلو. خلال الفترة الماضية شهدت بعض الوزارات جدلاً شديداً حول المطالبات بوضع حد أدني للاجور، وكانت المفاجأة أن أحد الوزراء من المجموعة الاقتصادية قد أكد خلال أحد الاجتماعات أن الأزمة في مصر، ليست في وضع حد أدني ولكن في مستوي الأجور مقارنة بما يحدث في الأسعار. وصل الأمر إلي حد القول إننا كل ما نتوقع أن يختفي التضخم، تخرج إلينا سلعة كل شهر لتربك جميع الحسابات بما فيها التضخم، وخلال ابريل جاءت لنا قضية اللحمة، وقال إن المشكلة عندنا الآن في مجموعة الطعام والشراب، وأكد الوزير ضرورة تنظيم الاسواق والتي اصبحت قضية ملحة، وفي الوقت الذي تخضع فيه السلع لآليات العرض والطلب . إلا أنه لابد من وجود «مرصد»يتوقع اسعار السلع والاختناقات التي تحدث بين فترة وأخري، وهل هي نتيجة خلل بين العرض والطلب، أم سلوكيات للمنتجين والمستوردين وبالتالي يمكن اتخاذ اجراءات مبكرة؟ لكن للأسف لا توجد هذه المنظومة لدينا.. وأخيرا يبقي الوضع علي ما هو عليه خلل في العرض وخلل في الطلب!!. لم يتوقف الأمر عند هذا الرصد، بل هناك محاور أخري لأزمة الاسعار والسلع نقدمها في هذه الموضوعات.