لم تكن حادثة دخول المعتقل الفلسطيني «محمد علان» المضرب عن الطعام في السجون الإسرائيلية في حالة غيبوبة، ويخوض إضراباً عن الطعام منذ أكثر من شهرين احتجاجاً على وضعه في الاعتقال الإداري منذ أكتوبر الماضي، هي الأولى ولن تكون الأخيرة في ملف القهر والتعذيب الإسرائيلي للفلسطينيين، إنما هي صفحة مفتوحة للتمييز العنصري في الأراضي المحتلة. وزارة الخارجية الأمريكية نفسها نشرت تقريرها السنوي المتعلق بحقوق الإنسان في أنحاء العالم متضمناً بشكل موسع إسرائيل وقطاع غزة والضفة الغربية، مظهراً تعرض الأسرى الفلسطينيين لسوء المعاملة من قبل إسرائيل. وتطرق التقرير إلى ارتفاع عدد المعتقلين الإداريين الذين وصل عددهم إلى 459 أسيراً فلسطينياً، وكذلك الظروف القاسية التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية على خلاف الظروف العامة للسجون في العالم، من ناحية العزل والاكتظاظ والزيارات والخدمات الطبية وغيرها، في حين تتعامل السلطات الإسرائيلية مع المستوطنين واعتداءاتهم على الفلسطينيين في الضفة الغربية بشكل مختلف، من ناحية الاعتقال والتحقيق وكذلك العقوبة. وأشار التقرير إلى مطالبة اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، التي رأت أن ظروف اعتقال النساء الفلسطينيات في سجن «هشارون» غير مناسبة، من ناحية ظروف السجن ووضعهن في الحبس الانفرادي ومشاكل النظافة، كذلك عدم الحصول على الخدمات الطبية والتعليم وعدم الاكتراث اتجاه الاحتياجات الدينية، وذكر التقرير أن إسرائيل قامت بوقف كافة الزيارات للأسرى الفلسطينيين. كما سجل التقرير العديد من الخروقات لحقوق الإنسان من قبل إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتطرق التقرير للتحقيقات التي تجريها إسرائيل حول الخروقات التي يقوم بها الجيش والشرطة وعناصر الأمن ضد الأسرى الفلسطينيين، حيث أغلقت العديد من ملفات التحقيق بدعوى النقص في التحقيقات وعدم وجود ما يستدعي إخضاعهم للمحكمة، كذلك تطرق التقرير لاعتقال الأطفال الفلسطينيين وخضوعهم للمحاكم العسكرية وفقاً للقانون العسكري، في الوقت الذي يعيش البعض منهم ضمن القانون الإسرائيلي ولا يتم تطبيق لوائح هذه القوانين عليهم «المقصود هنا القدسالشرقيةالمحتلة». وفى ذات السياق، كرر خبيران للأمم المتحدة بمجال حقوق الإنسان دعوتهما إسرائيل لوقف تقنين عمليات التغذية والعلاج الإجباريين للسجناء الأسرى والمحتجزين المضربين عن الطعام، في حين صدّقت إسرائيل على مشروع قانون يتهم بالإرهاب لجان الصدقة والجمعيات الأهلية التابعة لحركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي. وبالتزامن مع استمرار مناقشة الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي مشروع قانون يسمح بالتغذية الإجبارية للمضربين الأسرى عن الطعام في السجون، جدد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب والمعاملة القاسية خوان منديز مطالباته إسرائيل بوقف هذه الممارسات. وحذر «منديز» من أن ذلك سيؤثر في المقام الأول على الأسرى الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل ومنهم المحتجزون إدارياً، مؤكداً أن الإطعام الإجباري للمعتقلين يرقى إلى المعاملة القاسية واللاإنسانية. وفي الوقت نفسه، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الصحة داينيس بوراس: إن التغذية الإجبارية لن تكون متوافقة مع معايير حقوق الإنسان. وطالب الخبيران الأمميان إسرائيل بالبحث عن بدائل، مؤكدين أن إنهاء الإضراب عن الطعام يكون بحل المشكلة التي يحتج عليها المضربون وليس بإجبارهم.