أثار مشروع القانون الذي أطلقه عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية المصرية، فقد تقدموا بوضع دراسة تحت عنوان "دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات المدنية في مصر" لإلغاء قانون الطوارئ المفروض منذ عام 1981 وضمان نزاهة وشفافية الانتخابات خاصة أن مصر مقبلة علي انتخابات مجلس الشعب والرئاسة وتضمن المشروع إنهاء عمليات الاعتقال العشوائية والتعذيب داخل السجون.. ومن ناحية أخري طالبت إدارة الرئيس أوباما بضرورة توفير تمويل يتيح وجود مشرفين دوليين ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق الديمقراطية وضمان نزاهة الانتخابات. انتقد حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، التدخل الأمريكي في التشريعات المصرية، مؤكدا أننا ضد إصدار قانون يأتي من خلال المشرع الأمريكي، كما أن مجلس الشيوخ يتمثل عمله فقط في إصدار التشريعات الأمريكية وليس من حقه إصدار التشريعات للدول الأخري، مشيرا إلي أن مطالب الديمقراطية هي مطالب شعبية وليست مطالب خارجية وجميع القوي السياسية تسعي إلي إلغاء قانون الطوارئ وتحقيق الشفافية في الانتخابات، معتقدا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعي إلي ابتزاز الحكومة المصرية، ولكنها في واقع الأمر لا تريد أن تحقق ديمقراطية حقيقية، مؤكدا أن الديمقراطية لن يحققها إلا الشعب المصري دون تدخل خارجي، داعيا إلي وجود رقابة دولية لضمان نزاهة الانتخابات، وتكون تلك الرقابة من دول مختلفة ولا تشمل دولة بعينها، مؤكداً علي ضرورة التمييز بين الرقابة علي الانتخابات وبين تدخل في الشئون الداخلية للوطن، الأمر الذي لن يقبله أحد من القوي السياسية والشعوب العربية. ويري النائب حمدي حسن عضو مجلس الشعب ، أن الإدارة الأمريكية تتدخل في السيادة المصرية منذ قديم الزمان، ويجب علي الحكومة المصرية أن تصرخ ضد هذا التدخل الأمريكي، وأن تتعامل معها، مؤكدا أن الإدارة الأمريكية هي التي تدعم لحالات الطوارئ المطبقة منذ عام 1981، وهي أيضا من دعمت مصر في قضايا التعذيب في السجون، وهي من أسهمت في استمرار التزوير في الانتخابات سواء كانت انتخابات برلمانية أو رئاسية، معتقدا أن الإدارة الأمريكية من أكبر المساهمين في دعم الديكتاتورية في مصر، منتقدا ادعاءها الحالي في بحثها عن الديمقراطية، مؤكدا أنها تبحث عن مصالح أخري لها والتي لن تكون لصالح الشعب المصري، واصفا أمريكا بأنها تتحدث بلغة المصالح وليس بلغة المبادئ والقيم، لافتا إلي أن الحكومة المصرية تسعي في المرحلة المقبلة إلي امتصاص الضغط الواقع عليها بالموافقة علي مثل هذه القوانين. فيما اعتبر جمال أسعد، الناشط السياسي، أن العولمة هي من وضعت أمريكا في المقام الأول وسمحت لها بالتدخل في جميع الشئون الداخلية الخاصة للوطن، منتقدا موقف المعارضة المصرية والتي ترجع كل الأمور إلي الخارج ليكون بديلا للنضال السياسي الحقيقي علي أرض مصر، مؤكدا أن التغيير والإصلاح السياسي لن يقعا إلا من خلال الشعب المصري والنضال الحقيقي لجميع القوي السياسية، إلا أن هناك بعض الفصائل المعارضة تسعي لتدخل أمريكا لحل الأزمات الحالية وبالاستقواء بالكونجرس الأمريكي والتقليل من شأن المعارضة المصرية التي لا تريد أن تدفع ثمن حريتها في ظل وجود حكومة تعتبر المعونة الأمريكية هي طوق النجاة بالنسبة لها، وبالتالي تخضع إلي جميع القرارات الأمريكية. وأكد أسعد أنه لاتوجد دولة في التاريخ تسعي لبناء دولة أخري من أجل "سواد عيونها"، بل إنها تسعي إلي تحقيق مصالحها الخاصة داخل هذه البلاد وعندما تتدخل أمريكا في الشأن الداخلي وتدعي أنها تسهم في نشر الديمقراطية فإنها تسعي إلي تحقيق مصالحها الشخصية وليس لصالح مصر التي تحاول أن تحسن وجهها بادعاء أننا نظام ديمقراطي، في حين أننا أصبحنا نظاما ملاصقا ل"أمريكا" يلبي جميع قراراتها، إلا أن من يدفع الثمن الحقيقي هو الشعب المصري المقهور الذي وقع بين إشكاليين.. الأول: هو وجود نظام خاضع إلي أمريكا، والثاني: هو وجود معارضة تخشي أن تدفع ثمن حريتها. فيما قال عمرو ربيع هاشم، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: ليس كل أمر تنفذه أمريكا يكون ضد المصالح المصرية، مشيرا إلي أن المشروع المقدم من مجلس الشيوخ الأمريكي يأتي لصالح حقوق الإنسان ولمصلحة المواطن المصري الذي عاني من تطبيق قانون الطوارئ وجود تعذيب داخل السجون والمعتقلات، مؤكداً أنه علي رغم أن المشروع يكون تدخلا في السياسة المصرية فإن الحكومة المصرية هي المقصر الأول تجاه ما يحدث. لافتا إلي ما نعان من عدم وجودتداول للسلطة وضعف المشاركة السياسية، وبالتالي فإن المشروع المقدم يأتي إلي مصلحة المواطن المصري، واصفا المشروع بأنه "تدخل إيجابي" يقدم عددا من المصالح للشعب المصري. وأكد علي ضرورة استثمارتلك المبادرة، مؤكدا أن أمريكا تسعي إلي تحقيق مصالحها الشخصية الممثلة في تطبيق أجندتها الخارجية، إلا أن تلك الأجندة تأتي لصالح الحقوق المصرية، داعيا إلي وجود إشراف دولي وليس رقابة دولية، مرجعا ذلك إلي أن الرقابة يوجد بها تزوير إلا أن الإشراف الدولي يكون أدق من الرقابة، لأنه بعد الانتخابات منذ إعداد الجداول حتي إعلان النتائج. وأكد البرلماني حسين إبراهيم، أن المشروع المقدم من مجلس الشيوخ الأمريكي لم يقدم جديدا، مرجعا ذلك إلي أن المطالبة هي نفس المطالب المصرية والتي أجمعت عليها جميع القوي السياسية وجميع طوائف الشعب المختلفة، والتي قاموا بالتوقيع عليها ووصلت إلي آلاف المواطنين الموقعين علي ضرورة التغيير، مؤكدا أن إلغاء الطوارئ وضمان نزاهة وشفافية الانتخابات وانهاء عمليات الاعتقال العشوائية، لن تأتي من خلال المطالب الأمريكية، لأن الذي سيقوم بتنفيذها هو الشعب المصري والقوي السياسية المصرية، داعيا الحكومة إلي ضرورة أن تنفذ تلك المطالب دون التدخل الأجنبي أو السماح لأحد بالتدخل في السيادة المصرية، مشيرا إلي أن انتخابات الشوري الأخيرة شهدت تزويرا و"مهزلة" - علي حد وصفه - من قبل المراقبين علي الانتخابات، ومن خلال اللجنة العليا التي لم تشرف عليها، حيث إن من قام بالإشراف عليها هو الحزب الوطني، وبالطبع جاءت لصالحه، مشددا علي ضرورة التزام الحكومة المصرية في توفير معايير الشفافية لتكون الانتخابات تحت رقابة المجتمع المصري قبل أن تكون تحت رقابة الأجانب.