أ ش أ قال الباحث عبد العزيز جمال الدين إن كل مخطوطات العهد القديم والجديد التي اكتشفت كانت في مصر؛ حيث إننا ورثنا مؤسسة الكنيسة وهي كانت تؤلف وتكتب وتنسخ، رغم ذلك فإن الذي اهتم بها هم الأوروبيون، والمصريون أول من دوّنوا معارك رمسيس في البرديات وعلى جدران المعابد والمقابر، لافتا إلى أن التدوين مرتبط بالدولة، وبما أن المصريين أسسوا أول دولة فهم أول من دونوا التاريخ. وأضاف إن سبب عدم اكتمال مخطوطات "تاريخ البطاركة" يعود إلى أنه تم تأليفه على يد ساويرس بن المقفع بناء على طلب المعز لدين الله الفاطمي في القرن العاشر الميلادي، وذلك لرغبته في معرفة الأقباط ومذاهبهم والتي كانت تتعدى تسعة مذاهب. وأضاف جمال الدين -بمناسبة صدور كتابه "تاريخ مصر من بدايات القرن الأول الميلادي وحتى نهاية القرن العشرين من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة لساويرس بن المقفع"- أن ابن المقفع جمع سير البطاركة الذين تولوا شئون الكنيسة في مصر، فكل بطريرك كانت تُكتب له سيرة وتُحفظ في الكنائس أو الأديرة. وكشف عن أن ابن المقفع كان يتحدث اليونانية والقبطية فأتى بمترجمين لإنجاز مؤلفه، فقاموا بترجمته لأول مرة للغة العربية، موضحا أن الكتابة بالعربية حتى عهد الفاطميين لم تكن دارجة لدى المصريين، مشيرا إلى أن هذا أصبح تقليدا لدى الكنيسة أن يتم تدعيم هذا المؤلف بإضافة سير البطاركة، حتى وصلوا إلى أوائل القرن العشرين في عهد الملك فؤاد الأول أي أنه يغطي مرحلة تاريخية ضخمة. وعن التاريخ الموازي الذي اعتمد على المؤرخين المسلمين والذي ظهر بالكتاب، قال جمال الدين: تعمّدت في إنجاز الكتاب أن أذكر ما قاله المؤرخون المسلمون عن نفس الفترة، وكان ما يقولونه أكثر خطورة مما قاله نظراؤهم الأقباط فتحديدا المؤرخ المقريزي كان له ولع شديد بدراسة تاريخ الأقباط، وأكاد أجزم بأنه اطلع على هذا المخطوط. وأوضح أن المخطوط كان متاحا طوال الوقت، والدليل أن الأوروبيين طبعوه ولكن سبب عدم تحقيقه في مصر على مدار السنين يرجع إلى اسمه "تاريخ البطاركة"، فوقع تحت وهم التقسيمات التاريخية؛ بمعنى أنه فُسّر على أنه تاريخ الكنيسة، وأسقط هذا العمل العظيم من حسابات المحققين بينما اهتم به الأوروبيون جدا.