عانت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، على مدى عهود سابقة من مشكلة مزمنة، أصبحت كالصداع في رأس الوزارة، وهي «الكثافات الطلابية» داخل الفصول المدرسية ، فمع كل موسم دراسي جديد يزداد تكدس الطلاب بالفصول، وتمثل الأزمة الكبرى التي تواجهها وزارة التربية والتعليم ولم تجد حلًا للقضاء عليها. وعلى مر السنوات الماضية ووزراء التربية و التعليم السابقين، أصبحت مشكلة الكثافة الطلابية كالموروث الذي تحمله الوزارة على أكتافها، ومع وضع كل وزير للتعليم حلوله يجد نفسه أمام احتياج ميزانية ضخمة لمحاولة معالجته ، فجميع الوزراء أكدوا أن معالجة هذه الأزمة تحتاج لميزانية ضخمة تقترب من 130 مليار جنيه لبناء 250 ألف فصل دراسي لاستيعاب الكثافات، وللخروج منها كان الحل الأوحد امام جميع الوزراء هو اللجوء للحل التقليدي وهو استخدام نظام الفترات في المدارس، بل وتشغيل عدد من المدارس بنظام ال 3 فترات في محاولة لحل المشكلة . وبمجرد اعتلاء محمد عبد اللطيف، كرسي وزارة التربية والتعليم ، بدأ يجوب محافظات مصر، ليتعرف على مشكلات التعليم عن قرب، حيث زار أكثر من 16 محافظة، وعقد اجتماعات مع قرابة 250 قيادة تعليمية ومديري الادارات التعليمية والمعلمين، وذلك للاطلاع علي ارائهم والمشكلات التي يعاني منها التعليم ككل علي رأسها ازمة الكثافات الطلابية. واكتشف وزير التعليم أثناء جولاته الميدانية قبل وضعه لخطته النهائية لمواجهة أزمة الكثافات الطلابية، أن هناك بعض المدارس تعدت الكثافة الطلابية بها 150 طالبًا خاصة فى الإدارات المزدحمة. عجز 250 ألف فصل وقال محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم، في تصريحات خاصة ل«بوابة أخبار اليوم»: إن لدينا عجز في 250 ألف فصل، مشيرًا إلى أن هناك بعض المدارس بها قرابة ال250 طالبا كإدارات الخصوص والخانكة والجيزة والمرج. وأوضح الوزير أن وصول الكثافة ل150 و140 طالبًا أصبح منتشر للغاية، متسائلًا: هل لو محتاج أدي عملية تعليمية داخل الفصل، هل سيستطيع المعلم تأدية دوره ؟! .. بالطبع مستحيل، مؤكدًا أن هذا الأمر يجب حله بأي طريقة، حتي وإن كانت الطريقة قاسية في بعض الأمور، وإلا ستقف العملية التعليمية كلها، ولم استطع حتى كوزارة القيام بمهمة تدريب المعلمين ولدي 250 طالب في الفصل. وتابع الوزير: لأن أي معلم لا يستطيع أن يقوم بالتدريس لكل هذا العدد من الطلاب، لذا تم وضع حلول بعد زيارات ميدانية ولقاءات مكثفة مع مديري المدارس والإدارات التعليمية على مستوى الجمهورية، بحيث يتم اختيار الآليات المناسبة لكل إدارة تعليمية وفق الواقع والإمكانيات المتاحة والتى تتوافق مع طبيعة كل إدارة، والقابلة للتنفيذ. خطة «عبد اللطيف» وفور ذلك، بدأ «عبد اللطيف» يضع الأزمات التي يعاني منها نظام التعليم المصري علي طاولته ليضع حلولًا غير تقليدية لمواجهة أزمة الكثافات الموروثة، فوضع خطته ليطرح عدد من الأنماط العلاجية لمواجهة ارتفاع الكثافة الطلابية تطبق تباعاً على مستوى كل إدارة تعلمية طبقا لطبيعة كل إدارة. وتمثلت أبرز محاور خطة الوزارة التي عرضها الوزير محمد عبد اللطيف علي الحكومة، ووافقت علي تتفيذها مع بدء العام الدراسي الجديد 2025، في نقل المدارس الثانوية بالفترة المسائية والاستفادة من هذه المدارس في الفترة الصباحية بنقل المدارس الإعدادية لها، ومن ثم الاستفادة من المدارس الإعدادية التي تم نقلها للمدارس الثانوية واستغلالها لتلاميذ المرحلة الابتدائية طبقا لطبيعة كل إدارة تعليمية، ويتم ذلك طبقاً لخطة استرشادية وضعتها هيئة الأبنية التعليمية وطبقاً لمعايير نقل المدارس الابتدائية والإعدادية. وتتضمن خطة وزارة التعليم لمواجهة ازمة الكثافات الطلابية، حصر الفراغات التعليمية من أرض الواقع من خلال مهندسي هيئة الأبنية التعليمية ومديري المدارس ومديري الإدارات التعليمية واستغلالها كفصول للطلاب وتوزيع الكثافات عليها، إضافة الي تعديل الأسبوع الدراسي المتبع في بعض الإدارات ليكون (5 أيام) تعليم أكاديمى بالإضافة إلى يوم أنشطة ورياضة بدلا من 4 أيام) ، حتى تستكمل الخطة التعليمية الأكاديمية بعدد الساعات المطلوبة سنويا وإتاحة هذا النموذج كما هو لإدارات أخرى. كما تضمنت الخطة تطبيق الفصل المتحرك من خلال تحريك فصل في المرحلة يكون في غرفة نشاط أو تربية رياضية وهذا النظام متبع في عدة دول متقدمة. زيادة فترة التدريس وعلى الفور، اتخذ الوزير العديد من الإجراءات على أرض الواقع، حيث بدأ الوزير بتعديل الخريطة الزمنية للدراسة، وقرر زيادة الفترة الزمنية الفعلية للتدريس من 23 أسبوعًا إلى 31 أسبوعًا أثناء العام الدراسي، فضلًا عن زيادة المدة الزمنية للحصة بمقدار 5 دقائق، اضافة لتعديل الاسبوع الدراسي المتبع ، وهو ما سيرفع من قدرة التدريس بنسبة 33 %، ويساعد على تنفيذ الخطة الدراسية بما فيها من تعليم نشط. الكثافة لا تتعدى 50 طالبًا ولم تقتصر تحركات وزير التعليم لمواجهة أزمة الكثافات عند هذا الحد ، بل أصدر توجيهاته وقراراته لمديري المدارس بضرورة تقليل الكثافة الطلابية داخل الفصول الدراسية والفترات الصباحية والمسائية للحضور بالعام الدراسى الجديد، وألا تتعدى كثافة كل فصل عن 50 طالبًا وطالبة. وأوضح الوزير أن قرار تخفيف الكثافة الطلابية بالفصول، كان السبب الرئيس له هو أن يتمكن للمعلم من الشرح وتحقيق الاستفادة العلمية لطلابه داخل الفصول. كما أصدر الوزير تعليماته بتعديل الاسبوع الدراسي لبعض الادارات التعليمية التي كانت تطبق إجازة السبت في المدارس مع بدء العام الدراسي القادم 2024 / 2025 وفقا لظروف كل ادارة تعليمية تدفعها ظروفها لذلك كآلية او حل لمواجهة ارتفاع كثافات الفصول بها ، لتزداد عدد أيام الدراسة بها يوما ليصبح خمسة أيام تعليم أكاديمي بدلًا من أربعة، إضافة إلى يوم سادس للأنشطة. حلول الوزير «عبد اللطيف»، التي وضعها بين أيدي الحكومة ، وجميع قيادات التعليم، قوبلت بتخوفات من الشارع المصري ، خاصة متلقي الخدمة التعليمية " الطالب وولي الأمر، خاصة وأن هناك اعتياد بوضع وزراء التعليم حلول لمواجهة ذات الأزمة، ولكن عمليات التطبيق علي ارض الواقع كان مصيرها الفشل، وتقارير «كله تمام» المخالفة لأرض الواقع إلى أن أصبحت أزمة الكثافات الطلابية واقعا مريرا يتقبله الجميع من متلقي الخدمة التعليمية رغما عنهم، ولكن كان هناك بارقة أمل من البعض الذي كان ينتظر بشغف بدء العام الدراسي الجديد 2025م ، ليري كيفية تطبيق قرارات الوزير عبد اللطيف ، في المدارس، وهل سينجح في مواجهة أزمة الكثافات الطلابية أم أن حلوله ستلقي نفس مصير حلول الوزراء السابقين ؟! أثبت وزير التربية والتعليم نجاح تطبيق خطته في المدارس، حيث أكد أن خطة الوزارة لخفض الكثافة في الفصول الدراسية نجحت في إضافة نحو 100 ألف فصل جديد للمنظومة التعليمية مع بدء هذا العام الدراسي، الأمر الذي أدى إلى خفض الكثافة، لتصبح في كل المدارس في مصر حالياً أقل من 50 طالباً في الفصل الواحد، باستثناء 47 مدرسة، ويتم العمل على حل هذه المشكلة بها في أقرب وقت. وأوضح الوزير نتائج جولته الميدانية الموسعة في عدد من محافظات صعيد مصر، لمتابعة جاهزية المدارس والفصول الدراسية، والتي شملت محافظاتأسيوط، وسوهاج، وقنا، والأقصر، موضحاً أنه تم تفقد نحو 40 مدرسة، بينها 10 مدارس بشكل مفاجئ، واطمأن على العديد من الترتيبات وعلى رأسها انتظام العملية التعليمية، وتسليم الكتب الدراسية، ومختلف التجهيزات من معامل ومكتبات وقاعات رياض أطفال، والتأكد من القوائم والجداول المعلقة بكل فصل، مضيفاً أنه تم أيضاً بالتزامن مع هذه الجولة الموسعة، تكليف قيادات الوزارة بالمرور على مختلف المدارس في عدة محافظات أخرى لمتابعة استعدادات انطلاق العام الدراسي الجديد ، واثبتت جميع الجوالات الميدانية للقيادات التزام المدارس بقرارات خفض الكثافات داخل الفصول . وأضاف عبد اللطيف، أنه حرص كذلك خلال جولته الميدانية على متابعة تنفيذ الآليات والحلول التي نفذتها الإدارات التعليمية المختلفة بالمحافظات لمواجهة تحديات الكثافة الطلابية وسد العجز في المعلمين، موضحاً أنه كما ساهمت حلول خفض كثافة الفصول في إضافة 100 ألف فصل جديد، فقد أثمرت الحلول المتبعة أيضاً لسد عجز المدرسين عن انفراجة كبيرة، كما أن هناك سعياً دائماً ومستمراً للتعامل مع كافة التحديات، وفقاً لخصوصية كل إدارة مدرسية. والتزمت الادارات التعليمية التي كانت تعاني من الازدحام الطلابي بفصولها، وإعداد الطلاب داخل كل فصل دراسي ، كمدارس ادارة الخصوص التي كانت تعاني من ازمة الكثافة الطلابية خلال السنوات الماضية ، التزامها بقرار الوزارة بخفض الكثافات الطلابية، وأن قوائم الفصل بها لا تتعدي عدد ال50 طالبًا، فضلا عن التزامها لتطبيق نظام الفترات داخل المدارس وفي ذات السياق، قام قيادات ووكلاء وزارة التربية والتعليم علي مستوي كافة المحافظات بجوالات مكوكية علي المدارس لمتابعة تنفيذ قرارات الوزارة في خفض الكثافات الطلابية ، تنفيذا لتعليمات وزير التعليم، مع افادة الوزارة بتقارير الجوالات الميدانية مصورة لكثافات الفصول، والقوائم المعلقة باسماء الطلاب، ليثبت بذلك الوزير عبد اللطيف، نجاحه في اول اختبار صعب وهو مواجهة أزمة الكثافات الطلابية .