قد يتعرض تعهد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتعقب واعتقال قادة متمردي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق للفشل الا اذا قرر قادة اقليم كردستان العراق أن من مصلحتهم مساعدته على تهدئة تركيا. وقطع المالكي تعهده باتخاذ اجراء صارم في مؤتمر لدول الجوار العراقي عقد خلال الايام القليلة الماضية في اسطنبول في محاولة لتجنب شن تركيا لتوغل عسكري كبيرلسحق المتمردين الاكراد المسؤولين عن سلسلة من الغارات عبر الحدود. ويواجه المالكي ضغوطا متزايدة من تركيا والولايات المتحدة للتعامل مع متمردي حزب العمال الكردستاني في معاقلهم في الجبال النائية في شمال العراق. لكن المالكي لا يملك الا القليل من الهيمنة على حكومة اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي. كما أنه يعتمد أيضا على الاكراد للحصول على الدعم السياسي في الوقت الذي يشارك فيه لواءان كرديان يضمان نحو 6000 جندي في تأمين بغداد. وقال يوست هلترمان وهو محلل في اسطنبول للمجموعة الدولية لمعالجة الازمات "من المستحيل ان تقوم الحكومة باجبار الاكراد على فعل أي شيء. قد يستخدمون اجراءات قسرية لكن في هذه الحالة يمكن للاكراد اسقاط الحكومة ". ولا يمكن لحكومة كردستان تحمل قتال مع حزب العمال الكردستاني الذي قاوم توغلات تركية في عامي 1995 و 1997 وحارب الاحزاب الكردية العراقية في التسعينات. كما ابدى رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني والرئيس العراقي جلال الطالباني وقادة اكراد اخرون ترددا في قتال اكراد مثلهم وهم اقلية غير عربية تعيش في منطقة جبلية تقع اراضيها ضمن الحدود العراقية والايرانية والسورية والتركية. وقال جاريث ستانسفيلد وهو خبير في الشؤون الكردية واستاذ في سياسات الشرق الاوسط في جامعة اكستر في انجلترا "اصبح البرزاني والطالباني رمزين لحركة كردية شاملة. وينظر اليهما باعتبارهما قصتي نجاح عن الحصول على الحكم الذاتي ودولة قائمة بالفعل في العراق... ولذلك لديهما قدر كبير من المصداقية لا يريدان بالضرورة الحاق الضرر به ". كما أن الابقاء على وجود لحزب العمال الكردستاني في الجبال قد يكون ورقة مساومة مفيدة للاكراد في أي مفاوضات مستقبلية مع تركيا. وقال سونر كاجابتاي مدير برنامج البحث التركي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى "سيحتاجون لحمل تركيا على تقديم تنازلات بشأن عدد من القضايا من بينها كركوك ومستقبلهم السياسي ".ويريد الاكراد ضم مدينة كركوك العراقية المنتجة للنفط لاقليم كردستان بينما تخشى تركيا أن يساعد ذلك على تمويل قيام دولة كردية مستقلة ويغذي الانفصالية الكردية على اراضيها. ويتفق محللون على أن البرزاني الذي اغضب حديثه الحماسي الاتراك سيواجه ضغوطا من واشنطن لاتخاذ خطوات ملموسة في اتجاه الحد من انشطة حزب العمال الكردستاني. وقال هلترمان "الجهة الوحيدة القادرة على الضغط على حكومة اقليم كردستان هي الحكومة الامريكية. وحاليا اذا كان الامريكيون يودون الحفاظ على صداقة تركيا فانهم يحتاجون ابلاغ القادة الاكراد عليكم اتخاذ اجراء ".ويضيف ستانسفيلد لهذه النقطة قائلا "هذا كابوس في الجغرافيا السياسية بالنسبة للامريكيين... فأهم حليف لديهم في العراق وهو الاكراد في موقف قد يتعرضون فيه للهجوم من تركيا أحد اكثر حلفاء واشنطن أهمية في المنطقة ".