فقدت الأغنية الوطنية بريقها القديم، فبعد أغاني "ياحبيبتي يامصر"، "وأحلف بسماها وبترابها"، وغيرها من الأغاني التي تربت عليها أجيال من المصريين، نجد الساحة الغنائية حالياً تعج بالكثير من الأغاني التي يقال عنها وطنية، لكنها ليس أكثر من ركوب للموجة وللحالة الثورية التي تمر بها البلاد، وأيضاً تعتبر مجرد تواجد عابر للمطرب في زحمة الأغاني، ومؤخراً استغل العديد من الفنانين ثورة 30 يونيو وإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين لينطلق سيل من الأوبريتات والأغاني المنفردة لتأييد الجيش. منذ أيام قليلة شارك الممثل محمد رمضان في أوبريت غنائي "بسم الله"، حيث شارك رمضان في الغناء تقديراً لدور الجيش والشرطة في حماية الشعب، ورغم مسايرة الممثلين لموجة الأغاني الوطنية، إلا أنها تعتبر مجرد ظهور على الشاشة بعد حالة الركود الفني والسينمائي في الفترة الأخيرة، وشارك في الأوبريت مجموعة من الممثلين أبرزهم أحمد بدير، وأحمد راتب. بينما عاد المطرب حلمي عبد الباقي إلى الساحة الغنائية من جديد بعد غياب أربع سنوات، بأوبريت "مش دي البطولة "، حيث رأى عبد الباقي أن الفترة الحالية أنسب وقت للعودة إلى الجمهور من خلال أغنية وطنية تلهب الحماس الثوري ويتفاعل معها الجمهور، لكن حسابات النجم كانت خاطئة ولم يتذكر الناس كلمات الأغنية من الأساس. أيضاً هناك أوبريت بعنوان "مصر لكل المصريين"، بمشاركة الفنان الشعبي أحمد العيسوي، ومجموعة من المطربين الشعبيين منهم التوأمين علي وهشام، غرام، حنين، عبده نجيب وشيماء السعيد، اعتقاداً منهم بأن الأغنية الوطنية سوف تغير نظرة الجمهور لما يقدمونه هؤلاء الفنانون من كليبات لا تتناسب مع الذوق العام. وكذلك أوبريت "إيد واحده" غناء المطرب مدحت صالح، إيهاب توفيق، ريهام عبد الحكيم، وغادة رجب، لكن تميمة النجاح لم تصل إليه، وأصبح مثل غيره من الأغاني يسمعها الجمهور لمرة واحدة فقط. وكعادته لم يتخلف الفنان الشعبي شعبان عبد الرحيم عن التواجد الوطني في المناسبات، فالرجل الذي غنى سابقاً أغنية تمدح رجاحة عقل الدبلوماسي السابق عمرو موسى، وأيضاً للفريق أحمد شفيق لدعمه في سباق المنصب الرئاسي، قام مؤخراً بالمشاركة في غناء أوبريت لوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع بعنوان "فوضناك"، وشاركه مجموعة من المطربين منهم، محمود الليثي وحجازي متقال. لكن النحاج الأكبر كان من نصيب أوبريت الفنان مصطفى كامل صاحب "تسلم الأيادى"، الذى استطاع من خلاله إعادة الروح للأغنية الوطنية بعد إندثارها لسنوات طويلة، حيث ردَّدها الكبار قبل الصغار في الحفلات والأفراح، وأيضاً في التظاهرات المناهضة للإخوان المسلمين، وحفظها الجميع عن ظهر قلب، وشارك في الأوبريت مجموعة من المطربين منهم، إيهاب توفيق، خالد عجاج، غادة رجب، سمير الإسكندراني ، حكيم. وهناك أيضاً بعض المطربين ابتعدوا عن الغناء لثورة 30 يونيو والجيش، وقاموا بالغناء للدستور الجديد، ومطالبة المصريين بالذهاب إلى صناديق الاقتراع للموافقة عليه، حيث طرح المطرب عمرو مصطفى مؤخراً أغنية تشجع المصريين بالمشاركة في التصويت على الدستور، بعنوان "إنزل وشارك"، بمشاركة مجموعة من الأطفال. الموسيقار حلمي بكر قال: إن مصر تمر بمهزلة في سوق الأغنية الوطنية، وللأسف لم يعد حدثاً وطنياً إلا ونجد جميع المطربين يتهافتون على الغناء للحدث، وللأسف أثرت هذه الأغاني على الجمهور بشكل سلبي كونها ليست وطنية ولن ترتقي إليها يوماً ما، نظراً لأنها أغاني اللحظة وينساها المطرب والجمهور سوياً، وأكد أن كل الأغانى التي تسمى وطنية الموجودة على القنوات تسيء إلى الأحداث العظيمة التي وقعت منذ عام 2011، وبعضها شوّه الثورة كثيراً، فمثلاً: لا يوجد تعليق عندما يغني مطرب مقطع ينال سخرية واستهزاء الجمهور بعنوان "شهداء 25 يناير راحوا في أحداث يناير"، كون القائمين عليها لم يراعوا اختيار الكلمات والألحان، وكثير من المطربين أو أشباه المطربين ينتظرون مثل هذه الأحداث من أجل التواجد على الساحة الفنية. بينما يرى الموزع أحمد عادل أن الساحة الغنائية لابد أن تتفاعل كثيراً مع الأحداث السياسية التي تمر بها البلاد، نظراً لأن الفن جزءاً لا يتجزأ من الدولة المصرية، ورغم وجود أغانٍ وطنية ليست على مستوى الحدث، لكن هناك أعمالاً استطاعت التأثير على الناس مثل أوبريت "تسلم الأيادي" الذي أعاد للأغنية الوطنية رونقها بشكل عصري. ويرى الناقد الفني طارق الشناوي، أن مطربي الجيل الحالي فقدوا الاحساس بمعنى الأغنية الوطنية، وأصبح الشعراء يتلاعبون بكلماتهم على الدماء والقصاص وحق الشهيد حتى تكون الأغنية مؤثرة على الجمهور، لكن ليس هذا هو معنى وقيمة الأغنية الوطنية، وتابع بعض المطربين يرون أن حصول المنتخب القومي لكرة القدم على بطولة إفريقيا منسابة لإطلاق أغنية وطنية، وأكد أن مصر تعيش لحظات ثورية رائعة ومن السهل جداً على الشعراء الغوص في أعماق الكلمات لخروج أغنية وطنية جديدة عن ثورتي مصر تستمر لعشرات السنين، خاصةً وأن الحدث الوطني موجود وعلى الشعراء أن يكونوا على مستوى هذه الأحداث.