اكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إنه لا يجب إطلاق مسمى "الدولة الإسلامية" على تنظيم "داعش" الإرهابي لأنه لا توجد دولة إسلامية بهذا المعنى وإنما توجد دول إسلامية كما اكد الإمام الأكبر أن زعم " داعش" إنشاء دولة للخلافة الإسلامية لا يتفق مع وجهة نظر الأزهر الشريف الذي يرى أن كل دولة – حسب الاتفاقيات الدولية – لها حدود مائية وجوية وعلى أرض الواقع يستحيل إقامة دولة إسلامية تضم جميع الدول الإسلامية اللهم إلا إذا كان هناك اتحاد يضم مجموعة الدول الإسلامية على غرار الاتحاد الأوروبي. وأوضح الإمام الأكبر – في حديثه مع التلفزيون الألماني ونقله بيان لمشيخة الازهر اليوم الاثنين – أن مؤسسة الأزهر الشريف تعلم طلابها أن الإسلام لا يمكن أن ينتشر أو يسود بالسلاح وأن الإسلام دين ينتشر بالحجة والمنطق والإقناع وكان من أراد أن يدخل في الإسلام فليدخل ومن أراد أن يحتفظ بدينه فليحتفظ به والحروب التي حدثت في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – كانت لرد العدوان وليس للهجوم والاستيلاء على أراضي الناس. وشدد الطيب على أن الإسلام ما دخل أي بلد بغرض الاستعمار أو فرض الدين كما يحدث الآن من الحركات المسلحة التي لا يقر الأزهر أعمالها الإجرامية ; انطلاقا من أن الإسلام والقرآن والنبي – صلى الله عليه وسلم – لم يقر ذلك . واتهم الإمام الأكبر – جهات معروفة – بانها تقف خلف تشويه صورة الإسلام وهذه الجهات مدعومة بأموال كثيرة تغري أي إنسان لأن يقول في الإسلام ما يشاءون. وأضاف فضيلته أن الإسلام لا يفرض بالسلاح ولا يجبر أحدا على الدخول فيه وكلمة "جهاد" في القرآن الكريم تطلق على القتال دفاعا عن النفس وعن الأرض والعقيدة والعرض والدعوة إلى الإسلام لا تتم إلا من خلال طرقها التي خوطب بها النبي – صلى الله عليه وسلم – في قوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" النحل: 125 ففي الآية أمر للنبي – صلى الله عليه وسلم – بألا يخرج في دعوته عن إحدى الطرق الثلاث التي تتمثل في الحكمة والموعظة الحسنة والجدال "الحوار" بالتي هي أحسن . وأشار الى انه لا يمكن فرض عقيدة معينة على أحد ; ل أن الإسلام يعلم المسلمين أن العقائد لا تفرض بدليل ما جاء في القرآن الكريم من نحو قوله تعالى: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) الكهف: 29 وقوله جل وعلا: (لست عليهم بمسيطر)الغاشية:22. وتابع فضيلته: إن تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية وراءه دعم دولي كبير; لخلق الفوضى في المنطقة العربية وضرب استقرارها وتغيير جغرافيتها وحدودها وقلب الموازين فيها من خلال توظيف داعش والحركات المسلحة للدين; لخدمة المخططات الاستعمارية الكبرى التي تسعى لخلق شرق أوسط جديد فلو نظرنا إلى ما يحدث في سوريا وما آل إليه الحال في العراق واليمن وليبيا لوجدنا أن الفوضى الخلاقة التي تقف وراءها بعض الأنظمة العالمية قد تحققت على أرض الواقع للهيمنة على المنطقة. وقال الإمام الأكبر أنا لا أتهم هذه الأنظمة ; لأن هذا لم يعد خفيا على أحد كما لم يعد استنباطا أو استنتاجا فهناك كتب مؤلفة تتحدث عن ذلك صراحة مشددا على أن الحركات المسلحة لا تشكل تحديا للأزهر الشريف ولكنها تشكل تزييفا لمنهج الإسلام الوسطي المعتدل ولذلك فالأزهر بصدد الانتهاء من مرصد إعلامي باللغات الأجنبية المختلفة; لمتابعة ورصد ما ينشره تنظيم داعش والحركات المسلحة وترجمته وعرضه على فريق من العلماء الأزهريين المتخصصين للرد على ضلالاتهم ثم ترجمته وبثه في موقع الأزهر الشريف ; لتصحيح المفاهيم المغلوطة والزائفة التي ألصقت بالإسلام والتي اعتمدت عليها تلك الجماعات . وكشف الطيب عن بدء الأزهر النظر في مناهجه بما يتواءم وتصحيح الأفكار الشاذة والمنحرفة التي لم تكن موجودة من قبل حيث أدخل الأزهر في المناهج دراسة مفاهيم الجهاد والحاكمية والتكفير والجاهلية والتي تدرس لأكثر من 2 مليون ونصف طالب وطالبة فيما قبل التعليم الجامعي ; ليكونوا على دراية بخروج هذه الجماعات عن الإسلام. وأرجع الإمام الأكبر ظهور هذه الجماعات المسلحة إلى أسباب عديدة; منها: الإحباطات التي توالت على الشباب والاحتلال الصهيوني لفلسطين والتأخر الاقتصادي والبطالة واحتضان هذا الفكر في الغرب بعد التضييق عليه في بلدانهم بدعوى الحرية. وأكد أن مصر تسير في خطى ثابتة نحو اقتصاد أفضل وخلق فرص عمل للشباب ومؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي لهو أكبر دليل على اهتمام مصر بالاستثمار بحيث تكون هناك فرص عمل كثيرة للشباب. وتابع إن الأزهر والمسلمين أعلنوا للعالم كله تكرارا ومرارا أن الجماعات المسلحة التي تتبنى القتل والإحراق لا تمثل الإسلام ولا المسلمين محذرا من إلصاق هذه الأعمال الإجرامية بالإسلام والمسلمين لأن العالم العربي كله الآن – وهو كتلة موحدة في العالم الإسلامي – مجتمع على محاربة داعش والحركات المسلحة مع أن العالم ليس كتلة واحدة في التصدي للإرهاب مشيرا إلى أن من يعتقد أن داعش قد انفردت بالعالم العربي فاعتقاده غير صحيح فالعالم العربي الآن بدأ في التوحد ولو أنه توحد وتجمع من تاريخ إنشاء جامعة الدول العربية لكان للعرب الآن شأن آخر وموقف آخر مشددا على أن العرب في عاصفة الحزم لم يحملوا السلاح في وجه الشيعة وإنما حملوه ضد الخارجين على الشرعية الوطنية في دولة اليمن وذلك حين استغاث اليمن بالعالم العربي فأغاثهم وتوحد معهم. وأردف فضيلة الإمام الأكبر في حديثه للتليفزيون الألماني أن تجديد الخطاب الديني يعني تجديد أساليب العرض وتقديم الأولويات ونؤكد أن التجديد فرض إسلامي لكن هناك تحديات جديدة لم نكن نعرفها قبل 20 سنة والجميع لم يكن مستعدا لها وقد كنا مهمومين بتحديات أخرى غير التي ظهرت في هذه الأيام ومن ثم فإننا نعمل على كافة المستويات لمواجهة هذه التحديات وقطعنا فيها شوطا كبيرا. وأوضح الإمام الأكبر – في ختام حديثه مع التليفزيون الألماني -أن الأزهر يعمل بكافة مؤسساته على مستويات عدة لتوعية الناس والشباب من خطورة الفكر الإرهابي والمتطرف وهو – بالتعاون مع كافة المعنيين بالتعليم – سوف يقوم بإعداد مقرر عام يدرس في كل الجامعات والمعاهد والمدارس يبين الفهم الخاطئ للنصوص من قبل الجماعات المتطرف والإرهابية . وأكد أن الأزهر أدى دورا بارزا في توحيد الصفوف عبر بياناته ووثائقه ومشاركته في المؤتمرات الدولية فعلى سبيل المثال عندنا مؤتمر في أبوظبي وآخر في فلورنسا والشهر القادم في لندن وحددنا من يذهب إلى الأممالمتحدة فهذه كلها تحركات على أرض الواقع لإسماع صوت الأزهر للعالم أجمع وخاصة العالم العربي.