نبهنا فى مقالات سابقة إلى أن البرلمان القادم سوف يكون أسوأ برلمان تشهده مصر عبر تاريخها النيابي، لماذا؟، لأن اللجنة التى وضعت مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية، ومشروع قانون مجلس النواب، فصلت القانونين بفجاجة لكى نخرج من الانتخابات ببرلمان فى مرمى يد وقدم رئيس الجمهورية القادم، الأغلبية فيه أداة تنفذ ما يقرره ويراه فخامة الرئيس الملهم. عملية التفصيل لمشروعى القانونين اعتمدت على مادتين رئيسيتين، إحداهما فى مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية، وهى المادة رقم 2، وهى الخاصة بالأشخاص الذين يتم حظرهم أو السماح لهم بالمشاركة السياسية، وقد سبق وكتبنا عنها، حيث فتحت المادة المجال على مصراعيه للمجرمين والمرضى العقليين والنفسيين والشواذ لكى يترشحوا فى البرلمان والمجالس المحلية، حيث سمح ترزية القانون لمن أسقطت جريمته أو رد اعتباره(قضائيا وإداريا) بالترشح وتمثيل أبناء الدائرة فى البرلمان، وهو ما يعنى أن نرى الحرامى والمومس والمزور وتاجر المخدرات والقواد والمرتشى والنصاب والقاتل والمدلس وقاطع الطريق يجلسون تحت قبة البرلمان يناقشون مشاكل المواطنين ويراقبون قرارات الحكومة ورئيس الجمهورية، هؤلاء المجرمون الذين سبق وقضوا عقوبة لإدانتهم هل من الممكن أن يعارضوا رئيس الجمهورية؟. المادة الثانية التى ابتكرها ترزية القوانين، هى المادة الخاصة تمنح رئيس الجمهورية رخصة تعيين عدد من الشخصيات فى المجلس، وقد جاءت فى مشروع قانون مجلس النواب فى مادتين، الأولى رقم 28، وحددوا فيها نسبة الذين رخص للرئيس القادم تعيينهم، والشروط التى يجب توافرها فيهم: «يجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء فى المجلس لا يجاوز نسبة (5%) من عدد الأعضاء، وذلك لتدعيم تمثيل الخبراء وأصحاب الإنجازات العلمية والعملية فى المجالات المختلفة، والفئات التى يرى تمثيلها فى المجلس وفقًا لأحكام الدستور، وبمراعاة الضوابط الآتية: أن تتوفر فيمن يعين ذات الشروط اللازمة للترشح لعضوية مجلس النواب، ألا يعيّن عددا من الأشخاص ذوى الانتماء الحزبى الواحد، يؤدى إلى تغيير الأكثرية النيابية فى المجلس، ألا يعين أحد أعضاء الحزب الذى كان ينتمى إليه قبل أن يتولى مهام منصبه، ألا يعين شخصا خاض انتخابات المجلس فى ذات الفصل التشريعي، وخسرها». والمادة هنا حسب نص ترزية القوانين ترخص للرئيس القادم بتعيين 30 عضوا وفقا للشروط التى يجب توفرها فيمن يتقدم للترشح، وهو ما يعنى أن لرئيس الجمهورية حرية تعيين المجرمين السابقين، الذين ردوا اعتبارهم، والمرضى العقليين والنفسيين بعد خروجهم من المستشفى، وكذلك من زوروا واختلسوا وبددوا وارتشوا أثناء وظيفتهم وقامت جهة عملهم بفصلهم أو بمعاقبتهم، وذلك بعد مرور أربع سنوات من قرار الفصل أو العقوبة. نترك هذه المادة ونذهب إلى المادة رقم 29، وهى الأخطر والأطرف، حيث قام ترزية القوانين لأول مرة فى تاريخ مصر باستحداث مادة بهذه الفجاجة والسفالة، فقد ساوت هذه المادة بين المجرم المعين والمجرم المنتخب، بين المريض العقلى والنفسى والمزور والمرتشى والمدلس الذى اختاره فخامة الرئيس القادم وبين المومس والحرامى وتاجر المخدرات الذى اختاره أهل الدائرة بكرتونة سكر وزيت وشاى أو بمبلغ مالي، حيث نصت على التالي: «يكون للأعضاء المعينين ذات الحقوق وعليهم ذات الواجبات المقررة للأعضاء المنتخبين بالمجلس». الحقوق هنا ليست كما يتصورها السذج فى الخمسة آلاف جنيه المكافأة الشهرية، ولا فى بدل الجلسات، ولا فى السفر فى الدرجة الممتازة، ولا فى الحصانة، بل يقصد الترزية بالمساواة هنا تولى المناصب داخل البرلمان، حيث من حق المجرم والمجنون والشاذ والمرتشى المعين أن يترشح لمنصب رئيس البرلمان أو منصب الوكيلين، كما يسمح للمعينين تولى رئاسة اللجان، مثل لجنة الأمن القومي، ولجنة التعليم، ولجنة الصحة، واللجنة التشريعية، وغيرها من اللجان، وهنا يكمن بيت القصيد، أعنى أن الهدف من المادة 29 هو تولى رجال الرئيس القادم إدارة البرلمان لحساب الرئيس، رحم الله الأخوين رحبانى(عاصى ومنصور) لقولهما على لسان فيروز: مصر عادت شمسك الذهب تحمل الأرض وتغترب/مصر يا شعبًا جديدا غدٍ صوب وجه الشمس يغترب».