أحدثت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري لحل الأزمة اللبنانية من خلال دعوة الأكثرية إلى الاتفاق على اسم رئيس للجمهورية وبنصاب الثلثين في البرلمان مقابل تخلي المعارضة عن مطلبها بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، صدمة إيجابية نوعا ما وغلب على ردود الفعل من قبل أطراف الأكثرية الإيجابية والاستعداد لدراسة المبادرة. و تلقى بري اتصالا من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى تم خلاله التشاور في آفاق المرحلة المقبلة في ضوء المبادرة الجديدة. وقالت أوساط قيادية في قوى الأكثرية إن قوى 14 مارس ستلتئم في الساعات المقبلة وهي بانتظار عودة رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري من الرياض كي تعقد اجتماعاً على مستوى القيادات تحدد فيه الموقف النهائي والرسمي من مبادرة رئيس مجلس النواب. وأشارت الأوساط إلى أن الاتجاه هو التعامل بإيجابية مع المبادرة ولكن ضمن ضوابط معينة تمنع على أي فريق متضرر من جعل هذه المبادرات، منصة لتعطيل انتخابات الرئاسة، بحيث يأخذ من هذه المبادرة ما عجز عن أخذه في حكومة الثلث المعطّل. ولفتت المصادر إلى أن البحث سيشمل تحديد الشق المتعلق بتخلي الأغلبية النيابية عن الأغلبية المطلقة، التي تبقى إلى الآن الضامن الوحيد ضد أي تعطيل محتمل لانتخابات الرئاسة. وكشفت أوساط الأكثرية أن إحدى الأفكار التي تم تداولها في الساعات القليلة الماضية، خلصت إلى أنه من الممكن التزام بندي المبادرة في حال وافقت قوى المعارضة على ترشيح النائب بطرس حرب للرئاسة. في المقابل، قال مصدر بارز في المعارضة إن بري "قال كلمة المعارضة في احتفال بعلبك، وأظهر تعاليا قل نظيره، بتقديمه المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة، وحبذا لو يقتدي به فريق السلطة المنهمك في البحث عن المنافع". ورأى أن الأغلبية أمام اختبار جدي، فإما أن تعود إلى التعقّل فتناقش بإيجابية المبادرة وتسير فيما هو خير للبنان، وإما أن تستمر في نهجها الاستئثاري. واعتبرت أن تريّث بعض أهل الموالاة وخاصة تيار المستقبل في التعليق على المبادرة والانخراط في نقاش تقويمي داخلي، مع رد فعل إيجابي، من شأنه أن يشكل عاملا جيدا لكنه لا يكفي نظرا إلى أن "القوات اللبنانية" والحزب التقدمي الاشتراكي سارعا إلى نقض مجمل بنود المبادرة وإطلاق النار عليها. في هذا الوقت صدر عن شخصيات وأطراف في الأكثرية مواقف متفاوتة تراوحت بين الترحيب والحذر والتروي. وفي تعليق على المبادرة فضل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، عدم إصدار موقف، مشيرا إلى أن الأمر يحتاج إلى الدراسة. أما المرشح إلى الرئاسة النائب بطرس حرب فقد رحب بالمبادرة ودعا إلى التعامل معها بإيجابية. وفيما قال النائب وليد جنبلاط إنه لم يسمع خطاب بري في إشارة إلى تجاهل المبادرة طرح الوزير المقرب منه غازي العريضي جملة أسئلة حول المبادرة، داعيا الى أجوبة واضحة. وسأل" هل باتوا مقتنعين أن مسألة الحكومة غير ممكنة على الإطلاق؟ وهل النائب ميشال عون موافق على كلام بري حول رئيس توافقي؟ ثم هل توافق سوريا على كلام رئيس مجلس النواب،أم أن ما جاء في كلامه يخصه فقط، أو هو جديد التحالف الممتد من إيران إلى سوريا والمعارضة؟. وفي خطاب له أمام وفود شعبية تجاهل العماد ميشال عون مبادرة بري وأعلن أنه "إذا بقينا في هذا النهج الرافض للتفاهم والتوافق، فهل نصل إلى التقسيم أو إلى حرب أهلية؟ وهل نصل إلى الاستقرار الذي نريده لبناء الوطن أو نظل في أرضية الفساد التي خرجت ماديا ومعنويا؟" وقال: "إدراكنا يجب أن يزيد لأن الأزمة يجب أن تزيدنا وعيا وتماسكا وتفاهما. ونحن نرفض كل ما هو مذهبي وكل تفرقة سياسية لا تلتزم بعملها حدود الوطن". ورأى المسؤول في التيار الوطني الحر حكمت ديب أن صقور الأكثرية سترفض مبادرة بري، في حين رأى رئيس الحكومة السابق سليم الحص "أن نبيه بري كان بحق رجل دولة مسؤولا وكبيرا في كلامه عن الوضع اللبناني، أصاب إذ تحدث عن انتخاب رئيس للجمهورية توافقي في موعده الدستوري وعلى قاعدة الثلثين وقدم هذا الخيار على مطلب حكومة الوحدة الوطنية". وقال "ولكننا ما زلنا نتخوف من أن لا يتم التوافق المنشود فتنقضي فترة الاستحقاق الرئاسي من دون انتخاب رئيس جديد". وعلى صعيد المواجهات بمخيم نهر البارد اتسمت المعارك بين الجيش اللبناني ومسلحي "فتح الإسلام" بالشراسة، ما أدى لإصابة عدد من الجنود. وفي السياق نفسه أعلن السنيورة خلال اجتماع تحضيري لمؤتمر الدول المانحة الذي سيعقد في العاشر من الشهر الجاري أن "إعادة بناء مخيم نهر البارد هي استعادة لدور الدولة اللبنانية وقطع الطريق على خطة القضاء على الدولة وصورتها وسلطتها".