أنا شاب عندي 28 سنة ومرتبط ببنت طيبة وبنت ناس, لكن من كام شهر كانت مسافرة مع باباها وهما راجعين عملوا حادثة بالعربية, والحمد لله ربنا ستر وماحصلش أي إصابات أو حاجة. بس هي اتغيّرت كتير من بعدها، بقت بتخاف من أقل حاجة، حتى لو مجرد حد نده اسمها، وتقلق شوية من ركوب العربيات، أو لو حد اتكلم فجأة بصوت عالي، لو حتى حد حكى لها على موضوع مؤثر زي إن حد عنده إعاقة مثلا أو ظروفه صعبة، تبقى مش قادرة تقف على رجليها، ولو حصل وزعلنا مع بعض في مشكلة بسيطة بتتأثر بيها جامد أوي وتاخد وقت على ما نتصالح. أنا دلوقتي مش عارف المفروض نعمل إيه علشان التغيير اللي حصلها ده, وهل الموضوع يستدعى إنها تروح لدكتور نفسي؟ mody
أهلا وسهلا بك يا أخي الكريم، الحقيقة أن التعرض لصدمة نفسية عنيفة مفاجئة مثل حادثة كادت تودي بحياة الشخص، أو إذا أصيب شخص بإصابات بالغة لسبب مفاجئ لم يكن متوقعا، أو التعرض لمشاهد دموية ومجازر في الحروب أو الكوارث الطبيعية، أو نجده أحيانا يحدث لأشخاص حين يفقدون شخصا عزيزا جدا عندهم، يكون رد الفعل تجاه هذه الصدمة النفسية مختلفا من شخص لآخر، حسب تكوينه النفسي ومدى قوة طبقات جهازه النفسي، وكذلك حسب نضج تصرف المحيط به تجاهه وتجاه الحدث. ما تعرضت له خطيبتك هو صدمة نفسية بالطبع، والصدمة النفسية ينتج عنها علميا ما يعرف ب"اضطراب ما بعد الصدمة"، ونسبة الإصابة بهذا الاضطراب تصل تقريبا إلى 18% ممن يتعرضون لصدمات نفسية شديدة، وتظهر في النساء أكثر من الرجال، وهذا الاضطراب له سمة مرضية أساسية، وهي "الذاكرة الصدمية"، وفي الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع للأمراض النفسية تم تحديد عدة أعراض تخص هذا الاضطراب بشكل محدد، وهي: * استجابة الشخص خوفا شديدا وإحساسا بالعجز والرعب، وفي الأصغر سنا كالأطفال يظهر في شكل سلوك مضطرب وهياج. * تتم إعادة معايشة الحدث الصدمي بطريقة أو بأخرى من الطرق التالية: - تذكر الحدث بشكل متكرر ومقتحم وضاغط، وذلك يتضمن صورا ذهنية أو أفكارا أو مدركات. - استعادة الحدث بشكل متكرر وضاغط في الأحلام. - التصرف أو الشعور وكأن الحدث الصدمي عائد مرة أخرى. - انضغاط نفسي شديد عند التعرض لمثيرات داخلية أو خارجية، ترمز إلى أو تشبه بعض جوانب الحدث الرضحي، مثل النداء عليها، صوت جرس.. إلخ. - استجابات فسيولوجية تحدث عند التعرض للمثيرات سابقة الذكر، مثل: التوتر، جفاف الحلق، الرعشة، اضطرابات دقات القلب، الشعور بعدم القدرة على المواجهة، برودة الأطراف.. إلخ. - التفادي المستمر لأي مثيرات مرتبطة بالحدث، إضافة إلى خدر عام في الاستجابات، مثل: الهروب من الخروج، ركوب السيارات، السفر.. إلخ. - أعراض زيادة الاستثارة بشكل دائم. - يسبب هذا الاضطراب انضغاطا إكلينيكيا واضحا، أو يؤدي إلى تدهور في الأنشطة الاجتماعية أو الوظيفية أو جوانب أخرى مهمة، منها مثلا: فقدان حيويتها، تأثر عملها، علاقاتها.. إلخ. وهذه الأعراض تستمر لمدة شهر على الأقل، أما إذا كانت أقل من شهر فيطلق عليها "اضطراب الكرب الحاد". إذن هي تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، أو يطلق عليه "اضطراب الكرب التالي للرضح"، ولكن هناك معلومات أتصور أنها مبشّرة جدا، وهي: أن كلما ظهرت الأعراض بسرعة كان أفضل، فهناك من تظهر الأعراض عليه بعد ساعات، وآخرون بعد عدة شهور، وآخرون بعد سنوات، ويبدو من حديثك أنها ظهرت بعد الحادث بفترة ليست كبيرة، كذلك شدة الأعراض تتفاوت من فترة لفترة، وتكون في أشدها وقت وجود ضغط نفسي، والأكثر بشرى هو أننا وجدنا أن النمط الطبيعي لهذا الاضطراب أي الشكل النمطي منه، وجدنا أن 30% من المرضى يتم شفاؤهم تماما، و40% يحيون بأعراض بسيطة، و20% يحيون مع وجود أعراض متوسطة الشدة، و10% فقط يظلون كما هم. كذلك هناك إشارات تجعلنا نتوقع التحسن في حالة خطيبتك، منها كما قلت: ظهور الأعراض في فترة بسيطة بعد الحادث الصادم، وكذلك بقاء مدة هذه الأعراض لفترة قليلة تم تحديدها بألا تزيد عن ستة أشهر، ومدى مهارة وكفاءة الشخص الذي تعرض للحدث الصادم قبل تعرضه لهذا الحدث، ومدى الدعم النفسي والطمأنة ممن حول المريض، كما أن الأعمار الوسطى أي العقد الثاني والثالث والرابع من العمر يكون تحسّنه أفضل بكثير من الأطفال أو الكهول، نظرا لعدم قدرتهم على التكيف بسهولة، وضعف مهاراتهم على المواجهة، وبالتالي أتصور أن حالة خطيبتك ليست سيئة بالدرجة التي تفزعك. ولكن يفضل بالطبع متابعتها مع طبيب نفسي ماهر ليساعدها في تخطي الأزمة، من خلال العلاج النفسي الذي يتخلله تفريغ نفسي للمشاعر السلبية التي تعاني منها، والتعبير والبوح بها في جو آمن وبتدرج، وكذلك من خلال إزاحة الحساسية تجاه الحادث والتدريب على مواجهة واستيعاب الحدث الصادم وزيادة مناعتها النفسية، بالإضافة إلى تمارين الاسترخاء، والتعرض لمسببات القلق بشكل تدريجي متخصص، وقد تحتاج حسب ما يرى الطبيب إلى بعض أدوية القلق أو غيره، بالإضافة إلى توضيح الدور الخاص بالأسرة، كدعم لها يعينها على التخلص إن شاء الله مما تعاني منه، أسأل الله لها سرعة الشفاء.