لم ينسحب أى من الإخوان من لجنة كتابة الدستور أو أى من حلفائهم من السلفيين أو من الذين اختاروهم فى انتخابات «الورقة الدوارة» فى إطار ما ادعاه قيادات إخوانية عن استعدادهم لتبديل شخصيات بأخرى إرضاء للمنسحبين والمحتجين على تكويش الجماعة على اللجنة. .. وهو الأمر الذى وعدوا به فى اجتماع «ترقيع» اللجنة وإنقاذها مع المشير طنطاوى وجنرالاته المعاشات بقيادات الأحزاب، التى كان معظمها أحزابا فلولية كرتونية، وفى حضور محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة.
لكن لم يحدث أى شىء.. وهم -أى الإخوان- مصرون على المضى قدما فى دستورهم الخاص المكتوب «والذى عندهم جوه».. ويريدون المشاركين من داخلهم أو خارجهم كومبارسا فى احتفالهم الخاص الذى يفسدون فيه القوانين والإعلان الدستورى على مزاجهم وطريقتهم الخاصة.. ويصرون على تفسيرهم بمشاركة الأعضاء المنتخبين فى مجلسى الشعب والشورى (المجلس الهزلى الذى تم تشكيله ب 7٪ فقط، وفقا لأرقام المستشار عبد المعز الذى مرمغ سمعة القضاء المصرى فى الأرض)، فى لجنة كتابة الدستور، مخالفين بذلك آراء قانونيين ودستوريين مهمين.. ومخالفين لأعراف حول التوافق على كتابة الدستور.. من كل الطوائف والقوى المجتمعية المختلفة.. وليس جماعة الإخوان فقط ومن معهم.
.. وقد انسحب عدد كبير من الشخصيات العامة وممثلى الأحزاب من اللجنة بعد أن اتضح لهم تلاعب الإخوان فى تشكيل اللجنة والإصرار على استئثارهم بها.. وكأنهم سيشاركون كديكور فقط فى وضع الدستور، ولن تكون منهم فائدة تذكر.
.. وفى الاجتماع الأول الأربعاء الماضى 28 مارس، اقترح الشاعر الكبير فاروق جويدة الذى تم اختياره ضمن الشخصيات العامة عضوا فى اللجنة، تنازل 15 عضوا من أعضاء مجلسى الشعب والشورى عن مواقعهم باللجنة من أجل ضم عدد من رموز القانون، مثل ثروت بدوى وإبراهيم درويش ويحيى الجمل.
وقال أيضا: أنا أول المتنازلين، ولا يعقل أن نفكر بمنطق سياسى أو حزبى فى هذه اللحظة التاريخية، لأن هذا الوطن مسؤول منا فى الوقت الراهن.
.. ومع هذا لم يستجب الإخوان لذلك..
.. بل زادت حركة الانسحابات لتنضم إليها مؤسسات مهمة مثل الأزهر والكنيسة..
فقد بات واضحا للجميع أن الإخوان يسيرون على خطى الحزب الوطنى الفاسد المنحل فى التكويش على كل شىء..
.. وقد فاجؤوا الجميع بإعلان خيرت الشاطر مرشحهم للرئاسة، وهم الذين صدعونا بتصريحاتهم على لسان كل قياداتهم بدءًا من سيادة المرشد العام إلى أصغر أعضائهم، بأنهم لن يقتربوا فى الوقت الحالى من الترشح للرئاسة، ليؤكدوا فى النهاية سيرهم نحو تكويش السلطة.. بعد أن جهز لهم جنرالات معاشات المجلس العسكرى المسرح من خلال إصدار قوانين وتشريعات وانتخابات أولا قبل الدستور.. والموافقة على أحزاب دينية مخالفة للقوانين.. واتفاقات وتحالفات وقرارات «سرية» بالعفو الشامل.. وبعد أن اتفقوا على تبريد الثورة وإجهاضها.. وتشويه الثوار.. وقد شارك كلا الطرفين المحافظين (الإخوان والعسكر) فى ذلك.. واتهام الثوار بالتمويل من الخارج.. وكأن الثورة فى النهاية عندهما قامت نتيجة هذا التمويل!!
.. فبعد أن انكشف الإخوان بهذا الشكل.. وبعد إصرارهم على التكويش الذى هاجمناه جميعا فى صورة الحزب الوطنى الفاسد المنحل من خلال قياداته وأمانة سياساته ورجل أعماله المحتكر أحمد عز وترزية قوانينه.. وها نحن نرى صورة أخرى من ذلك فى تصرفات وسلوك الإخوان ومن معهم.. هل يستمر بعض الشخصيات الذين يريدونها ديكورًا للجنة كتابة دستور الإخوان.. وكأن الجميع يشاركهم بعد أن تخلو عن شعارهم «مشاركة لا مغالبة».. الذى ضحكوا به على الجميع بعد الإطاحة بمبارك، إلى المغالبة لا المشاركة.
.. فهم يسيطرون على البرلمان بمجلسيه.
.. ويسيطرون على لجنة الدستور.
.. ويريدون الحكومة..
إنها دولة استبدادية تسلطية جديدة.
.. فلماذا لا ينسحب الشاعر الكبير فاروق جويدة من اللجنة؟