وزير التعليم العالي: وجود برامج خاصة بتشجيع الابتكار والبحث التطوير وتنويع مصادر التمويل    بعد التضييق الإثيوبي بسد النهضة، شراقي يكشف حلول مشكلة العجز المائي بمصر    أسعار الذهب اليوم السبت 13 يوليو 2024.. عيار 24 ب3714 جنيهًا    بدء حصاد المانجو الإسماعيلاوي.. مزارعون: «المحصول على أبوه لا مكمور ولا مرشوش» ( صور)    محمود عصمت: محطة كهرباء العاصمة الإدارية تمد الشبكة القومية ب4800 ميجاوات    اليوم.. وزير الإسكان يتفقد مشروعات صوارى بالإسكندرية ومدينة العلمين الجديدة    تصدير 30 ألف طن فوسفات إلي الهند عبر ميناء سفاجا (تفاصيل)    إزالة 22 حالة تعد في 8 مراكز بالبحيرة    وزير الموارد المائية: تحسين حالة الري في أراضي ترعة السويس وخطة للتعامل مع التعديات    جيش الاحتلال يزعم اغتيال مسؤول في الأمن الداخلي ل حماس    غارات عنيفة غرب مدينة خان يونس جنوبي غزة    تضرر 9 مبانٍ بالمطلة شمالي الأراضي المحتلة بعد قصف من لبنان    أوكرانيا: تسجيل 149 اشتباكا مع القوات الروسية خلال ال24 ساعة الماضية    ما هي أسباب فوز مسعود بزشيكان بالانتخابات الرئاسية في إيران؟    إعلامي: الزمالك لم يحسم موقفه من المشاركة في السوبر الإفريقي    شهد سعيد جنة عليوة دمرتني.. وترفض التصالح وأفكر في الاعتزال    «إنت زعلان من إيه!».. رسالة نارية من أحمد حسن ل إمام عاشور    الأهلى يضع اللمسات الأخيرة لإعارة ديانج للدوري السعودى    اللي مذاكر يعرف يحله.. آراء طلاب الثانوية العامة بقنا عقب امتحان التفاضل والتكامل    اليوم بدء تقديم التظلمات على نتيجة الدبلومات الفنية    التحقيق في واقعة مصرع طبيب وإصابة آخر أمام مستشفي بالتجمع الخامس    جثة و13 مصابا في انقلاب ميكروباص على الصحراوي الغربي بقنا    ضبط 4 أشخاص بينهم 3 مصابين في مشاجرة بالبلينا جنوب سوهاج    رواية العودة لهشام مطر.. ضمن أفضل قائمة أفضل كتب القرن في الولايات المتحدة    رامي جمال عن زوجته ناريمان: شفتها جاية تاخد لحن فعجبتنى وروحي تآلفت معها    يوافق الثلاثاء المقبل.. تعرف على فضل التوبة في يوم عاشوراء    وزير الأوقاف السابق: حسن الخُلق يدل على أصل المرء وتربيته في أسرته    توقيع بروتوكول ثنائي بين هيئة الرعاية الصحية ومدينة الدواء المصرية    فتاة تنهي حياتها حزنًا على وفاة والدها في سوهاج    من بينها الترطيب.. 4 ممارسات للحفاظ على ضغط العين    بعد أمنية شيخ الأزهر.. تعرف على فضل تعليم القرآن    إعلام فلسطيني: مدفعية الاحتلال تستهدف شقة سكنية في حي النصر غربي مدينة غزة    الصحة الإسرائيلية: إصابة 356 شخصا بحمى غرب النيل توفي منهم 31 مصابا    الصحة: تقديم الخدمة الطبية ل420 ألف مواطن بالمعهد التذكاري للأبحاث الرمدية    أوكرانيا: روسيا تحتفظ ب 5 سفن حربية في البحرين المتوسط وآزوف    «البيطريين» تدعو أعضاءها لحضور الجمعية العمومية العادية للنقابة (تفاصيل)    بايدن يستأنف حملته الانتخابية لدعم ترشحه لولاية رئاسية ثانية    اليوم.. نظر إعادة محاكمة 8 متهمين بقضية "خلية المطرية الثانية"    القنوات المفتوحة الناقلة لمباراة إسبانيا وإنجلترا في نهائي أمم أوروبا    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة    «عاوزين حكام من الصين!».. تعليق ناري من ميدو على مباراة الأهلي وبيراميدز    فتح أبواب اللجان الامتحانية أمام طلاب الثانوية العامة في الثامنة صباحا    عمل مع كبار المخرجين.. منير «حدوتة» في السينما المصرية    حظك اليوم| برج الحوت السبت 13 يوليو.. يتمتع بشخصية إجتماعية محبوبة من الجميع    ختام المؤتمر السنوي الثاني لرابطة الكليات والمعاهد اللاهوتية في الشرق الأوسط    البطريرك يصل إلى مطار ملبورن الدولي للقيام بالزيارة الرسولية الأبوية الثانية    الأرصاد: طقس اليوم شديد الحرارة رطب نهارا معتدل الحرارة رطب ليلا.. والعظمى بالقاهرة 37    «دلوقتي في اللي يعوضوا».. تعليق ناري من سيد عبدالحفيظ على قرار بيع نجم الأهلي (فيديو)    أمين الفتوى: السحر موجود.. وهذا حل التخلص منه    الرئيس الإماراتي يستقبل شيخ الأزهر.. ويبحثان تأصيل الحوار الحضاري    محافظ أسيوط للمواطنين: سأعمل على إيجاد الحلول المناسبة لكافة المشاكل    أحمد نعينع: لم نعتمد قارئا واحدا في الإذاعة منذ عامين    عاجل.. هل سيشارك؟ أول تعليق من الزمالك على إعلان إقامة السوبر الإفريقي بالسعودية    أحمد كريمة: «طبق عاشوراء» اختراع صلاح الدين الأيوبي للقضاء على طقوس الحزن    وزير الشؤون النيابية: «الحكومة وكل مؤسسات الدولة تعمل من أجل المواطن.. ومصر للمصريين»    جامعة دمياط تحقق مركزًا متميزًا في تصنيف ويبوميتركس الإسباني للاستشهادات المرجعية    «علم فلسطين ولافتات الجمهور وحضور أجنبي».. أبرز ملامح حفل «الكينج» فى افتتاح مهرجان العلمين    محمد علي رزق يحتفل بهدف قفشة أمام بيراميدز: "الدقيقة 85 القاضية ممكن"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما صخبت المياه ثلاث مرات
نشر في بص وطل يوم 21 - 02 - 2010


المرة الاولى:
أزيز المنبه المتواصل ايقظنى دفعة واحده .. جلست فى الفراش الملم شعرى المتمرد .. رافضه أن اترك هذا الدفىء .. وبعد مقاومه طفيفة تدافعت الى عقلى خلالها خطوات البرنامج اليومى .. اضطررت ان انهض متثاقلة ..
لم أحاول ان أتحرك بهدوء فجدتي سمعها اضمحل ولن تزعجها ضوضائي .. هى كل من بقى لى فى هذه الدنيا الشاسعة .. ارتديت ملابس ثقيلة بعد شعوري بوخز البرد ورؤيتي للسحب الرمادية الكثيفة .. أرسلت نحوها بصري بحرص لأجدها غارقة فى سباتها العجوز .. جهزت إفطارها وشعرت بى .. تمتمت بدعائها لى أن تصحبنى السلامة ..
هبطت الى عملي .. الشارع الكبير حيث المحطة غارق فى مياه أمطار الليلة الماضية ..
نادتني رائحة الهواء المغسول فسرت لحظة مغمضة العينين منتشية لكنى فتحتهما فجأة على رائحة فلافل عم حمزة .. فلم أقاوم النداء واندسست بين الأجساد المتدافعة مادة يدى له بالنقود وعلى وجهي ابتسامة فى انتظار أقراص الطعمية الساخنة ..
كنت ألف اقراصى بحرص وارفع عيناي لانتقل الى الضفة الأخرى حيث المحطة المكتظة بالبشر .. (تشششششششششش ) فإذا بصخب المياه المتراكمة يغرقني دفعة واحدة اثر اندفاع هذه السيارة الفارهة ..
طارت حصيلتي من الطعمية لتهبط غارقة هى الأخرى فى المياه .. وقفت مشدوهة والمياه تتغلغل فى ملابسي .. واقراصى تغوص أكثر فى المياه .. توقفت السيارة وهبط قائدها مقطبا .. " آسف اتفضلى أوصلك اى مكان " .. مازلت مشدوهة لم احر جوابا لكنى لاحظت مدى شحوبه وشعيرات ذقنه النابتة .. متسمرة انظر نحوه فى شبه غضب " إيه ده يا أستاذ مش تخللي بالك أروح شغلى ازاى دلوقتى " لفظتها فى حدة .. فإذا به يقترب محدقا بى .. مادا يده لدعوتى مرة أخرى بحماسه وعينيه بهما لمعة غريبة ..
توجست خيفة فنظر نحوى بإصرار وعينيه تلتهمان تفاصيلي .. تراجعت خطوة للوراء وأشحت بوجهي فاصطدمت عيناي بالسيارة وداخلها طفلة جميله لم ألاحظها قبل ذلك .. كانت ترقبنا فى صمت .. كرر فى رجاء " ارجوكى اتفضلى .. ما تخافيش .. انا هوصلك اى مكان وبعدين أودى دينا المدرسة " .. ترددت وطمأنني وجود هذه الدينا معه .. فدلفت الى السيارة مرتجفة .. وأنا أقطر بالمياه .
المرة الثانية:
صوت البحر الفيروزي .. عبق رائحة اليود .. تحقق احلامى وأكثر .. أشرق كل هذا على ملامحي وأنا متمددة على كرسى البحر مغمضه العينين .. " ماما .. ماما " صوت دينا يناديني من نشوتي فأفتح عيناي .. تلعب ببراءة وسط الأمواج المتتالية تحملها عوامة فسفورية الألوان .. نهضت نحوها فنادتني أكثر وأعلى " ماما تعالى .. تعالى عومى معانا عشان خاطرى .. بابا انده ماما والنبى بتسمع كلامك " رسمت عفويتها ابتسامتي وسط نداؤه لى " تعالى بأه .. المية حلوة اوى " .. " هنزل بهدومى سامع ؟ " " وايه يعنى الشاليه خطوتين اهه تعالى يا لله " ..
اقترب من المياه المغرية الرجراجة .. وفى منتصف المسافة إليهما( سبلااااااااااش ) يمرق الجيت سكي ناشرا صخب المياه فى وجهى .. أغلق عيناي على دهشة الصدمة وافتحهما على ضحكاته ودينا على مشهدي المصدوم .. نخرج ثلاثتنا بعد دقائق ..
يقترب سائق الجيت سكى معتذرا بينما أجفف دينا .. ارفع وجهي نحوه .. فيقف فجأة فى منتصف المسافة صامتا .. لكنه يزدرد لعابه ويلتفت نحو والد دينا .. وترتفع هتافات أصدقاء قدامى ويحتضنان بعضهما فى ود صافى .. تخفت أصواتهما ويقدمنا لبعضنا فى سرعة آخذا بيد صديقه ملوحا انه سيعود بعد قليل .. يختفيان داخل الشاليه .. أعود لأرقب قصر الرمال الذى تبنيه دينا .. وملابسي تقطر بالمياه .
المرة الثالثة:
جدتي فى الحديقة .. تجلس ساهمة .. ترفع رأسها متسائلة لعودتي مبكرة من عملى .. ابتسم واعدو نحوها بخفة بعد ان قطفت لها زهرة .. وفى منتصف المسافة إليها وأنا وسط العشب الأخضر ( تش .. تش .. تش ) أغلق عيناي على دهشة صخب مياه نافورات الرى التى انطلقت فجأة .. تتعالى ضحكاتنا معا ..
ادخل مهرولة وأنا أقطر بالمياه .. اشعر بحركة فى مكتبه فأدفع الباب بهدوء .. يبدو متفاجئا وهو يغلق أدراجه بتوتر .. الملم اتساع ابتسامتي بتساؤل .. فيتدفق حديثه وهو يأخذ بذراعي لنذهب غرفتنا ... ينقر قلبى القلق .. فأتجاهله .. ثم يعن لى احد الأيام ان أشفى فضولى .. أعالج الأدراج اللغز .. تنفتح مستجيبة لعنادي ..
أتنهد براحة فلا شىء فيها يثير الريبة .. ابدأ فى اغلاقها .. ينحشر احدها فى شىء .. أمد يدى وبصري .. اجذب الشىء .. أحدق فى الشىء .. إنها صورتى .. وليست صورتى .. تتدافع المشاهد فى عقلى .. عينيه اللتان تلتهمان تفاصيلي فى اول مرة .. زواجنا السريع .. إصراره على ان أقص شعرى الطويل المتمرد .. اختياره لملابسي بإصرار غير قابل للمناقشة .. وجه صديقه محدقا بى على الشاطئ كمن رأى شبحا .. ينشطر قلبي واهبط الى ظلام الفهم .. تنحدر دموعي فى صمت يقطعه فجأة .. صوته يتنحنح ليبدأ الحديث .
هدى عبد القادر
التعليق:
هدى عبد القادر كاتبة مقتدرة لديها تجربة خاصة ورؤية ثاقبة وبناء محكم ولغة دقيقة رغم الأخطاء. قصتها جيدة عميقة ومشوقة ومرتبطة بالحياة بقوة رغم الفلسفة العبثية، أقترح حذف العناوين الفرعية فى القصة.
د. سيد البحراوي
أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.