بعد سنوات من الانتظار والترقب.. ووسط جدل اضفى على القضية طابع سياسى ..أيدت المحكمة العليا الليبية الاربعاء 11/7 حكم الإعدام الصادر بحق خمس ممرضات بلغاريات والطبيب أشرف الحاجوج ، المدانين بتهمة تعمد اصابة 426 طفلا ليبيا بالفيروس المتسبب لمرض نقص المناعة المكتسب (الايدز) في مستشفي الفاتح بمدينة بنغازي الليبية عام1997. الجلسة التى استمرت دقائق معدودة وسط إجراءات أمنية مشددة حضرها سفراء الدول الأوروبية والسفير البلغاري والقائم بالأعمال الأمريكي وسفير فلسطين وعدد من أهالي الممرضات وأسر الأطفال فضلا عن حشد كبير من وسائل الإعلام الأوروبية والعربية والأجنبية. رئيس محكمة النقض العليا الليبية اعلن إن المحكمة حكمت بعدم رفض قبول الطعون المقدمة من الممرضات والطبيب شكلا ،وفي الشق الجنائي فقد أقرت المحكمة الليبية تأييد حكم الإعدام الصادر بحق المتهمين الستة والزام المدعين بالمصاريف وتغريم كل من الممرضات الخمس والطبيب الفلسطيني كل واحد منهم بعشرة آلاف دينار. يشار الى انه قد تم الحكم علي الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب بالاعدام في ديسمبر2005.. وكانوا قد وضعوا في السجن منذ عام 1999 وسط ادعاءات بإنهم ابرياء وتعرضوا للتعذيب لإجبارهم على الاعتراف بالتهمة المنسوبة لهم. فيما يدعى بعض العلماء الغربيين إن الإهمال وتدني الأحوال الصحية في المستشفى هما المذنب الحقيقي وإن الستة كانوا كبش فداء!!.. وكان الفريق الطبي قد عمل في مستشفى الفاتح في مدينة بنغازي ثاني أكبر مدن ليبيا، في مارس 1998 وتم اعتقالهم بعد عام من التحاقهم بالعمل بعد حقن اطفال ليبيين بدم ملوّث بفيروس الايدز، توفى منهم لاحقا نحو خمسون طفلا ..
وتوالت ردود الفعل علي تثبيت الحكم علي الممرضات البلغاريات في العواصم المعنية، ففي صوفيا .. أعلنت الخارجية البلغارية أن تثبيت القضاء الليبي حكم الاعدام في حق الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني لم يشكل مفاجأة وان الامور باتت الآن بين ايدي المجلس الأعلي للهيئات القضائية في ليبيا. وفي ستراسبورج .. قال زعماء الاتحاد الأوروبي انهم مازالوا يأملون في التوصل الي حل للافراج عن الممرضات البلغاريات، وقال جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الأوروبية للبرلمان الأوروبي بعد أن أيدت المحكمة الليبية العليا حكم الاعدام علي المتهمين الستة، نأسف لاتخاذ هذه القرارات لكني أود أن أعبر أيضا عن ثقتي بإمكان التوصل الي حل. جدير بالذكر ان محاكمة المتهمين الستة التي لقيت انتقادات شديدة وأخذت طابعا سياسيا عرقلت جهود ليبيا لتحسين العلاقات مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وانهاء عقود من العزلة الدبلوماسية منذ ان أعلنت عام 2003 تخليها عن برامج الاسلحة المحظورة. وتسعى بلغاريا وحلفاؤها في بروكسل وواشنطن الى التوصل لاتفاق لاطلاق سراح الممرضات البلغاريات وفشل هذه الجهود سيكلف الزعيم الليبي معمر القذافي ثمنا دبلوماسيا كبيرا. تأييد الحكم بالاعدام اثار ردود فعل دولية غاضبة وبخاصة انه يعطي اشارات "متضاربة" مع تزامن صدوره مع إعلان مؤسسة القذافي الخيرية التوصل لاتفاق ينهي الازمة ولكن المراقبين اكدوا أن تأييد حكم الاعدام ليس الكلمة الأخيرة في قضية الممرضات.
تغيير.. اوالغاء.. او عفو.. ولم يعد أمام المتهمين في هذه القضية سوى انتظار ما سيقرره مجلس القضاء الأعلى، وهو الهيئة الوحيدة التي بوسعها التدخل في المحاكمة عند هذا المستوى، ويترأس المجلس وزير العدل الليبي ويمتلك صلاحية مطلقة في تغيير الحكم أو تخفيفه او الغائه والعفو عن المتهمين.. ويأخذ المجلس فى اعتباره عددا من المعطيات الاول : المفاوضات التى تجرى بين أسر الأطفال المصابين بالإيدز وبين الاتحاد الاوروبى بواسطة مؤسسة القذافى للتنمية والتى تسعى الى التوصل الى قبول التعويضات المالية لكل طفل وعلاج الاطفال المصابين بالخارج. والثانى :الفترة التى قضاها الطبيب الفلسطينى والممرضات الخمس فى السجن . الثالث : عمر الممرضات البلغاريات الخمس. كما يأخذ المجلس فى الاعتبار أيضا القيم الانسانية التى تفرضها قيم المجتمع الليبى.
مسئولون ليبيون وخبراء توقعوا ان يوافق المجلس علي اطلاق سراح المتهمين إذا اتفقت الدول الغربية وليبيا من خلال محادثات خاصة علي المبالغ التي يجب أن تسددها الدول الغربية لصندوق أنشيء للمساعدة في علاج الاطفال الذين بقوا علي قيد الحياة.. وتطالب طرابلس بتعويضات تبلغ عشرة ملايين يورو (13.3 مليون ولار) لعائلة كل طفل مصاب. وترفض بلغاريا استخدام تعبير تعويضات قائلة ان ذلك سيكون بمثابة اعتراف بالذنب.
عشية الحكم .. جدير بالذكر ان الخارجية البلغارية اعلنت عشية نظر المحكمة العليا في ليبيا بطلب الاستئناف، منح الطبيب الفلسطيني اشرف الحاجوج (الذي تمّت إدانته مع الممرضات البلغاريات )الجنسية البلغارية.،مايعنى انه سيتمّ التعامل مع الطبيب الفلسطيني بنفس المعاملة التي ستلقاها الممرضات البلغاريات، ضمن اتفاق توصلت إليه صوفيا وطرابلس .. يأتى هذا فيما جاء تأييد الحكم بعد ساعات من اعلان مؤسسة القذافي انه تم التوصل لاتفاق بحل قضية الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطينى يرضي جميع الاطراف وينهي الازمة . من جهتها اعلنت الخارجية الليبية عقب صدور الحكم ان المجلس الاعلى للهيئات القضائية سيجتمع يوم الاثنين القادم للنظر في قضية الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني الذين صدرت عليهم احكام بالاعدام .فى خطوة اعتبرها المراقبون انها ستفتح الطريق أمام حل القضية على المستوى السياسي وستكون الخطوة الأخيرة في المحادثات التي جرت خلال الاشهر القليلة الماضية. 12/7/2007