يعاني الموظفين حول العالم من الصدمة الأولية للركود الاقتصادي الذى أحدثه فيروس كورونا المستجد ، مع فقدان الوظائف في جميع أنحاء العالم والتي وصلت بالفعل إلى الملايين هذا الأسبوع. ومع تحذير المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا من “أزمة لا مثيل لها” ، تعكس التخفيضات من النمسا إلى الولاياتالمتحدة أعمق ركود اقتصادي منذ ثلاثينيات القرن الماضي، حيث تم تجميد الاقتصادات للتغلب على الوباء. وقال بيتر هوبر رئيس الأبحاث الاقتصادية العالمية في دويتشه بنك إيه جي، لوكالة بلومبرج التلفزيونية: “نرى معدلات البطالة في الولاياتالمتحدة وأوروبا تتقدم بنسب كبيرة للأجيال الشابة ،وهذا أمر غير مسبوق منذ الكساد الكبير من حيث الحجم . “الكساد الكبير” هي أزمة اقتصادية حدثت في عام 1929م ومروراً بعقد الثلاثينيات وبداية عقد الأربعينيات، وتعتبر أكبر وأشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين، وقد بدأت الأزمة بأمريكا ويقول المؤرخون أنها بدأت مع انهيار سوق الأسهم الأمريكية في 29 أكتوبر 1929 والمسمى بالثلاثاء الأسود وكان تأثير الأزمة مدمراً على كل الدول تقريباً الفقيرة منها والغنية، وانخفضت التجارة العالمية ما بين النصف والثلثين، كما أنخفض متوسط الدخل الفردي وعائدات الضرائب والأسعار والأرباح. ورصد تقرير لبلومبرج اليوم، تراجع قوائم الرواتب الأمريكية للمرة الأولى منذ عام 2010 وسط عمليات إغلاق حدود للدول لاحتواء فيروس كورونا . وأشار التقرير إلى أن تزايد معدلات البطالة سيعمل على تكثيف الضغط على الحكومات والبنوك المركزية لتسريع تنفيذ برامج إما لتعويض العمال والموظفين، أو محاولة إقناع أصحاب الأعمال بالصمود حتى يتلاشى الفيروس. وقد يؤدي الفشل في هذه الخطوات إلى المخاطرة بحدوث ركود أعمق أو انتعاش ضعيف يتطلب من صانعي السياسات التفكير في المزيد من التحفيز إلى جانب ماتم إقراره بالفعل. وحذرت منظمة العمل الدولية الشهر الماضي من فقدان نحو 25 مليون وظيفة حول العالم إذا لم تتم السيطرة على الفيروس. ويتوقع الاقتصاديون في جي بى مورجان، أن مقياس البطالة في الأسواق المتقدمة سيقفز بنسبة 2.7 % بحلول منتصف هذا العام 2020، بعد أن بدأ هذا العام حول أدنى مستوى له في أربعة عقود ، وتوقعات بارتفاع معدل البطالة بنسبة 4.6 ٪ في الولاياتالمتحدة و 8.3 ٪ في منطقة اليورو بحلول نهاية عام 2021. ولفت التقرير إلى أن أول لمحة عن الدمار في معدلات التوظيف، ماتم في الولاياتالمتحدة في تقرير العمل الشهري يوم الجمعة ، والذى كشف عن انخفاض التوظيف الشهر الماضي للمرة الأولى منذ عقد . وهذه الأرقام أكثر إثارة للقلق لأنها تغطي فقط بداية الأضرار التي لحقت بسوق العمل في أوائل مارس ، قبل أكبر جولات من عمليات التسريح والإغلاق. وبالتالي، توقعت بلومبرج، أن يكون هناك ضربة أكبر قادمة، في ظل ارتفاع عدد الأمريكيين المتقدمين للحصول على إعانات البطالة إلى رقم قياسي بلغ 6.65 مليون الأسبوع الماضي ، أي أكثر من ضعف الرقم القياسي المسجل في الأسبوع السابق. والمطالبات مجتمعة والبالغة 9.96 مليون في الأسبوعين تعادل المجموع في الأشهر الستة ونصف الأولى من الركود في 2007-2009. وتوقعت شركة جولدمان ساكس جروب هذا الأسبوع أن ترتفع البطالة إلى مستوى قياسي قريبًا بنسبة 15٪ في إسبانيا مع تفشي الفيروس. وأظهر تقرير في أوروبا، أن ما يقرب من مليون بريطاني تقدموا بطلبات للحصول على مدفوعات الرعاية الاجتماعية في غضون أسبوعين ،أي 10 أضعاف المعدل الطبيعي. وأصدر مكتب الإحصاء في البلاد دراسة استقصائية للشركات، كشفت عن تخفيض بنسبة 27٪ في عدد الموظفين على المدى القصير. وسجلت أسبانيا إرتفاع قياسي في طلبات إعانة البطالة، والتي يبلغ معدل البطالة فيها تقريبًا 14 ٪ من بين أعلى المعدلات في العالم المتقدم”. و قفزمعدل البطالة في النمسا إلى 12 ٪ ، وهو أعلى مستوى منذ أعقاب الحرب العالمية الثانية. من جانب أخر تقدمت 470.000 شركة بطلب للحصول على دعم للأجور من الدولة الألمانية في مارس – وهو رقم من المرجح أن يستمر في الارتفاع . وسارعت الشركات الفرنسية أيضًا إلى الاستفادة من المساعدة الحكومية لإبقاء العمال على رواتبهم .