مرة أخرى -و ليست أخيرة- تثبت المرأة المصرية أنها صاحبة موقف واضح وصريح.. وأن دورها مؤثر فى بناء الدولة، وأنها ستقف بالمرصاد لمن يريد إقصاءها من العمل العام.. لقد أثبتت الدكتورة سعاد كامل رزق، عضو اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، أنها امرأة بمئة رجل فى «التأسيسية».. فاتخذت موقفا واضحا دون لف أو دوران، ودون سعى إلى مصلحة خاصة مع النظام الجديد.. وإنما عملت من أجل الوطن ومستقبله.. وليس مثل من يمسك ويناور بحثًا عن مصالح خاصة.
لقد عادت الدكتورة سعاد كامل رزق إلى اجتماعات اللجنة ضمن المنسحبين الذين عادوا بضغوط وبعد وعود ممن ينتمون إلى السلطة، بأن هناك توازنا سيجرى على تشكيل اللجنة، فضلا عن أن هناك أملا فى أن يخرج الدستور ليس معبرا عن جماعة أو مجموعة، بل معبرا عن الشعب كله بجميع طوائفه..
فعادت.. لكنها فوجئت بمهازل تأسيسية «الإخوان – الغريانى» والغرور المسيطر على ممثلى النظام الجديد.
وفى الوقت نفسه عدم حسم القوى المدنية العبث الذى تدار به الجلسات.. والمسودات التى تمطرها اللجنة التأسيسية، والتى يفاجأ بها أعضاء اللجنة.
ويزداد تردد أعضاء القوى المدنية من حسم موقفهم بعد مطالب القوى المجتمعية بانسحابهم، لما يقوم به أعضاء النظام الجديد من السيطرة.. وجعل الدستور فى خدمتهم، لا فى خدمة بناء بلد خرج من ثورة من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وهناك شخصيات تلعب من خارج اللجنة.. ولها مصالح كثيرة ومهددة، ويحاول أن يُمشى أموره كما كان يفعل مع النظام القديم.. وكما فعل مع حكم جنرالات العسكر.. ويؤثر على قرار المجموعة المدنية أو ما يطلقون على أنفسهم «ممثلى القوى المدنية».
لقد وصل الخلاف إلى أشُده يوم الإثنين الماضى، عندما بدأ التصويت على مواد الدستور، التى لم تخضع لمناقشات كثيرة.. ويريدون تمريرها فى ساعات دون فتح باب مناقشة جديدة، وكأن الدستور تحول إلى بيض يجرى سلقه!! لا مبادئ وأحكام تضع البلد على أعتاب عالم جديد يليق بها وبشعبها وبتاريخها وبجغرافيتها وبثورتها التى قام بها الشعب شهداء من أجل الحرية والكرامة..
وحاولت القوى التى تدعى أنها ممثلة للجماعة الدينية أن تعترض على عملية سلق الدستور، فلم يستجب لها أحد.. فقررت تجميد عضويتها لمدة 48 ساعة (وقد مرت ال48 ساعة) حتى تستجيب إدارة اللجنة، ومن يديرها من خارجها، لمطالب مشروعة خاصة بمواد كثيرة فى الدستور، ليعبر عن الشعب.. وليس فى خدمة جماعة.
لكن الدكتورة سعاد كامل رزق لم يعجبها الموقف «المايع» الذى اتخذته مجموعة من الرجال.. وقررت أن تكون أرجل منهم.. وأعلنت انسحابها رافضة ما يعمل عليه هؤلاء الرجال.. ومن وضع نفسه معهم من خارج اللجنة، لتحكمه فى ستة أو سبعة أعضاء.. وهو الذى تحالف مع من يدير اللجنة التأسيسية، سعيا إلى مكسب وعطايا تزيد من أعماله الخاصة -المثيرة للجدل..
وقالت الدكتورة سعاد كامل رزق بوضوح: «إن ما يجرى فى اللجنة التأسيسية هو سيادة روح المغالبة، وفرض رؤية واحدة.. بما يقضى على أى أمل فى التوصل إلى دستور رصين يحمى الدولة المدنية وحقوق المواطنة».
وقالت إن سبب اتخاذها هذا القرار وعدم انتظارها المهلة التى سبق الإعلان عنها، وهى (48 ساعة) أنها تفقد الأمل فى أى إصلاحات حقيقية، خصوصا مع وجود اتجاه لسلق الدستور، ولا أمل فى أى توافق حقيقى، وما يتم إعلانه مجرد وعود براقة لن تجد تطبيقا على أرض الواقع.. والوضع لا يبشر بخير.
لقد تم فضح اللجنة التأسيسية وعبثها من قبل بانسحاب واستقالة امرأة هى منال الطيبى..
وها هى الدكتورة سعاد كامل رزق، تثبت أنها امرأة بمئة رجل فى «التأسيسية».