سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أمين اتحاد المستثمرين العرب ل"الوفد": السفير جمال بيومى : مصر مؤهلة لقيادة المنطقة تجارياً وعربياً والاستثمار الأجنبى هو الحل
الاتفاق مع الاتحاد الأوروبى ضاعف صادراتنا ثلاث مرات وساعد على نمو الإنتاج
الخوف أساس البزنس. مُنذ ضخ أصحاب الأموال استثماراتهم فى مشروعات جديدة والخوف زائر مُتكرر يصطدم بطموحاتهم وأحلامهم وخططهم المستقبلية. خوف من تقلبات الأحوال، من تغير القوانين، من سقوط أنظمة وصعود غيرها، خوف من اللااستقرار واللاقانون واللادولة. هكذا كان حال الاستثمار فى السنوات الثلاث التالية على الربيع العربى، وهو بالطبع حال الاستثمار فى مصر، والذى رغم استرداد مصر فى 30 يونية لم يعد لسابق عهده. وفى ظل ذلك التوتر تتوالى مطالب صناعيين ورجال أعمال بضرورة تقييد الاستيراد، وإعادة النظر فى اتفاقات التجارة الحرة التى عقدتها مصر، مع الكثير من الدول، ولاشك أن اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية واحدة من تلك الاتفاقات. بهذه الأفكار تحاورت مع السفير جمال البيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق وأمين عام اتحاد المستثمرين العرب. إن الرجل يحمل آراء لا يخشى أن يطرحها حول اتفاقية المشاركة والعلاقة مع الاتحاد الأوروبى وبيئة الاستثمار فى مصر والعالم العربى. إن كثيرين لا يعلمون أن جمال بيومى دمياطى أصيل يعرف قدر الصناعة حيث شبَ صغيراً على مشاهد ورش الأثاث والمنتجات الخشبية الحرفية السائدة فى تلك المدينة. ولا يعرف كثيرون أن الرجل كان مقبلاً على الفن، مُهتما بالمسرح، وأنه دخل الخارجية بناء على نصيحة الفنان يوسف وهبى عام 1961. إنه يطرح تصوراته فى التجارة، بنفس السمو الذى يُميز روحه المُنغمسة فى الفن والهاوية للمسرح والأدب. بشفافية، وبصراحة، ودون حسابات. كيف ترى كأمين لاتحاد المستثمرين العرب، حال الاستثمار العربى والأجنبى فى مصر؟ - بالطبع مازالت المؤشرات أقل كثيراً من الاستثمار قبل ثورات الربيع العربى. إن هُناك أحاديث عديدة عن مشروعات يتم التخطيط لها، لكن أعتقد أن معظم المستثمرين مازالوا ينتظرون انتخابات مجلس الشعب وصدور التشريعات الجديدة المُحسنة لمناخ الأعمال. وبشكل عام فإننى متفائل، وآمل أن تعود المؤشرات لما كانت عليه خلال عهد الرئيس مبارك وتصورى أنه رغم أى انتقادات يمكن توجيهه له فقد كان هناك نسق واستراتيجية واضحة ويكفى أن نشير إلى أن مصر حققت عام 2007 ما يقرب من 14 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة. يهاجم البعض الاستثمار الأجنبى ولا يعتبرونه داعماً للاقتصاد الوطنى.. ما تعليقك؟ - فى البداية علينا أن نسأل أنفسنا هل نحن دولة تسعى بالفعل نحو النمو أم لا؟ إن كنا نسعى للنمو فلابد من فتح الباب بقوة للاستثمار الأجنبى لأنه الأقدر على توفير فرص عمل جديدة. وأتصور لو نجحت مصر فى تحقيق معدل نمو 8% لعدة سنوات متتالية فإن معظم مشكلات مصر الاجتماعية ستتلاشى. وفى تقديرى أن هناك ثلاثة مصادر للاستثمارات الأجنبية أولها استثمارات المصريين العاملين بالخارج، وهناك رقم مفاجئ أخبرنى به وزير الاقتصاد الألمانى مارتن باجمان هو أن استثمارات المصريين فى الخارج تقدر بنحو 180 مليار دولار. لقد كان الرجل مندهشاً أننا نبحث عن مستثمرين أجانب ولدينا مستثمرون مصريون عظماء فى مختلف دول أوروبا وأمريكا. ثانى مصادر الاستثمار الخارجى هم العرب، وأنا كأمين عام لاتحاد المستثمرين العرب أستطيع أن أقول لك إن العرب لديهم تريليون و600 مليار دولار استثمارات خارج العالم العربى. وثالث المصادر هى دول أوروبا والولايات المتحدة وميزة هذا النوع من الاستثمار أنه يساهم فى نقل تكنولوجيا متطورة عند دخوله إلى مصر. أنا غير قلق على مستقبل مصر الاقتصادى لعدة أسباب، أولها أن مصر أكبر سوق فى المنطقة وثالث اقتصاد بين الدول العربية ويوجد فيها أكبر عدد من المتعلمين والكوادر المهنية المدربة. الآن بعد مرور عشر سنوات على توقيع اتفاقية المشاركة الأوروبية. كيف يمكن تقييم نتائجها؟ وهل لو عاد بك الزمن مرة أخرى كُنت ستقبل التفاوض والتوقيع على الاتفاقية؟ - نعم بكل تأكيد. هذا أفضل نص وصلنا إليه كاتفاق تجارى. ومنذ بدأنا التفاوض وهناك حملات منظمة ضد الاتفاق، لكن العبرة فى النتائج. والآن بعد مرور عشر سنوات على توقيع الاتفاق يمكن أن نقول إن صادراتنا إلى الاتحاد الأووربى تضاعفت أربع مرات من ثلاثة مليارات دولار إلى 12 مليار دولار، كذلك ارتفعت الصادرات بشكل كامل لتصل إلى أكثر من 22 مليار دولار وهو ما ساعد على نمو الإنتاج الصناعى وتضاعف العمالة الموجودة فى القطاع. إن البعض يطالب الآن بإلغاء الاتفاق.. كيف ترى ذلك؟ - لو كانت الاتفاقية مؤامرة فلماذا لا تقوم الدولة بإلغائها؟ لو كانت نتائجها السلبية أكبر من نتائجها الإيجابية لِمَ لا تقرر الحكومة وقف العمل بها؟ إن أى اتفاق يخضع للتقييم والتعديل وإعادة التفاوض. إننى أذكر أن الرئيس الفرنسى جاك شيراك قال لى وقت المفاوضات بعد أن سمع باعتراضات لبعض رجال الأعمال على الاتفاقية إنه يستطيع أن يقنع الرئيس مبارك بضرورة التوقيع على اتفاق الشراكة الأوروبية، فقلت له إننى إذا لم أستطع أن أقنع رئيس بلدى بجدوى الاتفاق فإن الاتفاق لا جدوى منه، وهو ما دفعنى إلى اطلاع الرئيس وقتها على تفاصيل الاتفاق. لكن لماذا أثير كثير من الاعتراضات وقتها، وما قصة رفض بعض الوزراء الاتفاق؟ - لقد عقدنا جلسات طويلة وتم وضع 19 صياغة للاتفاق وهى أفضل ما وصلنا إليه وكان معى ممثلو 26 وزارة و4 ممثلين للقطاعات الصناعية والتجارية. ودخلنا فى تفاصيل كل شىء، وعندما انتهينا إلى الصيغة شبه النهائية كان الدكتور يوسف بطرس غالى وزيراً للاقتصاد والتجارة الخارجية وقتها يرغب أن يوقع هو الاتفاق باعتباره وزيراً مسئولاً، وعقد الرئيس مبارك معنا اجتماعا بحضور جميع الوزراء وكنت جالساً فى الصف الأخير وطلب الرئيس من الوزراء تقديم آرائهم وفوجئت بيوسف بطرس غالى وزير الاقتصاد يقول إن الاتفاق بصيغته مقبول ولكن بشرط أن تكون قواعد المنشأ هى نفس القواعد التى وصلت إليها تونس، وأن تحصل مصر على المساعدات المالية من الاتحاد الأوروبى نقدا. وقلت بصوت هامس «غير صحيح» فوجدت اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات الأسبق إلى جوارى يقول لى: تكلم ورد. وقمت وقلت للرئيس إن وزير الاقتصاد لم يقرأ الاتفاق جيداً ولو قرأه لعرف أن قواعد المنشأ المصرية أكثر مرونة من قواعد المنشأ التونسية وهى أفضل صيغة تصل لها دولة مع الاتحاد الأوروبى. وقلت أيضا إنه لا يوجد أحد فى العالم من الممكن أن يقدم المساعدات المالية نقدا ولو لديك أحد فأهلاً بهم. واقتنع مبارك بالكلام ثُم طلبنى على انفراد مع عمرو موسى وزير الخارجية وقتها واجتمعنا به وفوجئت بصفوت الشريف قبل الاجتماع يقول إنه سيخرج إلى الصحفيين ويخبرهم أن مصر ستؤجل التوقيع على الاتفاق، وقلت له لا تفعل، وجلسنا مع الرئيس مبارك واقتنع أن مصلحة مصر فى توقيع الاتفاق واقتنع أن يوسف بطرس غالى لم يقرأ الاتفاق جيداً، وقرر إلغاء وزارة الاقتصاد وتعيينه بعد ذلك وزيراً للمالية بعد توسط بعض الشخصيات العامة. ولحقت بصفوت الشريف وقلت له لا تقل ما كنت تريد قوله فقد قرر الرئيس التوقيع على الاتفاق بالأحرف الأولى. لكن، لماذا لم يتم أخذ آراء ووجهات نظر رجال الصناعة فى الاتفاق باعتبارهم معنيين به وسيؤثر عليهم؟ - من قال ذلك. لقد كان ممثل اتحاد الصناعات المصرية معنا، وبالفعل كانت هناك طلبات محددة لرجال الصناعة وتم تعديل نصوص معينة لخدمة الصناعة المحلية، وأذكر أن رجل الصناعة محمد فريد خميس كانت له بعض المطالب فيما يخص صناعة المنسوجات، لكن كانت هناك أيضا طلبات غير منطقية، وكُنا ندرس كل طلب بمنطق المصلحة العامة لمصر. ويمكننى أن أقول إن الصياغة التى انتهينا إليها هى أفضل صياغة فى اتفاقات التجارة التى وقعها الاتحاد الأوروبى مع الدول.