تقول د.ماجدة فهمي أستاذ علم الاجتماع: بالفعل أصبحت استعانة السينما بألفاظ لا تليق أن تظهر علي شاشة السينما المصرية التي هي تاريخ للسينما العربية بأكملها ظاهرة ملموسة، خاصة في الفترة الأخيرة، وللأسف بعض القائمين علي هذه الأفلام يأخذ حجة رغبة الجمهور في الاستماع لهذه اللغة وتداولها في الأعمال حتي تكون قريبة منهم ومن حياتهم وأنا أعتبر هذا الكلام كلامًا فارغًا وحجة واهية، لأننا لو افترضنا أن الجمهور يريد ذلك وهذا خطأ، فدوري كإعلام أن أصحح له هذه الرؤية وأن أغير سلوكه للأفضل وللأحسن ليصبح سلوكه مقبولاً ومحترمًا فالإعلام خاصة السينما قادرة علي تشكيل فكر أهم فئة في المجتمع وهم الشباب والذين يعتبرون أكثر مشاهدي السنيما وأكثر تشربًا لكل ما يقدم لهم، خاصة إذا كانوا يحبون ممثلاً معينًا ويعتبرونه رمزًا في كل شيء في الحياة وموديلاً لكل تصرفات الإنسان النموذجي والمثالي فعلي الفور يبدأ في الإيمان به وبتصرفاته وطريقة تفكيره وطريقة كلامه، فما بالك إذا كان هذا النموذج الذي يحتذي به يقدم حياة إنسان مستهتر يتفوه بكلام خارج بحجة أننا نقدم أفلامًا واقعية، لأن المجتمع المصري لن يقتصر علي هؤلاء فقط، بل يحتوي علي جميع الفئات المحترمة التي ترفض أن يكون مثلاً أعلي لأبنائها ما يقدم في هذه الأفلام، وللأسف فالقائمون عليها قد قاسوا الرأي العام والواقعية بمنطقهم هم وليس بمنطق الجمهور ولا يعلمون خطورة ما يقدمونه بدورهم كإعلاميين والذي إذا تفهموه جيدًا لقدموا أدوارًا إيجابية تساعد المجتمع في التخلص من كل سلبياته. أما د.محمد سيد خليل أستاذ الطب النفسي جامعة عين شمس فيقول : نحن نعاني بلا شك من مشكلة كبيرة في السينما والقائمين عليها، وهي الخلط الذي حدث بين مفهوم السينما الواقعية والروائية والتسجيلية وكان نتاج هذا الخلط التدهور في مستوي الأخلاق والأدب الذي يقدم، بالإضافة إلي وجود السينما الحمراء وهي سينما الدم والتي أصبح كل التركيز عليها الآن باعتبار أن واقعنا أصبح كله عنف ودم مع العلم دور السينما أيضًا تقدم الإيجابيات بجانب السلبيات بشكل منظومي متكامل مثلما كان يحدث في أفلام المخرج الراحل صلاح أبو سيف الذي يعتبر مخرج الواقعية فكان يقدم لنا حالة فنية بإيجابياتها وسلبياتها بدون أية مبالغة ولا جرح مشاعر من صور الدم والعنف ولا خدش حياء، فالمفروض أن نرتقي بمشاعر الناس بدون المزايدة علي الألفاظ البذيئة والتي نراها في الأفلام الآن، في حين أن الناس ترفض ذلك تمامًا لأننا لا نعرف ماذا يقول الفيلم قبل أن نراه، وأنا أري أن السينما هدفها الحقيقي هو تحريك المشاعر من خلال عمل إبداعي، لكن الآن أصبحوا يجرحون المشاعر بدلاً من تحريكها فأنا أطالب بجهة قضائية تقف أمام هذه الأعمال التي تؤذي مشاعر أسرة تذهب للسينما لكي تستمتع ثم تفاجأ ببحر هائل من الألفاظ والإيحاءات الجنسية والمشاهد العنيفة لأنها بذلك كذبت علي الجمهور وضللته وأذته بدلاً من أن تمتعه وأن تقدم له رسالة فنية إبداعية. أما د.علي الشخيبي أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس فيقول : أنا ضد فكرة أن الجمهور عايز كده لأن من هم الجمهور الذين يعطوا رأيا يؤخذ به في مصير سينما أفلام تحمل اسم مصر هل هو جمهور الشارع أم المثقفين لا أعتقد أنهم المثقفون بل هم فئة معينة من المفروض ألا يؤثر رأيها في المجتمع ككل، كالمجتمع المصري القائم علي العادات والتقاليد فأري أنه للأسف ما يقدم في السينما الآن ما هو إلا تفاهات لأبطال لا يصلحون أن يكونوا مثلاً أعلي لأي ابن أو فتاة من أبنائنا، فكيف يكون البطل رجلاً راقصًا وهو يشرب المخدرات أو بطلاً يحمل سيوفًا وسكاكين وهذه هي طريقة تعامله مع من يحيط به، لكن للأسف البيزنس أصبح يسيطر علي عقول المنتجين والمخرجين والفنانين وأصبحت الإيرادات هي الأهم بالنسبة لهم، لكن مع العلم أن هذه الأعمال لا تمكث في السينما كثيرًا بعكس الأفلام قديمًا فقد كانت تظل لستة وسبعة أشهر في دور العرض وللأسف أصبحت الحرب من أبنائنا فنحن أنفسنا أصبحنا نحارب لغتنا وحضارتنا باستخدام ألفاظ لا تليق بنا وأنا أذكر أثناء تواجدي في أمريكا في فترة الثمانينيات كنت أشاهد برنامجًا تليفزيونيا يستضيف الممثل الأجنبي جون ترافولتا وهو في قمة نجاحه وفي وسط الحديث اتصل به رب أسرة وقال له: إن أبنائي يحبونك جدًا ويعتبرونك المثل الأعلي فيجب أن تكون قدوة وإذا قدمت أعمالاً تضر بهم أخلاقيا سوف نقاضيك، والممثل تقبل هذا الحديث بمنتهي الحب والذكاء. د.عادل مدني أستاذ الطب النفسي جامعة الأزهريري أن فكرة الرهان علي ذوق الجمهور فكرة خاطئة لأن أي فرد في المجتمع عندما يذهب للسينما لا يريد في النهاية إلا أن يري عملاً فنيا يحمل رسالة يخرج بها من هذا العمل ولا يوجد أبدًا من يريد أن يذهب لكي يستمع لألفاظ جارحة وبذيئة، خاصة عندما يكون ذاهبًا بصحبة أسرته، وللأسف استخدام هذه الألفاظ السوقية يؤدي بنا من السيئ للأسوأ، لأنه يؤكد ويفرض وجهة نظره أن هذه الألفاظ هي التي يستخدمها رجل الشارع في تعاملاته.