تباينت المواقف واختلفت الطرق لسياسات أمريكا الخارجية، فالدولة الأمريكية التى وقفت يومًا تطالب المصريين بحقوق إرهابيى الجماعة ووقف المذابح ضد الشعب الربعاوى، هى نفسها التى تدعم القصف الإسرائيلى لأراضى غزة وأنفاقها لتطهير أرضها من الإرهاب، لتبرهن للعالم أجمع مدى كذب الشعارات الأمريكية، وميولها الدموية تجاه الشرق بعيدًا عن الحقوق. "بوابة الوفد" رصدت آراء عدد من السياسيين فى تحول ردود الفعل الأمريكية فى الفترة الماضية: أكد أحمد دراج، وكيل مؤسسى حزب الدستور، أن الإدارة الأمريكية تعد فلسطين هى أول أعدائها فى المنطقة العربية؛ لأنها تمثل تهديدًا للوجود الصهيونى فى المنطقة العربية الذى يعد قلبها النابض فى الشرق، وذراعها اليمنى فى قلب العرب. وأضاف "دراج" أن أمريكا ترعى مصالحها فى المنطقة العربية بعيدًا عن كل ما يمت للآدمية بصلة, حتى لو جاء ذلك على دعمها للمذابح الصهيونية التى تشنها إسرائيل فى الوقت الراهن على قطاع غزة، مشيرًا إلى تبدل الموقف الأمريكى حال فض رابعة من موقف إسرائيل من عدوانها على غزة، الأمر الذى يبرز قمة التناقض فى التعامل مع قضايا الشرق بما يتوافق مع مصالحها الشخصية. وأوضح "دراج" أن أمريكا تتبنى موقف الإخوان من التغنى بشعارات لا تؤمن بها، فهى تتاجر بشعارات حقوقية لتجميل صورة أمريكا أمام العالم، مثل الإخوان وإتجارهم بشعارات دينية لتحسين صورتهم أمام الشرق الإسلامى. وقال ناجى الشهابى، رئيس جزب الجيل والمنسق العام لتيار التحالف المدنى، إن تصعيد العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة يُعد وحشية وتصعيدًا غير مبرر, مشيرًا إلى أن مصر كانت تحاول تسوية الأوضاع بين كلا الطرفين، إذ أن الصمت العربى الذى يصل إلى حد التواطؤ هو الذى شجع رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو على توسيع عدوانه الجوى على قطاع غزة. وأكد الشهابى أن مسئولية حماس فى إراقة الدماء الفلسطينية لا تقل مسئولية عن دول أوربا وأمريكا ثم إسرائيل التى تحدت المجتمع الدولى الرافض للعدوان باجتياحها للأراضى الفلسطينية، وطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي, بالضغط على إسرائيل فى محاولة لوقف الهجمات الشرسة التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة, ووقف الاجتياح الذى سيدمر كل أمل للدولة الفلسطينية . وأعرب المنسق العام لتيار التحالف المدنى, أن هدف إسرائيل من نقد المبادرة هو إحراج مصر وجيشها العظيم أمام المجتمع الدولى، ومحاولة إثبات أن مصر لا تستطيع إنقاذ دولة عربية شقيقة وحقن دمائها. طالب جورج إسحاق، المنسق العام لحركة كفاية سابقًا, بطرد السفير الإسرائيلى من مصر اعتراضًا على اجتياح إسرائيل للأراضى الفلسطينية, مؤكدًا أن هذه مهزلة يجب على السلطات المصرية وقفها. وأشار إسحاق إلى أن إسرائيل هى ولاية تابعة للولايات المتحدةالأمريكية، ولا أحد يستطيع إنكار هذا, لذلك فهى تساندها قلبًا وقالبًا, موضحًا أن هناك اتفاقات تدور بالكونجرس الأمريكى تنص على مساندة دولة إسرائيل فى كل قرارتها، مستنكرًا اتصال جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى ببنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى, وحثه بالتركيز على هدم الأنفاق الفلسطينية, قائلاً "إن هذا هو الاجتياح البرى الثانى على مدار سنتين، وتدمير البنية الأساسية لغزة، تعد مهزلة على كافة الأصعدة". وقال وحيد الاقصرى، رئيس الحزب العربى الاشتراكى، إن الموقف الأمريكى تجاه المذابح الإسرائيلية على أراضى غزة هو موقف متوقع ومتكرر، بعد دعمها لمذابح جنوبلبنان من قبل إسرائيل، وصمتها أمام كل ما جرى على الأراضى الفلسطينية فى القرن الأخير. واستنكر "الأقصرى" موقف أمريكا المتناقض تجاه قضيتى فلسطين والإخوان فى مصر، من تبدل الرؤى والكلمات التى طالبوا بها من قبل، مشيرًا إلى أن أمريكا عندما تساند جماعة الشيطان فى إشارة لجماعة الإخوان فلا بد أن تكون لها مصالح معها، وأن تكون قد حددت عملاءها فى الشرق، إلا أنها رضخت أخيرًا عند رؤيتها لإصرار مصر على القيادة الجديدة، فجاء كيرى (وزير الخارجية الأمريكى) وبدأت المفاوضات. ودعا رئيس الحزب العربى الاشتراكى الدول العربية إلى التكاتف وإجبار أمريكا على الاستسلام والبعد عن قضايا الشرق، مثلما فعلت إيران بعلاقاتها مع روسيا وفرنسا، حتى أستطاعت إبعاد أمريكا عن قضاياها وكل ما يخصها من شئون. وأشار "الأقصرى" إلى أن المشاهد الدموية التى نفذتها أمريكا نفسها فى الشرق الأوسط فى سجن أبو غريب بالعراق، هو نفسه المشهد الذى تنفذه إسرائيل الآن بالحرف على أراضى غزة، متهمًا إياها بكذب الشعارات الحقوقية التى تتغنى بها منذ عقود. فيما قال فريد زهران، عضو الهيئة العليا للحزب الديمقراطى المصرى، إن أى رهان على الموقف الأمريكى هو رهان خاسر، فالعلاقات العربية مع أمريكا تبنى على الضغوط وإما على التسول، متعجبًا من آمال العرب فى موقف أمريكا لوقف مذابح فلسطين. وأضاف زهران أنه على الشعوب العربية الآن أن تتحمل نتائج مواقفها السلبية تجاه قضية غزة، التخاذل الذى انقلب على رءوس الأطفال والعزل من الشعب الفلسطينى، حتى وصلنا إلى طريق مسدود لا حل فيه للقضية الفلسطينية سوى تكاتف العرب.