أثار قرار مجلس الوزراء بإعلان «الإخوان» جماعة إرهابية وفق المادة 86 من قانون العقوبات جدلا فى الأوساط القانونية، باعتباره القرار الأول من نوعه الخاص بإعلان جماعة أو تنظيم ك«إرهابي»، رغم التاريخ الطويل لمصر فى محاربة الإرهاب، منذ فترتى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، بالإضافة إلى أنها المرة الأولى التى يتم فيها تفعيل المواد الخاصة بالإرهاب، رغم دخولها قانون العقوبات منذ 20 عاما. ودار الجدل حول الجهة المنوط بها تطبيق المادة 86، وتوابعها الخاصة بالإرهاب، وما إذا كانت هذه الجهة هى الحكومة أم السلطة القضائية، فمن جهته، قال الفقيه القانونى المستشار طارق البشرى، إن «مجلس الوزراء أصدر القرار على خلفية الحادث الإرهابى الأخير فى المنصورة دون سند من التحقيقات التى من المفترض أن تباشرها النيابة العامة، خاصة أن هذه التحقيقات لم تسفر حتى الآن عن تحديد مسئولية الإخوان عن الحادث، أو تكشف عن ارتباطها به». وأضاف أن «استناد مجلس الوزراء للمادة 86 ليس قانونياً، لأن المحاكم هى المخاطبة بتطبيق قانون العقوبات، وليس الجهات الإدارية، فمواد القانون ترتب عقوبات محددة تختص المحاكم وحدها بتوقيعها على الجناة»، كما انتقد ما جاء فى ديباجة القرار، بشأن مسئولية الإخوان عن حادث اغتيال وزير الأوقاف الأسبق، الشيخ محمد حسين الذهبى فى عام 1977، «لأن مرتكبى هذه الجريمة تم عقابهم بالفعل، وهم من جماعة التكفير والهجرة»، بالإضافة لرفضه ما جاء فى الديباجة من تذكير بحوادث الإخوان قبل ثورة 23 يوليو، ومنها اغتيال النقراشى والقاضى الخازندار، قائلاً «بهذا المعنى يمكن أن يوصف حزب الوفد بالجماعة الإرهابية، لأنه تم اتهامه بقتل السير لى ستاك فى عام 1924، بالإضافة لجرائم أخرى». وفى السياق ذاته، قالت مصادر قضائية رفيعة المستوى: «من الخطأ أن تبدأ الحكومة ديباجة قرارها بتحميل الإخوان مسئولية حادث المنصورة الإرهابى، قافزة بذلك على التحقيقات القضائية التى بدأت بالفعل، دون أن توجه أصابع الاتهام لأحد حتى الآن»، مضيفة أن «هذا القرار تجاوز سلطة النائب العام والمحاكم الجنائية المختصة بالتحقيق، ثم الفصل فى قضايا الإرهاب المندرجة تحت مجموعة المواد من 86 إلى 99 فى قانون العقوبات، فمن الممكن أن تكشف التحقيقات والأحكام عن عدم وجود صلة بين الإخوان والحوادث الإرهابية التى شهدتها البلاد، ولو بنسبة واحد فى المائة، وطالما أن هذه النسبة من الشك قائمة، فلا يجوز تحديد مرتكبى هذه الأحداث بقرار من سلطة الحكم والإدارة». وأكدت أن «نص المادة 86 ليس موجهاً إلا لمن سيتولى تطبيق القانون، وهى الجهات القضائية، لأنه يقتصر على تعريف الإرهاب وأعماله فى القانون ذاته»، موضحة أن «نص المادة 86 مكرر التى جرمت الانتساب لجماعات تعمل ضد مصالح وأسس الدولة، جعلت عبء إثبات هذه الاتهامات على النيابة العامة بالتحقيق، وأن تتولى إعلان ذلك أمام المحكمة المختصة بنظر قضية الجريمة الإرهابية، أو الانتماء لتنظيم خارج عن القانون». وفى المقابل، أكد وزير الدولة للشئون القانونية السابق، المستشار محمد عطية، أن «الحكومة امتلكت دلائل واضحة باتت معلنة للجميع، على أنه لا يمكن لأحد غير الإخوان القيام بأعمال العنف والإرهاب وحرق الكنائس، وما يفعله طلاب الجماعة فى جامعة الأزهر دليل أكيد على إرهابها، يضاف إلى تصريحات الرئيس السابق محمد مرسى، والقيادى الإخوانى محمد البلتاجى، والتى تضمنت تهديدات واضحة للمجتمع، إذا لم تعد الجماعة للحكم». وأوضح «رغم أن المادتين 86 و86 مكرراً من قانون العقوبات، تنصان على إجراء التحقيق القضائى فى الجرائم الإرهابية، إلا أنه لا يجوز للحكومة أن تترك البلاد فى آتون الإرهاب، وهناك يقين لدى الجميع بأن الإخوان هى المسئولة، فهنا لا بد لها أن تتحرك»، كما اعتبر أن «الجزء القانونى الأصعب فى الأمر، هو توصيف هذا القرار ما إذا كان سيادياً لا يجوز الطعن عليه أمام محاكم مجلس الدولة، باعتباره صادراً من مجلس الوزراء كسلطة حكم، أم إدارياً يجوز الطعن عليه، باعتباره صادراً من سلطة إدارية»، لافتا إلى أن «تلك المسألة جديدة على القضاء المصري». وأعرب رئيس محكمة النقض الأسبق، المستشار محمد مدحت المراغى، عن تأييده لصدور القرار، معتبرا أن «الحكومة تأخرت فى إصداره حتى وجدت نفسها أمام ضغط شعبى كبير، يدفع فى اتجاه اعتبار الإخوان جماعة إرهابية، بعدما شهدت مصر حوادث إرهابية خطيرة مؤخراً، ترتب عليها إزهاق أرواح بريئة، واعتداء على الممتلكات العامة والخاصة بشكل غير مسبوق، ما يتنافى مع الدين الذى يحرم إزهاق أرواح الأبرياء، ويضمن الحفاظ على ممتلكاتهم». وفى تعليقه على ما يثار حول عدم صحة اتخاذ الحكومة للقرار، دون انتظار التحقيقات القضائية، قال المراغى «إذا اقتضت المصلحة العليا اتخاذ إجراء معين، فلا مجال للحديث عن الحقوق الخاصة، وفى سبيل حماية الدولة يمكن اتخاذ قرارات استثنائية دون اتباع الإجراءات المعتادة». وقال رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق، المستشار رفعت السيد، إن مواد الإرهاب تنطبق على الإخوان، فهى تنص على عقوبة لكل من نظم وشارك فى جماعة أو تنظيم أو عصابة أو هيئة من شأنها ممارسة الإرهاب، لافتا إلى أن المواد تحدد عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد إذا كان الإرهاب هو وسيلة الجماعة لتحقيق أهدافها، كما أوضح أن «الترجمة العملية للقرار هى أن الانتماء للإخوان الآن أصبح مجرماً». وأضاف «من حق أى دولة وصف جماعات داخل أو خارج أراضيها بأنها إرهابية، بناء على الأفعال التى تنسب إليها»، مستشهداً بروسيا والولايات المتحدة، عندما أعلنت الأولى الإخوان جماعة إرهابية، والثانية عندما اعلنت حماس حركة إرهابية، كما أكد أن «القضاء لا يحاكم الجماعات، وإنما الأشخاص المنتمين إليها». وشدد السيد على أنه «بموجب قرار الحكومة، يجوز للنيابة العام تجميد أموال أعضاء الجماعة، وفقا للمادة 208 من قانون الإجراءات الجنائية، وعدم مصادرتها إلا بعد الحكم عليهم فى قضايا الانتماء لهذه الجماعة»، مشيراً فى الوقت ذاته إلى إمكانية طعن أحد الأعضاء على القرار أمام محكمة القضاء الإدارى، باعتباره قراراً إدارياً، ويجوز للمحكمة أن تبطله، إذا رأت أنه غير مؤسس على سند قوى. وحول موقف حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، أوضح أنه «لا يجوز للحكومة إصدار قرار بحل الحزب، لأنه شخصية اعتبارية مستقلة، وفق قانون الأحزاب، لكن يجب على النائب العام التقدم بطلب بذلك إلى لجنة شئون الأحزاب السياسية، التى لها أيضاً أن تطلب حل الحزب من الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا».