أكد الملك محمد السادس فى كلمته للأمة أن "الأمن والاستقرار هما أساس الإنتاج والثروة، والثقة والمصداقية هما تحفيز الاستثمار، إلا أن هذه المؤهلات لا يظهر لها أثر فى القيمة الإجمالية للدول". وأضاف ملك المغرب أن ظروف المعيشة للمواطن المغربى هى ما يهمه فى المقام الأول، متسائلاً عن شعور المواطن بتحسن فى مستواه المادى سواء كان فى القرية أو المدينة. وقال الملك محمد السادس، خلال كلمته بمناسبة الذكرى الخامسة عشر لتوليه العرش والتى نقلتها شبكة "سكاى نيوز" الإخبارية اليوم الأربعاء: "إننا نبحث دائمًا عن أفضل السبل ليستفيد جميع المواطنين من مختلف الإنجازات التى تحقق البلاد، مشيرًا إلى استخدام الآليات لقياس التطورات الاقتصادية. وأضاف أنهم قاموا بعمل ما يسمى تقرير "الخمسين" لعام 2005 لتقييم الإنجازات وتحديد أوجه الاختلال ومعرفة متسوى التطلعات بهدف وضع سياسة وخطة واضحة للمستقبل. وتابع قائلاً: "والآن، وبعد مرور 15 سنة على تولينا العرش، أرى أنه من واجبى تجديد هذه الوقفة الوطنية، إن الخبراء والمهتمين الوطنيين والدوليين يجمعون على أن المغرب عرف خلال هذه الفترة تقدمًا كبيرًا فى جميع المجالات ولا أحد يستطيع أن ينكر التطور الديمقراطى الذى يجسده دستور 2011 ومنظومة الحريات التى تتمتع بها بلاده". وأشار إلى أنه سبق للبنك الدولى أن أنجز فى 2005 و2010 دراستين لقياس الثروة الشاملة لنحو 120 دولة من بينها المغرب، مبرزًا أنه تساءل باستغراب مع المغاربة بعد الاطلاع على أرقام هاتين الدراستين "أين هى هذه الثروة؟ وهل استفاد منها جميع المغاربة، أم أنها همت بعض الفئات فقط؟". واستمر الملك محمد السادس فى طرح تساؤلاته "ماذا فعلنا بما حققناه من تقدم؟ هل ساهم فقط فى زيادة مستوى الاستهلاك، أم أننا وظفنا ذلك فى تحقيق الرخاء المشترك لكل المغاربة؟ وإلى أى درجة انعكس هذا التقدم على تحسين مستوى عيش المواطنين؟". وأبرز أن النموذج التنموى المغربى قد بلغ درجة من النضج، تؤهلنا لاعتماد معايير متقدمة وأكثر دقة، لتحديد جدوى السياسات العمومية، والوقوف على درجة تأثيرها الملموس على حياة المواطنين المغاربة". فى السياق ذاته، دعا الملك محمد السادس، المجلس الاقتصادى والاجتماعى والبيئى، بالتعاون مع بنك المغرب، ومع المؤسسات الوطنية المعنية، وبالتنسيق مع المؤسسات الدولية المختصة؛ للقيام بدارسة لقياس القيمة الإجمالية للمغرب ما بين 1999 و2013. وأفاد أيضًا أن الهدف من هذه الدراسة ليس فقط إبراز قيمة الرأسمال غير المادى للمغرب، وإنما لضرورة اعتمادها كمعيار أساسى خلال وضع السياسات العمومية، وذلك لتعميم استفادة جميع المغاربة من ثروات وطنهم". وأوضح الملك أنه بما أن قياس الثروة غير المادية، يعتبر آلية للمساعدة على اتخاذ القرار، "فإننا ندعو لأن يشمل الإحصاء العام للسكان، الذى سيتم القيام به ابتداء من شهر شتنبر (سبتمبر) المقبل، المؤشرات المتعلقة بالرأسمال غير المادى للمغرب بمختلف مكوناته". واعتبر أن هذا النموذج المغربى يقوم على تحصين المواطن والمجتمع من نزوعات التطرف والانغلاق والجهل، من خلال حماية المساجد من أى استغلال، باعتبارها فضاءات للعبادة والتوجيه والإرشاد ومحو الأمية. وزاد بأن "هذا النموذج يقوم على توفير تكوين علمى ودينى متنور، متشبع بقيم الوسطية والاعتدال، وبالتلازم بين الحفاظ على الثوابت الإسلامية، ونهج الاجتهاد والانفتاح "بما يجعل قيم ديننا الحنيف فى انسجام مع اختياراتنا الوطنية، ومع توجهات العصر". ولم يفت الملك الإشارة إلى وضع التجربة المغربية فى مجال تدبير الشأن الدينى التى حظيت بالتقدير والاهتمام على المستوى القارى والدولى، رهن إشارة الدول الشقيقة التى تتقاسم مع المغرب التشبث بنفس المبادئ والقيم الروحية، والتى عبرت عن رغبتها فى الاستفادة من النموذج المغربى".