قبل الهنا بسنة.. وبالتحديد قبل أسابيع من إجراء الانتخابات البرلمانية، توقعت أن الإخوان، أعضاء الجماعة التى كانت “محظورة” فأصبحت “محظوظة”، إذا وصلوا لقبة البرلمان فلن يختلف أداؤهم عن أداء الحزب الوطنى الديمقراطى الذى كان “محظوظاً” فأصبح “محظوراً”..! و قلت وقتها إن أداء رئيس البرلمان لن يختلف كثيراً عن أداء د.فتحى سرور، وإن كل القضايا والقوانين ستمر مرور الكرام على طريقة "منافقون منافقة".. قصدى "موافقون موافقة"..! بعد أن يفصلها ترزية القوانين على مقاس الحزب.. وأمانة السياسات والابن المدلل الذى كان «وريثاً محتملاً" فأصبح «حبيساً مؤكداً» فى ليمان طرة..!! وقلت أيضاً إن الإخوان سيكون من بينهم أحمد عز، لكن بلحية وجلابية؛ حيث سيدير الأمور وكأنه المايسترو سليم سحاب، فى زمانه، بالعين والحاجب وبالإشارة وبالهمس واللمس بل وحتى بالصمت الرهيب.. والحقيقة أنه بعد أشهر قليلة فقط من ركوب الإخوان البرلمان واستحواذهم على كل شىء.. حدث ما كنت أتوقعه كسيناريو لفيلم خيال "غير علمى" أصبح حقيقة، وكأننى كنت أضرب الودع أو مكشوف عن حضرتى الحجاب.. كولى من أولياء الله الصالحين.. "جايلك يا طاهرة"!! نعم لقد أصبح ظاهراً لكل ذى عينين أن الإخوان يديرون اللعبة السياسية بنفس القواعد التى كان يدير بها الحزب الوطنى، والذى كان يصر على أن ينفرد وحده بالساحة، ويقصى باقى الأطراف، ويسعى إلى التكويش على أى شىء وكل شىء.. فهم بعد أن "كوشوا" على البرلمان وكل لجانه.. قاموا "بالتكويش" على اللجنة التأسيسية للدستور وأدخلوا البلاد فى أزمة ونفق مظلم لا نعرف بعد كيفية الخروج منه، وهاهم أولاء الآن يسعون إلى طرح مرشح للرئاسة أو عدة مرشحين.. واحد لزوم العلانية والشفافية.. ومجموعة مرشحين لزوم المناورات والصفقات واللعب تحت الترابيزة..!! يضاف إلى كل هذا وذاك زهو وتباه واضح بالسلطة والهيمنة على مقاليد الأمور، والتكويش على كل شىء دون أى اعتبار للآخرين على الساحة، وكأن الوطن كله لا يوجد فيه إلا الإخوان المسلمين فقط، ولا يتسع لأى أحد آخر إلى جانبهم.. وبالمناسبة لم أكن أيضاً أضرب الودع أو مكشوفاً عنى الحجاب عندما كتبت فى 15 يناير الماضى، بعد الانتخابات، أكرر تحذيرى للإخوان المسلمين تحديداً، والتيار الدينى كله، من محاولة "التكويش" على أى شىء وكل شىء على الساحة السياسية، وإقصاء الأطراف الأخرى.. وقلت وقتها إن على الإخوان المسلمين أن يقدموا نموذجاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً مختلفاً عما كان سائداً من قبل.. وقلت أيضاً إنه على المستوى السياسى يجب أن يفتح الإخوان صدورهم لاستيعاب جميع الأطياف على الساحة السياسية بانتهاج ما يمكن أن نسميه ب "الليبرالية الإسلامية"؛ فلا يتم إقصاء أحد من المعادلة، بل يجب أن تكون عقولهم، أى الإخوان، وقلوبهم وأذهانهم مفتوحة لتقبل الآخر والتعامل معه بوصفه شريكاً فى الوطن.. لقد ضيّع الإخوان فرصة تاريخية كان يجب أن ينتهزوها لتصحيح بعض الجوانب السلبية للصورة الذهنية الراسخة عنهم فى عقول الكثيرين داخل وخارج مصر، لكن للأسف لم يستفد الإخوان من دروس التاريخ.. ويصرون على اللعب بغرور مقيت.. ويمشون فى الأرض مرحاً وكأنهم سيخرقون الأرض وسيبلغون الجبال طولاً..!! أتمنى أن يثوب الإخوان إلى رشدهم وأن يعلموا أن الشعب والتاريخ لن يرحمهم.. فحكم الشعب والتاريخ قاس لا يعرف المجاملة.. وسيدفع الإخوان الثمن إذا استمروا فى ممارسة اللعبة بنفس قواعد الحزب الوطنى المنحل؛ لأن فى ذلك خيانة لأبسط الأهداف التى قامت الثورة من أجلها.. فالشعب والشهداء لم يقدموا دماءهم وأرواحهم للتخلص من نظام فاسد ليفاجأوا بأن من اختاروهم، فى انتخابات حرة نزيهة، يحاولون إنتاج نفس النظام لكن مع اختلاف بسيط فى الشكل فقط.. دون الجوهر..!