تعاني باكستان تنامي المواجهة المسلحة مع القوي الدينية المتشددة المسلحة في أنحاء البلاد وكانت ذروة تلك المواجهات خلال أزمة مجمع لال مسجد( المسجد الأحمر) بالعاصمة إسلام اباد والتي انتهت باقتحام المسجد ومصرع العشرات من المتحصنين به وفي مقدمتهم عبد الرشيد غازي مساعد المسئول عن المسجد وقائد المتحصنين. وهنا فرض سؤال هام نفسه علي الأحداث.. هل يقف تنظيم القاعدة وراء أزمة المسجد؟ وهل هو المسئول عن الهجمات الانتحارية أو المسلحة المتتالية التي تهز أرجاء البلاد؟ شواهد ودلالات : فقد شهدت البلاد تفجر أزمة المسجد الأحمر بعد أن بدأ طلابه المسلحون في التحرش بالمواطنين في الطرقات استنادا لفتاوي خاصة صادرة من المدرسة الملحقة بالمسجد دون الرجوع الي السلطات الدينية العليا بالبلاد أو حتي لباقي المدارس الدينية المنتشرة في أنحائها, كما شرعوا في مهاجمة رجال الأمن والمنشآت الحكومية في العاصمة بل بالإضرار بشكل متعمد بالعلاقات الصينية الباكستانية( وهي علاقات استراتيجية حيث تمثل الصين مصدرا رئيسيا من مصادر التكنولوجيا والتسليح لباكستان) من خلال استهداف رعايا صينيين.. وبدا من الواضح ان مخطط الهجمات يدرك تمام الإدراك ان تجميد او قطع العلاقات بين الدولتين سيؤدي الي فقدان باكستان لحليفها الاستراتيجي الرئيسي. كما تزامنت احداث المسجد مع تزايد التوتر في منطقة القبائل واستفحلت المواجهات عقب اقتحام المسجد الأحمر وزادت الأمور اشتعالا عندما قرر بعض الزعماء المحليين في منطقة وزيرستان انهاء اتفاق السلام المبرم مع الحكومة الباكستانية منذ سبتمبر الماضي والدخول في مواجهة مسلحة. اما الأكثر اثارة للانتباه فكان انتشار الهجمات الانتحارية او التقليدية الي انحاء البلاد وفي توقيتات متقاربة بل ضد اهداف مدروسة بعناية,مثل قصف تجمع للمعارضة او موكب لبعض الفنيين الصينيين,وهو ما يدفع الي الاعتقاد بأن مصدر الهجمات واحد وان هناك تنسيقا وترتيبات وخططا سابقة لشن موجات من الهجمات في انحاء البلاد بشكل متزامن ومتتابع. وقد لاحظ المتابعون للشأن الباكستاني تدخل ايمن الظواهري( الرجل الثاني في تنظيم القاعدة)بشكل مباشر في التحريض علي شن هجمات ضد الحكومة الباكستانية وعلي خوض الباكستانيين معركة افغانستان فوق ارضهم.. وهو ما يعني اشاعة الفوضي المسلحة في باكستان. كما لوحظت الفترة الزمنية القصيرة بين احداث اقتحام المسجد الأحمر ونداءات الانتقامالتي اطلقها الظواهري وهو ما يؤكد ان رد الفعل كان معدا بشكل مسبق ومدروس لحشد وتحريك حشود المتعصبين دينيا الي جانب المتطرفين المسلحين المحترفين من اتباع القاعدة وطالبان. وقد اعربت بناظير بوتو رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة حزب الشعب الباكستاني المعارض حاليا عن اعتقادها في وجود ايد خفيةترغب في نشر الفوضي في البلاد لإعلان حالة الطوارئ وهوالأمر الذي يمكن ان يفجر الشارع السياسي الباكستاني المشتعل اصلا. وحذرت بوتو من نشوب حرب أهلية في البلاد وان اعلان حالة الطوارئ لن يساعد علي انهاء الازمة مؤكدة ان المتطرفين يرغبون في انهيار البلاد. وفيما يتعلق بأزمة المسجد الأحمر اشارت بوتو الي ان المتحصنين به كانت لهم علي ما يبدو علاقات بتنظيم القاعدة. رسالة في القبو : ولم تأت تلك التصريحات من فراغ بل جاءت لتدعم تقارير نشرت بصحف باكستانية نقلا عن مصادر امنية اكدت العثور علي رسائل من أيمن الظواهري لكل من عبد العزيز غازي امام المسجد وشقيقه عبد الرشيد الذي قتل في المواجهات. وان الرسائل حوت ما يشير الي وجود تنسيق بين الظواهري والأخوين غازي فيما يتعلق بشن حملة من الهجمات الانتحارية في باكستان وذلك قبل بداية ازمة المسجد واقتحامه. واكدت المصادر ان الظواهري قد بعث قبل شهور ب18 من المقاتلين الأجانب لتدريب طلبة المدارس الملحقة بالمسجد علي خوض القتال المسلح ضد السلطات. وتذهب التحليلات الي ان القاعدة ربما تكون قد اشعلت الأزمة بالاتفاق مع الأخوين غازي لتستغل مصرع امام المسجد او شقيقه في توفير المبرر لشن حملة من العمليات الانتحارية في باكستان. ويقود ما سبق الي توليد بعض الفروض في مقدمتها ان دور القاعدة كان جزءا من عملية اوسع نطاقا لإحداث وقيعة بين الحكومة الباكستانية من جانب والمدارس الدينية والقبائل في اقليمالحدود الشماليةالغربية من جانب آخر.. خاصة بعد ان زادت الأنشطة المسلحة في مناطق القبائل المتاخمة للحدود الأفغانية وهي المنطقة التي تعتبرها القاعدة وفلول طالبان منطقة ارتكاز يتم الاختباء فيها لتنظيم الصفوف. فمن المعروف ان الشهور الماضية شهدت اشتباكات في منطقة القبائل بين السكان المحليين من جانب والمقاتلين الأجانب( عماد تنظيم القاعدة)من جانب آخر واسفرت الاشتباكات عن مصرع المئات. ..ومن جانب آخر تثير عمليات القصف الذي نفذته قوات حلف شمال الأطلنطي لمنطقة القبائل بباكستان دون إذن مسبق من السلطات(سقط65 قتيلا اغلبهم من النساء والأطفال وتم الإعلان في وقت لاحق عن ان الهجوم تم بطريق الخطأ) التساؤلات حول دورها وتأثيرها في تأجيج الفتنة المدمرة التي تجتاح باكستان وأدت الي إزهاق ارواح العشرات من الضحايا.