يواجه الاقتصاد المصري اخطر أزمة في تاريخه بسبب الصراع السياسي وعدم الاستجابة لجميع جهود احلال التوافق في الشارع المصري.. وقد ظهر هذا التراجع واضحا في تقييم مؤسسات التصنيف الدولية للاقتصاد المصري حيث قامت مؤسسة فيتش بخفض التصنيف الائتماني لمصر الي (B) وسبقها قيام وكالة ستاندرو اند بورز بخفض تصنيف مصر الي (-B) مع نظرة مستقبلية سلبية للاقتصاد المصري ولا شك ان تراجع الاحتياطي من النقد الاجنبي بالبنك المركزي الي 13.6 مليار دولار وهو ما يغطي الواردات بمعدل 2.8 شهر وهو أدني معدل للاحتياطي كل هذه العوامل الجديدة قد تعرض مصر لفشل مباحثاتها مع صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض 4.8 مليار دولار في وقت لا تستطيع الحكومة تنفيذ البرنامج الاصلاحي المتفق عليه مع الصندوق خاصة في ظل معاناة المواطنين من الارتفاع الكبير في الاسعار. وللأسف أنه مع استمرار الصراع السياسي علي الساحة والمظاهرات والاعتصامات واستخدام العنف كل هذا يعرقل أي محاولات لاصلاح مسيرة الاقتصاد المصري.. فالسياحة في تراجع مستمر رغم الهدوء الموجود في المواقع السياحية الرئيسية بشرم الشيخ والغردقة ولكن الصورة السلبية التي ينقلها الاعلام العالمي عن العنف في الشارع المصري تسببت في هروب السائحين وايضا هروب المستثمرين وبالتالي توقفت المصادر الرئيسية للدخل القومي التي يتم من خلالها الانفاق علي المشروعات والاستثمارات وتوقف الاستثمار العقاري ولم يعد امامنا سوي دخل قناة السويس وبعض الصادرات وبعض تجارة الخدمات وتحويلات المصريين في الخارج. ولا شك ان العلاقات السياسية المتوترة مع دول الخليج العربية وانتقاد دول اوربا لاعمال العنف في مصر وتوقفها من مساندة الاقتصاد المصري حتي لم يعد امامنا سوي قطر وتركيا للحصول علي قروض لمساندة اقتصادنا كل هذا يجعلنا في خطر حقيقي خاصة مع تراجع الجنيه المصري امام العملات الاجنبية. واذا كنا حقا نرغب في انقاذ مصر وانقاذ المصريين من مستقبل قريب غامض علينا ان نسارع باحلال التوافق في الشارع المصري وعدم اقصاء اي فصيل من المشاركة في حكم البلاد واصلاح ما فسد خلال الفترة الماضية.. وبالتالي يمكن تحويل البلاد الي ورشة عمل مستمرة في كل المجالات خاصة الصناعة والزراعة وزيادة معدلات النمو فيهما والتوسع في تجارة الخدمات وبذل جهود مكثفة لعودة السياحة الي ما كانت عليه وان نصدر رسائل ثقة للعالم بان مصر انهت صراعاتها السياسية وتفرغت للبناء والتنمية وتجنيد طاقات الشباب في مشروعات قومية والتركيز علي المشروعات كثيفة العمالة ودعوة المستثمرين المصريين والاجانب للعمل الجاد والتوسع في المشروعات القائمة واقامة مشروعات جديدة واتخاذ اجراءات صارمة وحاسمة ضد من يعمل علي توقف الانتاج او الحياة في مصر ويقطع شرايين الطرق والمترو والسكك الحديدية. ان الوقت يداهمنا.. ومصر تمتلك الكنوز والثروات ما يجعلها تتجاوز أزماتها بسرعة لو تفرغنا جميعا لمصالحة شاملة مع رجال الاعمال والشركات المصرية والاجنبية وايضا للعمل والاصلاح وان تمنح الثقة للمستثمرين المصريين وتشجيعهم للاستثمار في مصر بدلا من الملاحقة المستمرة لهم. ان مئات المليارات من الدولارات نزحت من مصر طوال السنوات الماضية سواء قبل الثورة او بعدها لان رأس المال جبان يهرب من التوترات والاضطرابات ولا يعيش الا في جو آمن ومستقر وعلاقات سياسية مبنية علي المصالح وعندها ستكون مصر في حاجة الي كل عقولها الاقتصادية والمالية لكي تبني بالفكر العلمي والحلول غير التقليدية بناء الاقتصاد الوطني من جديد.. ولماذا لا نكون نموذجا مشابها لتركيا او ماليزيا او اندونيسيا وهي دول اسلامية تضع مصالحها في المقام الاول. نقلا عن صحيفة الاخبار