قال الكاتب أحمد الخميسى إنه عندما نسأل ما الذي تبقى من طه حسين للجيل الجديد، فإننا نكون بصدد سؤال يصلح لتناول كل تراث فكري وأدبي. وأضاف أنه يحق لنا في هذا الشأن أن نسأل على سبيل المثال: ما الذي يبقى من سيد درويش للجيل الجديد، أو النحات العظيم محمود مختار، أو حتى نجيب محفوظ؟
وتابع : لا شك أن التطور الموسيقي سيتجاوز أو تجاوز بالفعل سيد درويش - ماعدا إنجازه في المسرح الغنائي - وتجاوز طرق مختار في النحت، وتجاوز الشكل الروائي عند نجيب محفوظ إلى آفاق أرحب.
وأكد الخميسى أن التطور يتجاوز تقريبا كل شيء حتى كاتبا عملاقا مثل شكسبير الذي يصبح بمرور الزمن "أكثر قدما"، وعندما نتحدث الآن عن ترجمة رفاعة رافع الطهطاوي للدستور الفرنسي في حينه، فإن ترجمة الدستور بحد ذاتها قد لا تعني الآن أي شيء، لكن تلك الترجمة في حينه كانت - بما قدمته من نموذج لفصل السلطات - ثورة ضد انفراد الحاكم المطلق بكل السلطات.
وأضاف أن رواية عباس العقاد "سارة" كانت حينذاك "أول" رواية نفسية عربية، لكن الزمن تجاوزها، فهي الآن كرواية قد لا تعني الكثير، ويبقى من طه حسين إذن ليس أعماله بالتحديد لكن مغزى مشاركته في حل قضايا مجتمعه حينذاك، يبقى منهجه العلمي القائم على أن كل قضية أدبية أو تراثية أو فكرية قابلة للتمحيص، وأن العلم والدرس لا يعرف المقدسات، وهذا ما أثار عليه المجتمع حين أصدر كتابه "في الشعر الجاهلي".
وأشار إلى أنه يبقى من طه حسين صيحته التي مازلنا بحاجة إليها أن "العلم هو حق لكل مواطن كالماء والهواء"، وتبقى بعض أعماله الأدبية مثل "الأيام"، و"دعاء الكروان"، وتبقى قراءته الخاصة للثقافة المصرية، لكن الزمن سيتجاوز حتى كل ذلك، ليبقى معنى ومغزى حياة الكاتب، ثم يبقى للجيل الجديد إن أراد نموذج نادر للشاب الذي لم يقعده العجز عن طلب العلم.
وتابع: الآن على سبيل المثال عندما نقول "يوري جاجارين" ونسأل ما الذي تبقى منه؟ نجيب بأن ما تبقى مغزى عمله، وليس عمله، فقد سافر إلي الفضاء رواد كثيرون بعد جاجارين، لكن سيبقى دائما أنه أول رائد فضاء، ويبقى أنه يرمز إلي كسر حاجز الجاذبية الأرضية حتى لو تجاوز العلم ذلك.
ورأى الخميسي أنه من زاوية "مغزى حياة وأعمال الإنسان" سيبقى من منهج طه حسين الكثير، ومن كتبه سيبقى الكثير خاصة كتابه "مستقبل الثقافة المصرية" الذي ربط الثقافة بالتعليم.