ما كشفه مصدر قضائى، أمس، من أن اعتبار الحكومة جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًّا لا يتعد كونه توجيهًا وقناعة لدى المجلس وليس قرارًا صريحًا، من شأنه يثير جدلًا كبيرًا فى الوسط السياسى والقانونى خلال الفترة القادمة، خصوصًا فى حقيقة اعتبار كل ما يخرج عن مجلس الوزراء قرارات تنشر فى الجريدة الرسمية، ومن ثَم يحق لأى متضرر منها أن يقوم بالطعن عليها أمام القضاء، أم مجرد توجيه يفلت من رقابة القضاء. تساؤلات أخرى قد تثار، منها مدى حاجة الحكومة الحالية فى إعداد تشريعات خاصة بالإرهاب أو حتى إدخال مزيد من التعديلات على قانون العقوبات على شاكلة التعديلات التى أُدخلت عام 1992 عليه بشأن تعريف الجريمة الإرهابية وعقوبة مرتكبها، لكى تحصن قرار مجلس الوزراء باعتبار الإخوان جماعة إرهابية فى حال عرض الأمر على القضاء.
المصدر أكد أيضًا أن المسألة ما زالت متروكة للقضاء لحسمها بشكل نهائى، مدللًا بأن الحكومة لم تصدر قرارًا برقم، واكتفت بذكر الأمر فى إطار بيان إعلامى ذكرت فيه موقفها من أحداث تفجير مديرية أمن الدقهلية.
المتحدث الرسمى لمجلس الوزراء السفير هانى صلاح الدين، لم ينفِ كلام المصدر ولم يؤكده، قائلًا ل«التحرير» إن قرار مجلس الوزراء الخاص باعتبار الإخوان جماعة إرهابية لن ينشر فى الجريدة الرسمية شأنه شأن معظم قرارات مجلس الوزراء، مضيفًا أن الحكومة استندت إلى حكم محكمة الأمور المستعجلة بحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب المادة 86 من قانون العقوبات فى إصدار القرار، ولفت صلاح الدين إلى أن الحكومة بصدد تبليغ قرارها لكل الجهات المعنية.
وعن رقم القرار قال صلاح الدين، إن «هذا شغلنا، ولا يهم على الإطلاق ما إذا كان للقرار رقم أم لا»، وأضاف «الحكومة لا تعرف ماذا تفعل، فإذا أصدرت القرار يوجه إليها نقد، وإذا لم تصدر القرار يوجه إليها نقد كذلك»، أما عن إمكانية الطعن على القرار، فقال صلاح الدين إن «رجال القانون هم أعلم بما إذا كان قرار مجلس الوزراء يخضع لرقابة القضاء من عدمه».
كلام المتحدث باسم مجلس الوزراء فسّره أحد أعضاء الهيئة الاستشارية بمجلس الوزراء بأن ما خرج عن المجلس بشأن إدراج الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية هو مجرد توجيه وتعبير عن رؤية الحكومة للجماعة، لكن فى النهاية لا يعد قرارًا إداريًّا بالمعنى المتعارف عليه، خصوصًا أن أمر اعتبار أى من الأفعال التى يقوم بها أنصار الجماعة فى الشارع عملًا إرهابيًّا ومن ثَم يطبق عليها نص المادة الخاصة بالإرهاب بقانون العقوبات من عدمه هو أمر متروك للقضاء الذى من المفترض أن يحدد هوية المسؤول عن جرائم العنف التى ترتكب فى الشارع المصرى فى الآونة الأخيرة، ولفت المصدر القضائى الذى فضل عدم ذكر اسمه إلى أن دوائر الإرهاب من المقرر أن تحسم الأمر برمته.
أحد قضاة مجلس الدولة البارزين، قال ل«الدستور الأصلي» إن عدم نشر القرار فى الجريدة الرسمية وصدوره بشكل ضمنى لا يعفيه من رقابة القضاء الإدارى على مشروعيته، مضيفًا أن العبرة ليست بالمسمى، لكن بطبيعة التصرف، فعندما يطعن على القرار أمام محاكم مجلس الدولة، فسوف تنظر إلى توجيه مجلس الوزراء، وما إذا كان يتضمن قرارًا إداريًّا من عدمه، مضيفًا «تعريف القرار الإدارى هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح متى كان هذا ممكنًا وجائزًا قانونًا، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة مشروعة، وبتطبيق هذا التعريف على موقف مجلس الوزراء من جماعة الإخوان نجد أن مجلس الوزراء أفصح عن إرادته الملزمة باعتبار الإخوان جماعة إرهابية، لكن يظل السؤال حسب نائب رئيس مجلس الدولة، «هو هل القوانين واللوائح الحالية تسمح بإدراج الإخوان كجماعة إرهابية أم لا؟ القضاء وحده حسب المصدر هو المعنى بالإجابة عن هذا التساؤل».