شعب جبّلة صحيح، شعب جتته منحسة! ما يمشيش غير بالنبوت، طول عمره كده، يموت في حاجة اسمها العصاية الكهربة، خبطتين تلاتة بالكتير، ينعنش ويصهلل ويبقي زي الفل، انتهينا يا مواطن! لا رصيف مجلس الشعب، ولا قدام نقابة الصحفيين، كل ده خلاص! بح، قلنا لك بدل المرة ألف: تعيش في البلد دي بأدبك، إنما اعتصامات ووقفات احتجاجية ومظاهرات وقلة حيا لأ! إشي إثارة وتحريض وبلبلة وترويج نكت وتجمهر وقلع هدوم، وإشي ازدراء مسئولين وبرطمة وكلام بصوت عالي وتفتيح عين في كُبارات البلد اللي ربنا عاطيهم من خيراته! مطرح ما تروح، حنجيبك من قفاك. المنطقة مبدورة عساكر، والمخبرون في كل حتة، داخل قصاري الزرع أو في صفائح القمامة أو تحت حوض المطبخ أو طي رسائل الحب المعطرة أسفل حقائب البنات، خلف الستائر المسدلة أو تحت مخدات الأطفال أو علي الحائط وراء براويز الصور العائلية القديمة، مافيش خرم إبرة تستخبي فيه، الماء يا مواطن، إذا خطر علي بالك أن تشرب، سنتسلل معه بكل ترسانة الفيروسات إلي أبعد نقطة في جهازك العصبي، أما إذا سولت لك نفسك أن تستخدمه في الاستحمام، فذنبك علي جنبك، الأمراض الجلدية إحنا مش مسئولين عنها، الأغنية الحلوة التي كنت تستعين بها علي قبح الأيام، جففنا منابعها، كانوا يستلهمون أفكارها أو موسيقاها من الحب، أغلقنا نهائيا هذا الملف، أغلقناه نهائيا. دواوين الشعر أدرجناها علي قائمة الإرهاب، اقتناؤها بهدف التعاطي لا يقل خطورة عن حيازة المخدرات، مكالماتك التليفونية يستمع إليها ضباط متخصصون، ومن ثقب الباب، هناك دائما من ينظر إليك، حبيباتك اللائي يأكلن معك الذرة المشوية أو الترمس علي الكورنيش، سيعتدي عليهن كل أفراد القوة بأقسام الشرطة في حضور مندوبي منظمات حقوق الإنسان، النيل الذي تعودت أن تتلمس عنده السلوي في أوقات الشدة، ضربنا عليه جداراً عالياً من الكباريهات العائمة أو كتل الخرسانة الصماء، الحب حرام، والشعر حرام، والنيل حرام، لأنه يهدد قوارب العشاق في الأمسيات الشجية. وعلي الوسادة الخالية، لن تجد في انتظارك كل ليلة سوي صورة تذكارية كبيرة بالألوان الطبيعية تضم كل القيادات التي تدعو عليها في السر، وهم يحتفلون بالانتصار عليك. فإلي أين ستهرب؟ التهمة ثابتة عليك، والأدلة كلها ضدك، هل تنكر أنك تشعر - أحيانا - بالرغبة في البكاء؟