لم تتعلم جماعة الإخوان ومكتب إرشادها ومجلس شوراها وشاطرها من تجربة الحزب الوطنى الساقط المنحل الفاسد.. لقد خرج الشعب فى ثورة 25 يناير ضد استبداد الحزب الوطنى.. ومشروع التوريث الذى كان على وشك التنفيذ بإعداد من أمانة سياسات الحزب «الساقط» وبمباركة السياسيين الفاسدين أعمدة حكم مبارك.. وبتواطؤ من قوى سياسية ما زالت على الساحة حتى الآن ومستعدة أن تستمر فى ذلك مع أى قُوى وهى تفعل ذلك الآن مع الإدارة الفاشلة لحكم البلاد مثل رئيس الحزب إياه الذى حوَّل حزبه الذى كان من الممكن أن يكون له دور رئيسى فى الحياة السياسية بعد الثورة إلى دكانة تابعة لشركاته، فأصبح كل همه أن يداهن وينافق ويكذب لصالح أى إدارة حاكمة ولم يكن عند الإخوان أى مانع فى تأييد التوريث مقابل الحصول على مكاسب لهم.. من قبيل تسهيل وجودهم والمحافظة على «يافطة الجماعة» حتى ولو لم يكن هناك اعتراف رسمى، ولا ننسى أن المرشد الحالى محمد بديع فور توليه منصبه حاول التهدئة بقدر الإمكان مع نظام مبارك المستبد حتى إنه وصف مبارك فى لقاء تليفزيونى بأنه «أبو المصريين»! وخرج الشعب فى ثورة 25 يناير ضد احتكار رجل الأعمال أحمد عز الذى سعى لاحتكار السياسة أيضا من خلال أمانة سياسات الحزب الوطنى الفاسد وهو شخصيا فكانت انتخابات 2010 المزوَّرة فى «التمكين» للتوريث.. وللأسف الشديد كان أحد مخططاته هو مشاركة قوى سياسية فى ذلك وكان على رأسها جماعة الإخوان التى رحبت بالمشاركة فى تلك الانتخابات ومعها وفد السيد البدوى بعد أن استجابت القوى السياسية الوطنية لدعوة الدكتور محمد البرادعى التى أطلقها قبل تلك الانتخابات بشهور طويلة بضرورة مقاطعة الانتخابات لإظهار النظام عاريًا وفضحه لإصراره على الاستبداد والاستئثار بالسلطة واحتكار الحكم بتحالف من سياسيين فاسدين موالين لحسنى مبارك ورجال أعمال أكثر فسادا موالين لجمال مبارك وأحمد عز.. وهو الذى رحب فى زمرة الحكم وقتئذ بمشاركة الإخوان و«الوفد» فى تلك الانتخابات المزورة.. لكن الإخوان لم يتعلموا الدرس بعد. وبدؤوا فى الكذب على الناس.. برفعهم بعد الثورة شعار «المشاركة لا المغالبة» فى الحكم للانتقال إلى دولة ديمقراطية مدنية.. وجدوا فى الثورة فرصة عظيمة لبدء فرض سيناريو «التمكين».. وفرضوا أنفسهم.. وكأنهم الذين قاموا بالثورة رغم أنهم لم يشاركوا فى الدعوة إليها.. وتحفظت قياداتهم على المشاركة فى المظاهرات التى خرجت يوم 25 يناير.. وشاركوا بعد تأكدهم من خروج كل طوائف الشعب وقواه السياسية وأن نظام مبارك على وشك الانهيار ولبوا نداء دعوة مبارك للتفاوض مع نائبه عمر سليمان.. وذهبوا إليه ولم يكن عندهم أى مانع لبيع الثورة والثوار مقابل الحصول على مكاسبهم الخاصة وهو ما فعلوه بعد ذلك مع جنرالات معاشات المجلس العسكرى. وجرى ذلك، وشاطرهم صاحب القبضة الحديدية على الجماعة فى السجن.. ولم يُفرَج عنه إلا بعفو صحىٍّ فى شهر مارس، أى بعد مرور أكثر من شهر على الإطاحة بمبارك. وبدأ الإخوان فى الدخول فى التحالف مع جنرالات معاشات المجلس العسكرى.. وكانت البداية فى الاستفتاء على الترقيعات «الدستورية»، وذلك بعد التماهى بين الجماعتين المحافظتين: جماعة العسكر وجماعة الإخوان الدينية.. وساهم جنرالات المجلس العسكرى من خلال القوانين التى أصدروها فى تمكين الإخوان من فرض سيطرتهم، كقانون الانتخابات بالقائمة.. وتقسيم الدوائر.. وقبل ذلك السماح بتشكيل الأحزاب على أسس دينية بالمخالفة للقانون، ليحصل الإخوان وحلفاؤهم السلفيون على أغلبية مجلس الشعب، ويسيطروا على مجلس الشورى الذى أصر العسكرى وترزية قوانينه الجدد على الإبقاء عليه رغم أنه لا أحد ذهب إلى انتخاباته اللهم إلا نسبة قليلة وذلك لمساعدة الإخوان ومن معهم للحصول على المزيد من الأغلبية ليستمروا فى غرورهم. ومع الأداء الفاشل لجنرالات معاشات المجلس العسكرى الذين يبحثون عن ملاذ لهم وهو ما وعدهم الإخوان به سعوا بغرورهم -وهو نفس الغرور الذى كان لدى قيادات الحزب الوطنى- للحصول على المزيد من مكاسب الثورة.. الثورة التى سرقوها مع المجلس العسكرى وأجهضوها ولم يكتفوا بالبرلمان وطالبوا بالحكومة بعد أن رفضوها فى البداية.. وأيدوا الجنزورى -الذى يهاجمونه الآن- مع «العسكرى»، ورفضوا حكومة الإنقاذ التى طرحها الثوار برئاسة البرادعى بصلاحيات كاملة لإنقاذ البلاد.
ومع كل هذا لم يطمئنوا بعد على سيطرتهم واستئثارهم بالسلطة.. فسيطروا على لجنة الدستور.. وأتوا برجالهم ومنافقيهم الجدد. ولم يكفهم ذلك.. فكان الدفع بشاطرهم إلى منصب الرئاسة.. حتى يستولوا على كل مؤسسات الحكم وإعادة إنتاج استبداد النظام المخلوع واحتكار السلطة بكامل مناصبها.. وكان خيرت الشاطر رجل الأعمال التاجر هو الحل.. ليتربع على تكويش السلطة بعد أن سيطر على الجماعة بنفوذه وماله.. وليقدم لنا نموذجا آخر من أحمد عز رجل الأعمال المحتكِر! لم يتعلم الإخوان الدرس..