مدبولي: جذب استثمار أجنبي مباشر بقيمة 500 مليون دولار    الصحفيين: نرسل فيلمًا يرصد تحريض مسؤولي الاحتلال للدول الداعمة له    "القاهرة الإخبارية" : نزوح مواطني الجنوب اللبناني بسبب الغارات الإسرائيلية    أول تعليق من نجم الأهلي بعد رحيله    محافظ المنوفية يشيد باستعدادات الجامعة الأهلية للعام الدراسي الجديد    وزير الخارجية: أكثر من 70% من المخاطر المناخية مرتبطة بالمياه    وزير الخارجية: أكثر من 70% من المخاطر المناخية مرتبطة بالمياه    وزير الكهرباء: تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الثالثة أكتوبر المقبل    كنوز| 54 عاما على غياب زعيم في ذاكرة المصريين    بلينكن: أمريكا تعمل على تجنب حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل    بوليتيكو: الهجوم على حزب الله سبب خلافا كبيرا بين الولايات المتحدة وإسرائيل    «تنسيقية شباب الأحزاب» تناقش قانون الإجراءات الجنائية والحبس الاحتياطي    تأجيل محاكمة عاطل متهم بتزوير شهادة ميلاد بالمرج    الأرصاد تكشف حالة الطقس في مصر غدا الخميس 26 سبتمبر 2024    روابط تحميل الكتاب المدرسي والنماذج الاسترشادية لجميع المراحل التعليمية    تسلم 2500 شنطة وأدوات دراسية للأيتام والأسر الأولى بالرعاية و78 معرضا للسلع في المنيا    انطلاق فعاليات الملتقى الثامن عشر لشباب المحافظات الحدودية بأسوان    انتهاء تصوير 50% من مشاهد روج أسود    هل من التأدب الاحتفال بالنبى فى يوم ثبتت فيه وفاته؟ الإفتاء ترد    "بناء الإنسان".. دورة لعمال المساجد للتعامل اللائق مع ضيوف الرحمن    الأمن المركزي ينظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى| صور    وكيل الصحة بأسيوط يتابع عمل مبادرة الكشف الطبي على المواطنين ببني محمديات    وزارة العمل: فرص عمل للشباب في الدقهلية    شغل ومكافآت وفلوس كتير.. 4 أبراج فلكية محظوظة في بداية أكتوبر    الفنان والمنتج شادي مقار عن مسلسل برغم القانون: اكتسبت وزن من أجل المصداقية    مسؤول لبناني: شركات الطيران العربية والأجنبية أوقفت رحلاتها لمطار بيروت باستثناء واحدة    وزارة العمل: ختام مشروع إدماج النوع الإجتماعي في العمل بالسويس    محافظ أسوان ونائب وزير الإسكان يتفقدان خزان أبو الريش العلوي بسعة 4 آلاف مكعب من محطة جبل شيشة    سكرتير عام مطروح المساعد للأهالي: التصالح هو ميراثك للأجيال القادمة    «البحث العلمي» تعلن الفائزين بالمشاركة في «تحدي العرب لإنترنت الأشياء» بالإمارات    مدرب السد القطري: مباراة الغرافة ستكون صعبة للغاية    ميكالي يستقر على إقامة معسكر لمنتخب 2005 في التوقف الدولي المقبل (خاص)    تنظيف وتعقيم مسجد وضريح السيد البدوي استعدادًا للمولد (صور)    أيتن عامر عن أزمتها مع طليقها : «الصمت أبلغ رد» (فيديو)    13 مليون جنيه إجمالي إيرادات فيلم عاشق بدور العرض السينمائي    بمشاركة أكثر من 40 دار نشر.. افتتاح النسخة الأولى من معرض نقابة الصحفيين للكتاب    تفاصيل الحلقة ال 8 من «برغم القانون».. إيمان العاصي تعرف حقيقة زوجها    رئيس هيئة الدواء: سحب كافة الأدوية منتهية الصلاحية وليس نسبة منها    ماكرون يدعو إيران للعب دور إيجابي في تهدئة شاملة بالشرق الأوسط    الصحة اللبنانية: 15 شهيدًا في غارات إسرائيلية على الجنوب    النائب محمد الرشيدي: جرائم الاحتلال الإسرائيلي في لبنان تشعل فتيل الصراع بالمنطقة    إجراء 267 ألف تدخل طبي في مستشفيات التأمين الصحي الشامل    بالصور- تطعيم 63.6% من تلاميذ مدارس الوادي الجديد ضد السحائي    «صحة المنوفية»: إدارة المتوطنة قدمت خدماتها ل20 ألفا و417 مواطنًا في مجالات الفحص والمكافحة    وزارة التموين تحصر أرصدة السكر المتبقية من البقالين    "بعد السوبر".. مصدر ليلا كورة: الزمالك يتفق مع الغيني جيفرسون كوستا    عملت وشم فشلت في إزالته هل صلاتي باطلة؟.. رد حاسم من داعية (فيديو)    تتخطى مليار دولار.. شركة تابعة للسويدي إليكتريك تشارك في إنشاء محطة توليد كهرباء بالسعودية    حارس ليفربول: 5 أمور تحسنت في مستوى محمد صلاح تحت قيادة آرني سلوت    إمام عاشور يكشف مفاتيح الفوز على الزمالك ودور اللاعبين الكبار في تألقه    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 25-9-2024 في محافظة البحيرة    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    إصابة 7 أشخاص فى مشاجرة بين عائلتين بقنا    عقب تداول «فيديو».. سقوط لصوص أغطية بالوعات الصرف بالمنصورة    وزير التعليم العالي يشهد حفل استقبال الدفعات الجديدة    تشكيل ليفربول المتوقع.. 7 تغييرات.. وموقف صلاح أمام وست هام    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نادر فرجاني يكتب: العدالة الانتقالية العرجاء، مرة أخيرة، رجاءً
نشر في الدستور الأصلي يوم 14 - 08 - 2011

ليس أكثر أهمية في مصر الآن من موضوع إقامة العدل بواسطة السلطة الانتقالية، المجلس الأعلى للقوات المسلحة وحكومته برئاسة عصام شرف، خلال مرحلة الانتقال المأمول إلى الحكم الديمقراطي الصالح في مصر.
فمن ناحية، مازالت مصر تعاني من حالة صارخة من إجهاض العدل على أيدي حكم الفساد والاستبداد الذي قامت ثورة شعب مصر الفل لإسقاطه، ولم تمكِّن السلطة الانتقالية الشعب من إسقاطه حتى الآن، ومن علامات امتناع السلطة الانتقالية عن إسقاط نظام الحكم التسلطي المخلوع أن تفاقم الظلم واطرد غياب العدل، بل استمرأت السلطة الانتقالية اتباع إحدى نقائص نظام الطاغية المخلوع بالإصرار على حرمان المواطنين من قاضيهم الطبيعي، وهو مبدأ اصيل لإقامة العدل.
ويتعين ألا ننسى أن إقامة العدل واحدة من الغايات النهائية الثلاث لثورة شعب مصر العظيمة: الحرية والعدل والكرامة الإنسانية.
ومن ناحية ثالثة، يخشى أن تطبع الأخطاء التي ترتكبها السلطة الانتقالية في مضمار إقامة العدل، الذهنيات والإجراءات التي ستقوم على وضع البنى القانونية والمؤسسية لنيل غايات الثورة مما قد يفضي إلى تهديد غاية العدل في مصر الآتية.
لكل ذلك كتبت في هذا الموقع في شهر إبريل الماضي، تحت عنوان "العدالة الانتقالية العرجاء" شاكيا من أن السلطة الانتقالية في مصر تكيل بمكيالين في محاولة إقامة العدل. من ناحية تُرهب المدنيين بإحالتهم للقضاء العسكري بالمخالفة الصريحة للإعلان الدستوري للمجلس نفسه بينما تدلل أنذال النظام الذي قامت ثورة شعب مصر الفل لإسقاطه مصممة على محاكمتهم أمام محاكم مدنية تحتمل الإبطاء وتتعرض لإجهاض العدالة من خلال ابتسار التكييف القانوني للاتهامات ونقص الأدلة المقدمة ما قد ينتهي بإبرائهم أو إفلاتهم من العقاب المتناسب مع جرائمهم الدنيئة.
ولكن السلطة الانتقالية ظلت تكيل بالمكيالين نفسهما حتى اضطررت للكتابة مرة أخرى تحت عنوان "العدالة الانتقالية العرجاء، مرة أخرى"من منطلق "وإن عدتم عدنا"، في شهر مايو الفائت. كما فرض على سلوك السلطة الانتقالية أن أشير إلى هذه النقيصة في مقالات عديدة أخرى.
وكنت أتمنى ألا أعود لهذا الموضوع مرة أخرى أبدا. إلا أن السلطة الانتقالية، هداها الله، تصر على ألا تعود عن هذه الممارسة المعيبة. وكان لا بد أن نعود نحن، محتجين، ومتمنين أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي نثير فيها الأمر. ولعلنا نتفاءل متمنين بأن نكتب قريبا مهنئين السلطة الانتقالية بإعلانها القاطع بعدم إحالة أي مدنيين إلى محاكمة عسكرية أبدا وبالاحترام القاطع لحقوق التظاهر والاعتصام السلميين والرأي والتعبير، وتنفيذ التعهدين تنفيذا صارما حتى نهاية المرحلة الانتقالية إلى الحكم الديمقراطي الصالح، من منطلق الشرف العسكري الذي يفرض احترام الإعلان الدستوري المجلس الأعلى للقوات المسلحة والذي يقضي بضمان جميع هذه الحقوق.
إلا أن السلطة الانتقالية تبدو مصممة على استفزاز الشعب، وعقابه على الثورة، لا سيما عقاب الشباب النشط عقابا فظا بالعنف والأذي البالغين حتى نكاد نستعيد أيام بائس الذكر "حمزة البسيوني" مدير السجن الحربي الأسبق بعودة التعذيب في السجن الحربي حيث طالعتنا الأخبار بطلب محامين "إحالة اثنين من المعتقلين على ذمة أحداث فض اعتصام التحرير إلى الطب الشرعي بعد إصابة أحدهما بانزلاق غضروفي والآخر باشتباه في شلل رباعي قالت أنه جراء التعذيب في السجن الحربي".
عار ما بعده عار أن يثور حتى مجرد شك في أن ترتكب مثل هذه الجرائم الشنعاء في مصر بعد ثورة الفل. وليعلم من يمارسون العنف في فض الاعتصامات أو التعذيب لمعتقلين أن هذه جرائم لا تسقط بالتقادم، وليس لهم منها عاصم، وإن طال الأجل، وليتعظوا من تاريخ العسكر في أمركا اللاتينية الذين نالوا عقابهم على جرائم مماثلة بعد سنوات طوال.
وقد أثار كل هذه اللواعج خبر تحويل زهرة مصر البديعة أسماء محفوظ، إلى القضاء العسكري بتهمة الإساءة إلى المجلس العسكري. ولمن لا يعلم، فإن أسماء، ذات العشرين ربيعا هي صاحبة الدعوة لاعتصام 25 يناير في ميدان التحرير. وهي من ثم يتعين أن تكرَّم من السلطة الانتقالية التي تدعي حماية الثورة، لا أن تهان.
وأيا كانت جريرة أسماء، وإن شطت، فتبقى في حدود التعبير عن الرأي. وننتظر من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذين هم في مقام جدودها أن يتعاملوا مع شابة في عمر الزهور برفق الجدود بالأبناء وتفهم فورة الشباب الذي لا بد خبروه يوما.
وأيا كان خطأ أسماء، إن كانت قد أخطأت، فيبقى في حدود تهم "الرأي والضمير" وموضعها الأصولي أمام القاضي الطبيعي مع كل الاحترام الواجب للمتهم وجيع ضمانات المحاكمة النزيهة والعادلة.
ولا بد هنا من القول بأن مصر لن تبرأ من ذهنية الحكم التسلطي الساقط إن استمرت ذهنية تقديس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم وتجريم العيب في ذات أعضائه او رئيسه، فهكذا يتخلّق الطغاة، ولم يسقط شعب مصر واحدا ليحل محله كُثر. في النهاية كلهم بشر، وليس أحد منهم معصوم. ولسنا مع إساءة الأدب، ولكن النقد حق على كل من يتصدى للمنصب العام، كما الموت حق على كل فان.
إلا أن العار الجلل الذي يحيق بجميع المصريين، سلطة وشعبا، ويسيء إساءة بالغة إلى سمعة مصر في الإقليم والعالم، هو أن تحال أسماء للقضاء العسكري في تهمة رأي بينما يحاكم الطاغية المخلوع، ووزير داخليته الجلاد السفاح، وبطانتهما المتهمين بقتل وإصابة الآلاف من خيرة شباب مصر وبتخريب البلد ونهبها لعقود أمام القضاء الطبيعي البطئ والذي قد ينتهي إلى مجرد "قرصة أذن".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.