أنا شاب عندي 19 سنة في تالتة جامعة.. ومعايا في الجامعة صحابي أعرفهم من سنتين تقريبا.. المهم من 3 شهور حسيت إن فيه بنت من أصحابي بتلمّح لي بحبها من بعيد شوية.. في الأول ماكنتش متأكد وقلت يمكن أنا فهمتها غلط، لكن بعد فتره بدأت التلميحات تزيد، وشكّي زاد لدرجة وصلت لشبه التأكد..
المشكلة إن أنا كنت -وما زلت- باتعامل مع البنت دي زي أختي وأكتر.. وكل مشاعري ناحيتها كانت زمالة وصداقة عادية جدا.
حاولت أغيّر الاحساس ده ناحيتها بعد ما حسيت بحبها لكن ما عرفتش.. البنت مؤدبة جدا ومحترمة لأبعد الحدود اللي ممكن تتخيلها، وأخلاقها دي من الحاجات اللي خلتني أفكر في الموضوع أكتر من مرة؛ لأن صعب تلاقي بنت بالأخلاق دي اليومين دول وبيتهيألي دي أول مرة البنت دي تحب فيها؛ لأن فكرتها عن الجواز هي فكرة الجواز التقليدي.. إن شاب يروح يتقدم لها ويقعد معاها مرة أو اتنين وبعدين تشوف اللي هيحصل حسب الظروف..
سألت أصحابي القريبين عن الموضوع، ورأيهم كان مختلف.. منهم اللي قال لي البنت بتحبك وبدأت تعمل الحاجات اللي إنت بتحبها، ومستعدة تغيّر نفسها علشانك.. يبقى حاول معاها وأكيد هتحبها، وأقنعوني إن رفضي ده سببه إن البنت هي اللي بدأت عشان كده أنا خايف.
ومنهم اللي قال لي طول ما إنت مش حاسس حاجة من ناحيتها خلاص يبقى ما تظلمهاش معاك، وحاول تصدّها بس مش بطريقة مباشرة.
أنا احترت جدا.. أعمل إيه؟ ومن جوايا متلخبط أوي لدرجة إني مابقيتش عارف أنا عايز إيه؟ ساعات أقول ليه لأ، وساعات أقول مستحيل..
بس اللي أنا متأكد منه إني حاليا بجد مش حاسس حاجة من ناحيتها..
ومش ده السبب الوحيد لرفضي للموضوع؛ فيه أسباب كتير منها إني لو هادخل جد يبقى أنا فعلا لسه هابتدى من الصفر، كمان اللي بيحب حد مش بيشوف عيوبه وأنا بجد مش قادر أعمل كده..
خايف لو جرّبت أكمل معاها بحيث أشوف هاقدر أحسّ بحاجة ولّا البنت تتصدم فيّ لو الموضوع ما تمّش.. أعمل إيه؟ أكمل.. ولا أصدّها؟!
A.M
عزيزي.. ما تمر به يسميه أرباب علم المنطق والعلوم الفلسفية صراع "إقدام - إحجام", أي الصراع بين الإقدام على تصرف أو فعل والإحجام عنه، والحكمة تقتضي التعامل معه بشكل عقلاني بحت في ضوء المعطيات المشجّعة على الإقدام، وتلك الدافعة للإحجام. ولكي أكون صريحًا معك فإني لن أستطيع -لا أنا ولا غيري- أن أوجّهك لهذا القرار أو ذاك، فهذا مما ينبغي أن ينبع منك أنت وحدك، لكني أستطيع أن أساعدك على تنظيم أفكارك.
ما يشجّعك على الارتباط بتلك الفتاة: أولاً هي تحبك، ثم أنك تثق بأخلاقها وتربيتها، وأنت تشعر بالراحة النفسية معها.
أما ما يدفعك للإحجام عن ذلك فهو أولاً قلقك من اختلاف نوع شعورك نحوها عن شعورها نحوك، وهو قلق يستحق التوقف عنده، وثانيًا إشفاقك من المسئولية وعبء إعداد النفس للارتباط الرسمي، وأخيرًا خوفك من التقارب المؤدّي لاكتشاف عيوب في الطرف الآخر، قد تؤدي لخلق نوع من النفور أو الاستياء.
فليكن تعاملنا الأول مع دوافع الإحجام، ولنتخلص أولاً من مسألة الإشفاق من المسئولية، فلتكن واقعيًا يا عزيزي، أنت في كل الأحول مطالَب بإعداد نفسك للارتباط سواء بتلك الفتاة أو بغيرها، ومن الأفضل أن تبادر بالاستعداد قبل أن تفاجأ بنفسك في يوم راغبًا في الارتباط وغير مستعد..
أما عن المسألة الثانية (الخوف من اكتشاف العيوب) فهي في رأيي يجب ألا تعطّلك عن الارتباط -أي ارتباط بأية فتاة- لأن استكشاف الطرف الآخر في العلاقة أمر ضروري وإلزامي قبل إتمام الارتباط.
أعلم أنك تخشى أن يعود هذا بالسلب على صداقتكما لو أدى اكتشاف هذا العيب أو ذاك عن إخفاق ارتباطكما المفترض، ولكن يا عزيزي طالما أنك تعرف أخلاقها وتثق بنقائها، وهي تعرف المثل عنك، فمن المؤكد أن أية سلبيات بأي منكما ستكون خارج نطاق الأخلاق، أي أنها من نوعية العيوب التي لا تنتقص من قدر صاحبها في عين الآخر، فلماذا الخوف؟
وأخيرًا تبقى المسألة الأهم وهي شعورك نحوها، فلنكن عمليين ولنتذكر المثل القائل "اللي يتكسف من بنت عمه ما يجيبش منها عيال"، وهو مثل يعني ببساطة أن العلاقة الزوجية يجب أن تتضمن كافة مشاعر الانجذاب من الرجل للمرأة ومنها له، دون أية مشاعر أخرى بديلة تعوق قيام علاقة زوجية سوية متّزنة، إذن عليك أن تقرّر ما إذا كان شعورك بأخوّة زميلتك من القوة بحيث يصبح غير قابل للتحول إلى حب رجل لفتاة، ففي هذه الحالة عليك أن تستمع لنصح من قالوا لك إن عليك مصارحتها باختلاف مشاعرك عن مشاعرها حتى لا تجرحها مستقبلاً في حال عدم تجاوبك معها.
أما إن كانت مشاعرك نحوها مرنة بشكل يسمح بأن تنظر لها نظرة أخرى، ففي هذه الحالة ترجّح كفة العوامل التي تشجعك على الإقدام على الارتباط بها، وعليك أن تبادر بذلك فورًا وأنت مطمئن.
ولكن في كل الأحوال، لا تتخذ قرارك إلا بعد مراجعة نفسك مرة وثانية وعاشرة؛ لتقف على مدى مرونة مشاعرك وقدرتها على التشكّل بالشكل المناسب للموقف، وعلى هذا الأساس فليكن قرارك..
عزيزي، كما ترى، مخاوفك لها ما يدفعها عنك، فلماذا لا تعطي نفسك فرصة للتخلص منها؟ فكّر في كلامي هذا.. وأرجو من الله تعالى أن يهديك لما فيه الخير. تحياتي