الأزمة السورية تتصدر المباحثات التي يجريها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يوم الاربعاء 27 فبراير/شباط مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارة الى روسيا تستمر يومين. وتنجم أهمية زيارة هولاند بالنسبة للملف السوري من الموقف الفرنسي الداعم للمعارضة السورية والداعي إلى تسليحها لمحاربة النظام السوري. سيناقش الرئيسان كذلك الوضع في مالي حيث يحارب هولاند منظمات إرهابية تعمل هي نفسها في سورية بأسلحة ليبية وغير ليبية وبمساعدة فرنسية، لكن الجديد في الأمر هو أن هولاند سيأتي إلى موسكو بعيد لقائه مع جون كيري، أي بعد الاتفاق المبدئي الذي أعلنه سيرغي لافروف إثر مباحثاته مع كيري بأن تبذل روسياوالولاياتالمتحدة كل ما بوسعهما لاطلاق الحوار بين المعارضة والسلطات السورية بأسرع ما يمكن.
هل يغير هولاند تبعا للواقع الأمريكي الراهن خطاب باريس ؟ أم يبقى (حديدان) وحيدا في الميدان مع لغة الوعيد والتهديد؟ إلى جانب دول إقليمية دخلت معركة أكبر من حجمها تفيد تقارير بأنها أنفقت المليارات على تسليح المعارضة السورية، والمثال الأخير وفق "نيويورك تايمز" تبرع السعودية بأسلحة يوغسلافية مستوردة من كرواتيا تعبر الحدود الأردنية منذ ديسمبر/كانون أول الماضي إلى درعا، وكان آخر استخدام لها منذ أيام أثناء المحاولة الفاشلة للاستيلاء على دمشق بالهجوم على مدخلها الشمالي بعد تفجير القابون.
أن تخفف باريس من حدة خطابها وتصحح مسار سياستها لتتوافق مع السياسة الجديدة للحمائم في البيت الأبيض ليس سهلا، لكنه ممكن حين تفرضه المصالح الاقتصادية، وهولاند يزور موسكو برفقة عدد كبير من رجال الأعمال.
لقد حاولت الولاياتالمتحدة عن طريق دول إقليمية تكوين معارضة سورية تسقط النظام وتأتمر بأوامر من واشنطن، لكنها فشلت وظهرت معارضة مسلحة مهددة للمصالح الأمريكية على المدى البعيد، وأدت محاولات توحيد المعارضة إلى ظهور كيان هلامي مكون من مجموعات متنافرة تعكس الواقع الموزاييكي على الأرض، الأمر الذي انعكس في دفن مبادرة معاذ الخطيب وتعليق مشاركة ائتلافه في مؤتمر أصدقاء سورية في روما، ورفض تلبية دعوتين لزيارة واشنطنوموسكو. ولم يغير الائتلاف الوطني رأيه إلا بعد وصول السفير روبرت فورد إلى القاهرة يحمل للخطيب وعدا بلقاء مع كيري في روما.
لقد توالت الدعوات إلى الحوار مشروطة وغير مشروطة من كل مكان، وتحل الخطابات السلمية محل نفير الحرب. لافروف دعا الأطراف إلى الجلوس حول طاولة المفاوضات، والمعلم أعرب عن استعداد دمشق للحوار، والعربي أثنى عليه، وحتى الأردن تحرر من عقدة الخصام مع نظام بشار الأسد وخيارات الثورة السورية والحركات الإسلامية والجهادية. لكن بقيت شخصيات وقوى ودول إقليمية لم تفهم المعادلة، تتابع الرقص على أنغام طبول السلفية، بينما يخرج في البلدان العربية شباب متطرف آخر يتحدى الطبول ويرقص "غانغنام ستايل"، وبين رقص أؤلئك ورقص هؤلاء يغادر الوطن 150 ألف لاجئ سوري في الشهر.