بمجرد أن شرعت في قراءة ورقة: "ركائز الرؤية الاستراتيجية للحزب الوطني الديمقراطي"، تذكرت حوارا دار بيني وبين أم زينب زوجة أبي، إذ قالت لي: مش أبو صلاح مات؟ - لا إله إلا الله.. ده سنه صغير، هو كان عيان يا أم زينب؟ - يوه.. إنت ما تعرفيش؟ ماهو كان جاله الله أكبر في اللا مؤاخذة.. ظللت أبحث في عقلي الباطن عن سبب إلحاح هذا الحوار على رأسي وأنا أقرا برنامج الحزب الوطني، فلم أجد الإجابة. لكنني سأشرككم معي في بعض مما قرأت: بداية يتحدث برنامج الحزب عن "الإصلاح" ولم يخبرنا من الذي قام ب"التبويظ" الذي استلزم الإصلاح، والأعجب والأغرب، أن الحزب يتحدث عن التغيير، بينما يغفل أكبر وأهم تغيير يمكن أن يحدث في حياة المواطن المصري، ألا وهو أن يحل الحزب الوطني عن سماه ولو لمدة خمس دقائق يلتقط النفر منينا فيها أنفاسه. ولماذا يتحدث الحزب الوطني عن التغيير؟ هو أي كلام وعليه طحينة؟ إذا كان الحزب الوطني هو الحزب الحاكم منذ الأزمان السحيقة، وقد أصدر ورقة يذكرنا فيها بإنجازاته حيث يقول: "فحياة المواطن المصري اليوم تبدلت في جوانب كثيرة منها للأفضل"، وقبل أن تقل أدبك وتقول: هو فين الأفضل ده يا ناس؟ سأفترض أن الحزب الوطني حقق أبدع ما يمكن تحقيقه، فلماذا يتحدث في برنامجه عن التغيير؟ آه.. عرق في الهدوم لازم، له حق، بقاله كتير. ثم إن الحزب الوطني يعلل تدهور حياة المواطن للأفضل بأن كل ذلك: "نتيجة لما تحقق علي مدار السنوات الخمس الماضية". يالهو بالي.. وأي حزب كان يحكمنا قبل الخمس سنوات الماضية؟ لقد تسلم الحزب الوطني قياد مصر وهي بكر رشيد، وها هي أصبحت جدة، وصاحبة مرض، فماذا يعني كاتب البرنامج حين يخبرنا بأن الحزب الوطني، الذي يتولى أمر مصر منذ فترة حكم الرئيس الراحل السادات، لم يبدأ في "العمل الدؤوب" إلا منذ خمس سنوات؟ بعد أن استعرض البرنامج إنجازات الحزب العظيمة خلال الخمس سنوات، بدأ يتوعدنا بمستقبل أكثر تدهورا للأفضل، وإذ بي أفاجأ أن برنامج الحزب يحمل ضمنيا اعترافا صريحا من الحزب الحاكم الأوحد الوحيد، والذي لم تنكشف مصر على سواه منذ فترة حكم الرئيس السادات، بأنه فشل طوال هذه الأعوام المديدة في تحقيق أي إنجاز محترم، مهما بلغت بساطته، مثل "إرساء الدعائم السياسية للدولة المدنية الحديثة". أنا كده جالي الله أكبر في - اللا مؤاخذة - مخي. ماذا كان يفعل الحزب منذ فترة حكم السادات وحتى الآن إذا لم يتمكن من إرساء قواعد الدولة المدنية الحديثة التي كان بدأها محمد علي؟ وهل الحزب الذي حكم عشرات السنين وفشل في إرساء قواعدا لدولته، يظن أنه يستطيع أن يرسي هذه القواعد في الخمس سنوات المقبلة؟ أكل اتناشر كيلو بسبوسة وحتة قشدة قد كده هي اللي موتته. ثانياً: إعادة صياغة دور الدولة لتحقيق الإنطلاقة الاقتصادية ودفع التشغيل. مما يعني مزيد من تخلي الدولة عن دورها - الضئيل جدا - تجاه المواطن. طب وليه التهديد ده؟ إيه؟ ماذا يقصدون بإعادة صياغة دور الدولة؟ حيعملوا فينا إيه تاني؟ ماذا سنفعل أكثر من ذلك؟ نحن نعمل ونعطيكم الضرائب ولا نتلقى بها خدمات، خصخصتم كل شيء تقريبا، حين نتصل بالنجدة تضعنا على الانتظار مع الموسيقى، حين تمطر السماء يتطوع المواطنون لنزح المياه ووضع قوالب من الطوب ليسير عليها المارة إذ أنكم لم توفروا لنا طرقا آدمية تستوعب الأمطار الشحيحة التي تسقط على مصر، حين تحدث كارثة من أي نوع لا يهب لنجدة المنكوبين سوى الأهالي (قطارات، صخور، حوادث طريق، زلازل.. المواطن المصري خدمة خمس نجوم)، حين تراكمت القمامة في شوارع مصر، تطوع الناس لإماطتها عن نهر الشارع، وحين يرهق الناس من تلبية طلبات الحكومة التي لا تنتهي، يلقي بعضهم بنفسه في البحر وكأنه يهرب من زوجة نكدية ومتطلبة، فلماذا يعدنا الحزب الوطني بمزيد من الأعباء التي سيلقيها على كاهلنا؟ نجيب لكم منين؟ نمشي بطال؟