جامعة الوادى الجديد تطلق المهرجان الأول للأسر الطلابية    ضبط 2.5 طن سكر تمويني ناقص الوزن وتحرير 322 محضرًا بأسيوط    البورصات الأوروبية تغلق منخفضة مع ترقب تحركات الفائدة    18 شهيداً بينهم أطفال في غارة إسرائيلية على محيط مستشفى الحريري في بيروت    مبابي وفينيسيوس يقودان هجوم الريال ضد دورتموند فى دوري أبطال أوروبا    حابس الشروف: مقتل قائد اللواء 401 أثر في نفسية جنود الاحتلال الإسرائيلي    من يدير المعارك في غزة بعد استشهاد يحيى السنوار؟ قيادي بحركة حماس يكشف    موعد مباراة مصر والسنغال في نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية والقنوات الناقلة    كشافة مانشستر يونايتد يتابعون ثنائي نابولي    بعد توقيعه لناديين.. غزل المحلة يعلن إيقاف الزنفلي 4 أشهر وتغريمه ماليًا    ننشر أسماء ضحايا حادث طريق قنا - سوهاج    أطفال تنمية المواهب يغنون يا تمر حنة وتلات سلامات بحفل مهرجان الموسيقى العربية    نتنياهو: بحثت مع بلينكن ضرورة وحدة الصف فى مواجهة التهديد الإيرانى    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الصبر أهم مفاتيح تربية الأبناء والتخلص من القلق    فساد تطعيمات السحائى لطلاب المدارس؟.. "الصحة" ترد علي الفيديو المتداول    بلاغ للنائب العام.. أول رد من الصحة على مروجي فيديو فساد التطعيمات    زينة تحتفل بعيد ميلاد شقيقتها ياسمين وتعلق: «بنتي الأولى» (فيديو)    إعادة تنظيم ضوابط توريق الحقوق المالية الناشئة عن مزاولة التمويل غير المصرفي    أمين الفتوى: النية الصادقة تفتح أبواب الرحمة والبركة في الأبناء    قطار صحافة الدقهلية وصل إدارة الجمالية التعليمية لتقييم مسابقتى البرنامج والحديث الإذاعى    منافس بيراميدز - بعد تعادلين في الدوري.. الترجي يعلن رحيل مدربه البرتغالي    صفة ملابس الإحرام للرجل والمرأة.. تعرف عليها    باحث سياسي: الاحتلال أرجع غزة عشرات السنوات للوراء    محافظ أسوان يتفقد مشروع إنشاء قصر الثقافة الجديد في أبو سمبل    صور من كواليس مسلسل "وتر حساس" قبل عرضه على شاشة "ON"    هبة عوف: خراب بيوت كثيرة بسبب فهم خاطئ لأحكام الشرع    صلاح البجيرمي يكتب: الشعب وانتصارات أكتوبر 73    وصول عدد من الخيول المشتركة فى بطولة مصر الدولية للفروسية    مساعد وزير الصحة: تنفيذ شراكات ناجحة مع منظمات المجتمع المدني في مختلف المحافظات    النائب العام يلتقي نظيره الإسباني لبحث التعاون المشترك    ولى العهد السعودى وملك الأردن يبحثان تطورات الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط    وزيرا الشباب والتعليم يبحثان التعاون الاستراتيجي في إطار مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان المصري"    ظل كلوب يخيم على مواجهة ليفربول ولايبزيج    بعد تصريحات السيسي.. الحكومة تطلب من "صندوق النقد" مد أجل تنفيذ إصلاحات البرنامج الاقتصادي    غادة عبدالرحيم: الاستثمار في بناء الإنسان وتعزيز الابتكار أهم ما تناولته جلسات مؤتمر السكان    حيثيات الحبس 3 سنوات للمتهمين في قضية فبركة سحر مؤمن زكريا (خاص)    «سترة نجاة ذكية وإنذار مبكر بالكوارث».. طالبان بجامعة حلوان يتفوقان في مسابقة دبي    وزير التعليم العالي: بنك المعرفة ساهم في تقدم مصر 12 مركزًا على مؤشر «Scimago»    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    حبس سيدة تخلصت من طفلة بقتلها للانتقام من أسرتها في الغربية    «القومي للطفولة والأمومة»: السجن 10 سنوات عقوبة المشاركة في جريمة ختان الإناث    الفنون الشعبية تستقبل تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بأسوان    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    رئيس "نقل النواب" يستعرض مشروع قانون إنشاء ميناء جاف جديد بالعاشر من رمضان    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    برغم القانون الحلقة 28.. فشل مخطط ابنة أكرم لتسليم والدها إلى وليد    بيروح وراهم الحمام.. تفاصيل صادمة في تح.رش موظف في مدرسة بطالبات الإعدادي    حيلة ذكية من هاريس لكسر ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية.. النساء كلمة السر    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    كوريا الشمالية تنفي إرسال قوات لروسيا لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا    الاعتماد والرقابة الصحية تنظم ورشة عمل للتعريف بمعايير السلامة لوحدات ومراكز الرعاية الأولية    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    انعقاد مجلس التعليم والطلاب بجامعة قناة السويس    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع رئيس اتحاد الكرة بشأن نهائي كأس السوبر المصري    مواعيد صرف مرتبات أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر 2024 لموظفي الجهاز الإداري للدولة    مصرع طفل سقط من الطابق الثانى بمنزله بالشرقية    «إنت مش مارادونا».. مدحت شلبي يهاجم نجم الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نيفين مسعد: مسوَّدة الدستور تحصِّن وضع رئيس الجمهورية وهذا يخدم جماعته
نشر في الدستور الأصلي يوم 05 - 11 - 2012


حوار: صفية حمدى
ربما لم تمر على مصر أزمة سياسية، كتلك التى تعيشها الآن، بسبب الجمعية التأسيسية للدستور. المسودات المنشورة للدستور المنتظر، تحمل ألغاما عدة فى طريق المصريين نحو الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، بينما تعيد، حسب غالبية القوى المدنية والثورية، صناعة الرئيس الفرعون، أو الرئيس الإله، فضلا عن تمكين فصيل دينى بعينه، هو جماعة الإخوان المسلمين، وربما أيضا التيارات السلفية، من السيطرة على المجتمع، وتغريبه عن ثوابته الوطنية والقومية.
يأتى هذا بينما يقف الرئيس الدكتور محمد مرسى حائرا، بين الانحياز إلى الدولة، وبين قيادة أخونتها، وفى المقابل لا يزال التشتت والتشرذم مسيطرا على القوى المدنية، وإن اتخذت بعض الخطوات، فى اتجاه الاتحاد والتحالف، على أمل تأسيس جبهات سياسية صلبة، تعلى من شأن المصلحة الوطنية، فوق التحزب.
فى حوارها المطول مع «الدستور الأصلي»، تحاول الدكتورة نيفين مسعد أستاذة النظم السياسية بجامعة القاهرة، رسم صورة واقعية للأزمة الدستورية التى تعيشها مصر حاليا، وسبل الخروج منها. إلى نص الحوار
■ كيف تقيّمين دعوة الرئيس محمد مرسى للاجتماع بعدد من الأحزاب، عقب إحالة ملف الجمعية التأسيسية إلى المحكمة الدستورية العليا؟ وهل يمكنه فى رأيك لعب دور لحل الأزمة؟
- فى الحقيقة أرى أن دور الرئيس مرسى أنه منشئ لأزمة الجمعية التأسيسية للدستور، وليس لاحقا عليها، لأنه لو تذكرنا اللقاء الذى تم التوافق عليه بين القوى السياسية والرئيس قبل الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، سنجد مضمونه أن الدكتور مرسى فى حالة فوزه بالانتخابات سيقوم بإعادة التوازن إلى الجمعية التأسيسية، ولو كان قد قام بهذا الدور لكانت الأمور تسير الآن بشكل أيسر وأفضل، وكان الأمر سينعكس على شكل الحوار ومسوَّدة الدستور. والأكثر من ذلك والذى يدل على أن الرئيس مرسى دوره منشئ للأزمة أنه خلال الأيام القليلة الماضية عند شغل المقاعد الشاغرة فى الجمعية كان يمكن للرئيس مرسى التعويض بممثلى التيار المدنى من الأعضاء الاحتياط وهو ما لم يحدث.
■ إذن ما رأيك فى دعوة الرئيس لمرشحى الرئاسة السابقين ودعوته لممثلى عدد من الأحزاب من قبل بعد حكم احالة قضية الجمعية التأسيسية إلى المحكمة الدستورية؟
- أما لقاء الرئيس مرسى مع ممثلى الأحزاب فلم تستجب له القوى الرئيسية لأنها كانت ترفض لقاء لا يسفر عن التزامات محددة ومن ثَم فإن نجاح اللقاء مع المرشحين السابقين للرئاسة من عدمه مرهون بمدى استجابة الرئيس للمطالب الرئيسية لهم والتى تمثل رأى جمهورهم الانتخابى.
■ هل يعنى كلامك أن الرئيس مرسى لديه أزمة فى عملية صنع القرار السياسى أم أنه تجاهل ما وعد به ولم يتخذ أى إجراءات لإصلاح «التأسيسية» بشكل متعمد؟
- لا أظن أن الأمر كان متعمدا بقدر ما يرتبط بعدم الخبرة السياسية الكافية.
■ هل هذا يعنى أن موقف الرئيس لم يكن رضوخا لرغبة جماعة الإخوان المسلمين، التى ينتمى إليها، بحيث يتم إخراج الدستور بما يتناسب معها؟
- لا بد أن نميز بين أمرين.. حينما أشرت إلى أن عملية صنع القرار داخل مؤسسة الرئاسة ترتبط بعدم وجود خبرة سياسية، قصدت هنا الحديث عن صنع القرار السياسى بشكل عام، مثل ما حدث فى أزمة النائب العام وقرار عودة مجلس الشعب. لكن عدم اتخاذ الرئيس مرسى قرارا يعيد التوازن إلى الجمعية التأسيسية، فأنا أتصور هنا أن ضغوطا مورست عليه فى هذا الأمر لأن الحفاظ على تركيبة جمعية غير ممثلة للجميع، لا بد أنه سينتج دستورا لا يمثل المجتمع المصرى. وهنا لا يوجد عدم خبرة سياسية، إنما الأمر يرتبط بوجود ضغوط من جماعة الإخوان والتيار السلفى على الرئيس.
■ بصفتك عضو مجلس أمناء فى التيار الشعبى.. هل ترين أن القوى المدنية تمتلك وسائل ضغط تمكنها من مواجهة مسوَّدة الدستور الحالية؟
- ما لم تُحَلّ قضية الجمعية التأسيسية فلا مخرج سوى النضال السياسى. وأول رد فعل بعد الحكم وجدنا قوى مدنية تبدى قلقها، والخطوة التالية أعتقد أنها ستكون الانسحاب من الجمعية فى حالة استمرار الأزمة. وحينها لن تكون المسوَّدة التى ستخرج تعبر عن جزء من المجتمع فقط إنما تعبر عن تيار سياسى بعينه فى المجتمع.
■ من وجهة نظرك، ما أهم شواهد خضوع قرارات الرئيس لرغبة الإخوان فى المرحلة الماضية؟
- على سبيل المثال قيامه بإسناد المراكز الحساسة إلى أهل الثقة لا أهل الكفاءة، مثل إسناد ملف السياسة الخارجية إلى عصام حداد أحد المسؤولين عن ملف التنظيم الدولى للإخوان المسلمين. وكذا مسألة جعل حلقة الوصل بين رجال الأعمال ومؤسسة الرئاسة القيادى المهم فى جماعة الإخوان المسلمين حسن مالك.
■ استنادا إلى خطاب الود والصداقة الذى أرسله الرئيس مرسى إلى نظيره الإسرائيلى شيمون بيزيز هل سيسير الرئيس على نفس درب سلفه المخلوع حسنى مبارك فى مفاوضات القضية الفلسطينية؟
- هناك إجراءات تعكس وجود اختلاف فى التعامل الرئيس مرسى مع القضية الفلسطينية، منها وقف تصدير الغاز، وتحسن للعلاقات مع حماس. إضافة إلى التسهيلات التى قُدمت إلى أمير قطر لزيارة غزة. لكن لو افترضنا جدلا أن حركة حماس قررت تسخين الجبهة مع إسرائيل.. هنا التساؤل: ماذا سيكون موقف الرئيس مرسى؟ هل سيقف مع هذا القرار أم لا؟! على ضوء الشعارات التى كانت ترفعها الجماعة وهى فى المعارضة، وألفت هنا إلى أن من يصل إلى مقاعد السلطة يُضطرّ إلى مراجعة كثير من مقولاته أو الأطروحات التى تبناها وهو فى المعارضة، حيث إن المعارضة دائما طموحة والحكام واقعيون.. المعارضة طموحة لأنها تطلب وتقترح وتوصى. لكن الحكام ينفذون إجراءات ويصنعون سياسات ويوفرون تدابير. ولهذا فإنه من الناحية العقلية لا بد أن يفرض الواقع معطياته على الجماعة التى تصل إلى السلطة لأنه ليست هناك رفاهية الطموح والتوقعات بلا مدى.
■ لكن هل من الطبيعى أن تتغير المبادئ والمواقف؟
- حينما تعارض الجماعة على أساس أخلاقى ودينى يصبح التحدى أكبر أما المعارضة المدنية فتبنى معارضتها على أسس موضوعية، وحينما تصل إلى الحكم وتغير مواقفها فهذا يحدث فى السياسة لأن السياسة لغة المصالح، لكن المشكلة أن الجماعة الدينية تتعرض لإحراج أكثر من غيرها عندما تنتقل من مقاعد المعارضة إلى سدة الحكم، لأنها تُضطرّ إلى البحث عن أسانيد دينية للتغير فى موقفها. وقد حدث ذلك عندما وجدت الجماعة نفسها فى مأزق بقبولها قرض صندوق النقد الدولى الذى سبق لها أن رفضته فاضطُرّت إلى اللجوء إلى قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات»، وهنا المسألة شائكة حينما يقول المرء هذا القرض حرام ثم يحلله بسبب أن الضرورات تبيح المحظورات. وبالمثل فإن موقف كل من حزب الله وحركة حماس فى موقع المقاومة كان أقوى بكثير منه وهما فى موقع المسؤولية السياسية بما تتطلبه من صفقات ومناورات.
■ إضافة إلى ما سبق وبمناسبة حديثك عن حماس.. هل ضرْب الأنفاق بين سيناء وغزة، يعنى أن الرئيس خضع لاعتبارات الواقع فى التعامل مع حركة حماس والقضية الفلسطينية؟
- بالطبع، وقد وجدنا بعض أعضاء حماس يتظاهرون على الحدود احتجاجا على إغلاق الأنفاق. والواقع أن الأنفاق ظهرت حينما كان هناك حصار على الحركة، ولم يكن هناك بديل لتوصيل الاحتياجات. واليوم خففت إجراءات المعابر، وباتت هناك حرية حركة من رفح المصرية إلى داخل قطاع غزة، ولم يعد للإبقاء على الأنفاق مبرر سوى أن المسألة تجارية. ولم يعد حصار أهل غزة ومعاناتهم، ولا علاقة له بإسرائيل أو بعقوبات كان يفرضها نظام تابع مثل نظام مبارك لعلاقاته مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
■ هل هذا يعد مؤشرا على أنه فى حالة اتخاذ حماس قرارا بمواجهة إسرائيل، فإن الرئيس مرسى قد لا يتخذ قرارا بمساندتها؟
- بداية هذا القرار لن يُتخذ، بمعنى حماس لن تقوم بمواجهة مفتوحة مع إسرائيل. ولو افترضنا جدلا أنه اتُّخذ فأعتقد أن الموقف المصرى سيرفض التورط، على الأقل مؤسسة الرئاسة، لأن من الصعب أن تنجرّ مصر إلى مواجهة عسكرية خصوصا مع تأكيد مؤسسة الرئاسة الالتزام باتفاقية كامب ديفيد. لكن ربما أعضاء فى الإخوان أو تيارات أو قوى مختلفة تذهب إلى الجهاد.
■ هل هناك تأثير لانتماء الرئيس إلى جماعة دينية فى الأساس، على مواجهة الجماعات الجهادية فى سيناء؟
- التيار الدينى فيه تكوينات واتجاهات مختلفة. لا يمكن وضع الإخوان فى نفس السلة مع جماعات التكفير، أو الجماعات الجهادية، لأن الجهادية نفسها ضد مفهوم الدولة. وإلا فلو أن هناك تأثيرا لَمَا كانت قتلت مجموعة الجنود فى رفح، حيث كانت الحادثة ستمثل حرجا للرئيس مرسى شخصيا. وهنا مرة ثانية تظهر الاعتبارات البراجماتية، التى تحكمه بأن يتصدى للتيارات الجهادية، إضافة إلى ذلك فإن الفكر ليس واحدا بين تلك التيارات والإخوان.
■ لكن على الجانب الآخر.. هل يُعَدّ وجود الرئيس مرسى فى سدة الحكم، فرصة لتلك الجماعات الجهادية؟
- ليس فرصة، لكن قد يرون أن القبضة الأمنية ضدهم خفّت، وأن عمليات الاعتقال والمراقبة بلا شك خفّت، لكن اليقين أنها لا تعتقد أن شخصا من الإخوان المسلمين سيكون ممثلا لها، ومع ذلك وفى نفس الوقت هى تراه دون شك أفضل لها من رئيس يسارى أو ليبرالى.
■ ما أهم النصوص التى تمهد لسيطرة الإخوان المسلمين فى مسوَّدة الدستور؟
- ليس هناك ما يعزز سلطة الجماعة، بل هناك أمور تعزز من وضع رئيس الجمهورية، وهو من الجماعة. ففى بداية الثورة بعد الإطاحة بحكم مبارك كان هناك إصرار من جماعة الإخوان على النظام البرلمانى، ثم قالوا نأخذ بالمختلط بعد أن واجهت النظام البرلمانى معارضة. ثم ما يحدث حاليا أن بعض الأمور تعزز وتدعم من وضع رئيس الجمهورية، ولا تأخذنا إلى نظام مختلط نهائيا. ومنها على سبيل المثال أن حل مجلس النواب يكون بناء على توصية من رئيس الحكومة، ورئيس الجمهورية هو من يعين رئيس الحكومة، والأغلبية المطلوبة فى الاستفتاء على حل مجلس النواب هى الأغلبية البسيطة، ليست مثلا ثلثى أعضاء المجلس كذلك نجد نصا ينص على أن رئيس الجمهورية من حقه إصدار قرارات تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا بناء على ترشيحات قضائية، وهذا النص يمكن تعديله بأن يقوم رئيس الجمهورية بالمصادقة لا باتخاذ القرار، لأن القرار ما بين الجمعيات العمومية للقضاة يمكن أن يُحدث شدا وجذبا أو أن يحاول رئيس الجمهورية فرض أمر معين.

والسؤال: لو لم يكن رئيس الجمهورية هو الدكتور مرسى وكان حمدين صباحى أو عبد المنعم أبو الفتوح أو عمرو موسى أو أحمد شفيق، هل كان سيتم تمرير نصوص تعزز من موقع رئيس الدولة؟ ونفس الأمر، هناك تحصين لمنصب رئيس الجمهورية ليستكمل مدته 4 سنوات، كيف تستكمل وأنت لديك دستور لا ينظمك وتم انتخابك على دستور ما قبل ذلك؟ فلو لم يكن من الجماعة هل كان سيتم تحصين المنصب أم لا؟! الأمر الثانى أيضا أنه يتم العمل على تحصين الدستور برمته لمدة 5 سنوات أو 10 سنوات، ويقولون إن هذا دستور مؤقت! وقد سمعت أن هذا النص رُفع.
■ ما أهم المواد التى أثارت تحفظاتك فى مسوَّدة الدستور؟
- موضوعات المرأة بالطبع، وهى قُتلت بحثا، ومفهوم التقيد فى المساواة بمسألة أحكام الشريعة الإسلامية. ولفت نظرى كذلك كثرة الإحالة إلى القانون، واللحاق المواد دائما بجملة «وفقا لما يحدده القانون».
والواقع أنه كلما تمت الإحالة إلى القانون، يفتح الباب لأن يتم تقييد المباح فى الدستور. لأنه ما لم يُذكر صراحةً العناصر المنظمة فهذا يفتح الباب للتقييد. وقد أثار انتباهى أيضا عدم وجود رؤية للسياسة الخارجية مثلا حينما نقول «مصر تعتزّ بدول حوض النيل»، هذه نظرة عنصرية تعزز ما تأخذه دول حوض النيل عن مصر، حيث تعتبر أن مصر تنظر إليها باعتبارها صنبور مياه، وهذه نظرة يمكن تضر أكثر مما تنفع، وكان يمكن القول إن مصر جزء من إفريقيا وينتهى الأمر.

كذلك لم نرَ أى إشارة إلى المعاهدات الدولية كأنها عيب، أو أن مصر نبت منزوع الجذور، وهو أمر فى منتهى الغرابة. وبالرجوع إلى الدستور التونسى نجد على سبيل المثال أنه يأخذ بقاعدة أولوية المعاهدات التى تُبرَم على القانون الداخلى.
كذلك كان قد لفت انتباهى تناقضات الجنسية إذ كان يشترط لرئيس الوزراء أن لا يكون مزدوج الجنسية، ولا نشترط ذلك لرئيس الجمهورية! رغم أنه يضع هذا الشرط فى ما يخص والديه! وقد تم تصحيح هذا الخطأ فى المسوَّدة الأخيرة واشترط عدم ازدواجية الجنسية لرئيس الجمهورية. أيضا المسوَّدة لا تضع شرط المؤهل الدراسى أو الجامعى لرئيس الجمهورية؟ وتحدد 40 سنة حدا أدنى لسن المرشح للرئاسة، ولا تضع حدا أقصى لسن المرشح والمسألة مفتوحة! وفى تونس وضعوا 70 عاما، وهو كبير لكن على الأقل هناك حد أقصى، أما مصر فمسوَّدة الدستور تسمح بمرشح 90 عاما، لم لا ما دام يحتفظ بكفاءته الذهنية وقدرته على العطاء؟ لم لا؟!

إضافة إلى ذلك نجد أن منصب نائب رئيس الجمهورية اختفى من الدستور بعد أن كنا طول الوقت نطالب به فى عهد مبارك ونقول مطلوب من حسنى مبارك تعيين نائب رئيس ونقول ماذا لو مات أو مرض الرئيس؟ وهناك قواعد تنظم مسألة مرض أو وفاة الرئيس فى الدستور، لكننا نتحدث عن منصب أخذناه بشق الأنفس، ولا نريد أن يكون المستشار محمود مكى هو الأول والأخير بعد الثورة مع استبعاد مرحلة عمر سليمان، لأنها لا تنتمى إلى الثورة، لا نريد أن يكون هذا المنصب خُلق لمرة واحدة وانتهى.

■ كيف تفسرين أن يحرص الرئيس مرسى على تعيين نائب رئيس، ولا ينعكس ذلك فى الجمعية التأسيسية؟
- هذا يعنى أن بين ما يحدث فى الواقع وداخل تأسيسية الدستور مفارقة. فمن غير المنطقى أن تستمر تركيبة السلطة فى ظل مسوَّدة دستور مُختلَف عليه.
■ هل هناك مؤشرات لحدوث تغيير فى صفوف القوى المدنية عن ذى قبل؟
- هناك مؤشرات، لكن لا أريد أن أتفاءل، وأنتظر حتى أرى ذلك، فقد شاركت فى جمعة «مصر مش عزبة» وأنا لا أنشغل بعدد المشاركين، بل بالتشكيلة المشاركة، والتركيبة فى هذه الجمعة ضمت قوى يسارية ويسار الوسط ونساء ورجالا وشباب ثورة. إضافة إلى أننا نتحدث عن تيار شعبى لا يحتكره أحد. وهذه عناصر مبشرة. لكن هل ستترجم تلك التغيرات على أرض الواقع أم لا؟ الأداء هو الذى سيحكم ما إذا كانت القوى المدنية تعلمت من أخطاء الماضى أم لا.
■ هل تسير مصر نحو حكم الفرد لا المؤسسة؟
- لا أرى حكما مؤسسيا، نسمع أصواتا كثيرة لكن فى النهاية هو فرد الذى يحكم. ولا أرى أنه تم بناء قاعدة مؤسسية للعمل السياسى.
■ كونك ابنة مستشار.. كيف قيّمتِ أزمة إقالة النائب العام؟
- وجدت أن القرار مبنى على أدلة ظنية، فلا أستطيع أن أرى أن النائب العام جرت مكالمة بينه وبين وسطاء وأكد أنه وافق ثم عَدَلَ عن رأيه. لكن ما قيل إنه نُقل بالخطأ إلى رئيس الجمهورية أن المستشار عبد المجيد محمود وافق، والحقيقة أن هذه ليست سمة من هم فى العمل القضائى لأنهم لا يؤمنون بشىء إلا ما هو مكتوب أو المُمسَك باليد، وهذه من شيم العدالة. فأمسكت بهذه النقطة لأستدلّ على مسألة العوار فى القرار الرئاسى، فكيف نبنى قرارا بهذه الخطورة على تصور ليس دقيقا.
■ علاقات تشابك المصالح الاقتصادية والمصاهرة فى جماعة الإخوان قد تكون أخطر منها فى عهد مبارك والحزب الوطنى المنحل.. كيف نواجه تزاوج السلطة ورجال الأعمال فى عصر الإخوان؟
- هى مسألة فى منتهى الصعوبة، وعادة فإن طبقة رجال الأعمال ترتبط بمصاهرة مع النخبة. لكن كذلك فى حالة الإخوان أكثر خطورة، وشبكة العلاقات أعمق، فرجل الأعمال هنا أقرب فكريا وأخلاقيا ومنطقيا للإخوان من غيرهم. والجملة الشهيرة لصبحى صالح أن الإخوانى لا يتزوج غير إخوانية أمر فى منتهى الخطورة. وأرى أنه إذا أردنا أن لا نكرر أخطاء النظام السابق لا بد أن لا يُسمح لهذه الظاهرة بأن تفرز أقارب فى داخل السلطة قدر الإمكان. على سبيل المثال رئيس مجلس الشورى نسيب للرئيس مرسى، فلا بد من فك الارتباط بين العلاقات الأسرية والمناصب الرسمية. وثانيا فك الارتباط بين العمل الاقتصادى والسياسى أو بين رجال الأعمال والنفوذ السياسى، ولا يمكن القول إن هؤلاء رجال أعمال بأخلاق مختلفة أو أكثر تقوى لأن كل رجل أعمال باليقين له مصالح، وإن كانت مشروعة.
■ هل يمكن للنص المطروح فى مسوَّدة الدستور الذى يحظر على نواب البرلمان التعامل مع الدولة هو أو أقاربه أو أولاده أن يعالج هذا الأمر ولا يكرر أزمة نواب الوطنى المنحل؟
- فى حالة عضوية النواب والبرلمان هذا واضح. لكن ما الوضع الذى يحدده الرئيس لرجاله الذين لهم دور اقتصادى مهم، وفى نفس الوقت بحكم قربهم له لهم نفوذ سياسى. فأين الاقتصادى وأين السياسى فى شخص حسن مالك على سبيل المثال؟ كيف نستطيع أن نفصل بين دور رجل إلى جانب رئيس الجمهورية بما لذلك من نفوذ سياسى، ودوره كرجل أعمال؟
■ وهل تفرضين أن خيرت الشاطر بعيد عن عملية صنع القرار السياسى فى الفترة الحالية؟
- لا طبعا، من يتصور ذلك هو واهم. فالشاطر كان هو المرشح للرئاسة، لا أتصور ذلك. ونتذكر أنه عندما ثارت أزمة سفر الأجانب المتهمين فى قضية منظمات المجتمع المدنى تم توجيه الشكر إلى خيرت الشاطر لدوره فى حل الأزمة، فهل هذه سياسة أم اقتصاد أم الاثنان معا؟ وهو طبعا نفى وقال إنه غير صحيح، لكن لماذا تم اختياره لتوجيه الشكر إليه من الإدارة الأمريكية؟ ولا يمكن القول هنا إن الإدارة الأمريكية كانت ترغب فى الإيقاع بين الإخوان والشعب لأنه لو كانت أمريكا تريد ذلك ما كانت كل هذه العلاقة الوثيقة مع الإخوان.
■ هل تُوَجَّه السياسة الخارجية للرئيس مرسى بدعم العلاقات مع قطر يسير مع توجهات جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي؟
- ليس التنظيم الدولى للجماعة، لكن التوجه ينطلق من الدائرة الرئيسية من منطقة الخليج واعتبارها دائرة الأمن القومى، وهذا مفهوم من حيث حجم العمالة والعلاقة التاريخية. لكن هذه نفس سياسة مبارك، وحتى قيام الرئيس مرسى بأول زيارة إلى السعودية، هذا يعكس نفس الأطر التقليدية لسياسة نظام مبارك، وكان ضروريا بعد الثورة أن تنشأ علاقة بين مصر ودول الثورات العربية، مثل اليمن وتونس وليبيا، وتكون محورا أو ركيزة السياسة الخارجية لمصر ودول مثل ليبيا لديها عمالة مصرية، وقد يكون لديها استثمارات أيضا، ودول الثورات هى التى كانت ستمثل انقطاعا حقيقيا عن النظام السابق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.