اقتحمت قوات باكستانية مجمع المسجد الأحمر في العاصمة إسلام أباد اليوم وهو ما أدى إلى مقتل ما يقرب من خمسين طالبا من طلاب المسجد حيث شهدت عملية الاقتحام مقاومة شرسة من المتحصنين له. واعترف المتحدث باسم الجيش الجنرال وحيد أرشد بمقتل ثلاثة جنود وجرح 15 آخرين فيما أعلن عن مقتل العشرات من المتحصنين واستسلام خمسين آخرين في الهجوم الذي بدأ فجرا. وأكد المتحدث أن قواته باتت تسيطر على نحو 70% من المواقع داخل المجمع الذي يضم المسجد الأحمر ومدرسة حفصة للبنات الملحقة به مشيرا إلى أنه لا يعلم ما إن كانت هناك نساء بين القتلى كما أنه ليس لديه معلومات عن مصير نائب إمام المسجد وزعيم المتحصنين عبد الرشيد غازي. وأوضح أن قتالا يدور حاليا في المدرسة والمكتبة الملحقتين بالمجمع الذي يحتمي به مئات من النساء والأطفال فيما تمكن 20 طفلا من الفرار أثناء عملية الاقتحام. كما اعتقلت قوات الأمن 24 آخرين حاولوا الفرار. وقال ضابط مخابرات – بحسب رويترز - إن المسجد تم تطهيره من المسلحين فيما تحاول القوات الخاصة تطهير المدرسة التي اعتلوا سطحها فيما أشار مسؤول أمني إلى أن التقدم بطيء جدا لأن المتحصنين يستخدمون النساء والأطفال دروعا بشرية والمنطقة ملغمة تلغيما شديدا. وأوضحت مصادر الجيش أن المتحصنين أبدوا مقاومة شديدة واستخدموا قذائف صاروخية وقنابل يدوية. واقتحمت الوحدات الخاصة مجمع المسجد الأحمر من ثلاثة محاور وواجههم إطلاق نار مكثف من قبل المتحصنين. ورغم إعلان السلطات عزمها على إنهاء العملية خلال أربع ساعات فإن الاشتباكات ما زالت مستمرة بعد مضي ثماني ساعات على الاقتحام. من جانبه قال نائب إمام المسجد في تصريح لإحدى قنوات التلفزة المحلية إن والدته أصيبت في الهجوم داعيا إلى الانتقام من الجيش وشن عمليات فدائية مشيرا إلى أنه يشارك بنفسه مع مجموعة من المسلحين في الاشتباكات والتصدي لعلمية الاقتحام. كما سمع دوي انفجار قنابل ثقيلة فيما منعت سلطات الأمن الصحفيين من التوجه للمستشفيات لتصوير الجرحى والمصابين. وجاءت عملية الجيش بعد إعلان الحكومة فشل جهود الوساطة الأخيرة التي قادها رئيس الوزراء الأسبق وزعيم حزب الرابطة الإسلامية الحاكم تشودري شجاعت حسين إلى جانب عدد من العلماء لإنهاء الأزمة التي مضى عليها أسبوع وأوقعت 67 قتيلا على الأقل. وكانت الأزمة الأخيرة اندلعت في الثالث من يوليو الحالي بعد ستة أشهر من حملة بدأها إمام المسجد عبد العزيز غازي ونائبه وشقيقه عبد الرشيد وأنصارهما بتطبيق الشريعة وإنشاء محكمة شرعية في المنطقة المحيطة بالمسجد، وتخللتها عمليات تهديد وخطف لأجانب بدعوى عملهم في الدعارة واحتجاز رجال شرطة. واتهم رحمت الله خليل -وهو عالم كبير وعضو في الوفد المفاوض المكون من 12 شخصية- الرئيس الباكستاني برويز مشرف بتخريب مسودة اتفاق تم تحضيرها بعد محادثاتهم مع غازي يوضع بموجبها نائب إمام المسجد الأحمر تحت الإقامة الجبرية فترة قصيرة. وقال خليل لوكالة أسوشيتد بريس إن الوفد المفاوض كان سعيدا بقرب انتهاء الأزمة، لكنه فوجئ بتغيير الحكومة لجميع فقرات الاتفاق، محملا الحكومة كامل المسؤولية عن "إراقة الدماء". وكان زعيم حزب الرابطة الإسلامية أعرب عن خيبة أمله بفشل جهود الوساطة بعد 11 ساعة من المفاوضات. ورغم سماح الحكومة لوفد الوساطة بالحديث عبر مكبرات الصوت والهواتف الجوالة للمتحصنين داخل المسجد وزعميهم فإنها رفضت السماح لاثنين من العلماء بدخول المسجد الأحمر للتفاوض باعتبار أن ذلك يشكل تهديدا لحياتهما. ويثير الاقتحام مخاوف من عمليات انتقام يشنها أنصار المسجد الأحمر والمتعاطفين معهم خصوصا أن هجمات بالفعل حصلت في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي (سرحد) خلال أسبوع من حصار الجيش للمسجد. كما تعرض الرئيس الباكستاني نفسه لمحاولة اغتيال عندما أطلقت النار على طائرته أثناء مغادرتها قاعدة عسكرية في مدينة راولبندي المجاورة لإسلام آباد قبل أيام. كما أثارت عملية الجيش غضبا شعبيا في أوساط الطلاب بإقليم سرحد حيث خرج عشرون ألفا من القبائل بينهم مئات المسلحين في منطقة باجور مرددين هتافات "الموت لمشرف".